28 - 06 - 2024

نهاية سفاح السويس .. قدمتها السينما المصرية عام 89

نهاية سفاح السويس .. قدمتها السينما المصرية عام 89

حين  سئل السيناريست الراحل أسامه أنور عكاشة ، عن الشخصية المحورية في فيلمه الشهير " كتيبة الإعدام "، أجاب  دون تفكير : فرج الأكتع ، فهو رمز لأخطبوط الفساد ، فلما سئل ثانية عن أسباب اختياره لنهاية مأساوية له قال : اعتبرها أمنية !!

الفيلم  المنتج عام 1989 ، يحكي ، كما هو معروف ، عن عملية سطو على أموال كانت في طريقها للجنود المصريين المحاصرين في السويس ، خلال حرب أكتوبر ، ونظرا لأن شهود العملية قد قتلوا جميعا إلا حسن عز الرجال ، فقد ألصقت التهمة به ، فحكمت عليه المحكمة بالسجن 25 عاما خرج بعدها منبوذا من الجميع ، بينما كانت إبنة أحد زملائه من  الشهداء تنتظره للقصاص منه . في الوقت ذاته كانت نيابة الأموال العامة تترصده – بغشم – حتى يخرج الأموال من مخبأه لتعيدها لخزينة الدولة .

و مع تتابع الأحداث ، تكتشف الراغبة في الثأر ، و الضباط الباحثين عن استعادة مال الدولة ، أن اللص الحقيقي هو فرج الأكتع ، الذي تحول في زمن الانفتاح الي إمبراطور اقتصادي ، فلما وصلت المعلومات للجهات العليا ، تم إغلاق القضية برمتها ، ليتولى  خماسي البطولة, نور الشريف ، معالي زايد ، ممدوح عبدالعليم ، علا رامي ، شوقي شامخ ،  عملية انتقام شعبية تنتهي بقتل الأكتع داخل " سوبر ماركت "، كان يعتبره البصمة التي  أضافها لاقتصاد مصر في عهد الإنفتاح .

مثل ذلك بالضبط ، تبدو قصة " سفاح السويس " إبراهيم فرج ، فقد بدأ حياته قبل حرب أكتوبر  " عجلاتي " ، ثم  واتته الفرصة في زمن الانفتاح ليبدأ رحلة صعود مدوية ، فمن مجرد سائق وسايس يعمل مع أخيه داخل أحد الجراجات بالسويس ، إلى امتلاك هذه السيارات من خلال الأموال التي تم تجميعها في وقت الحرب، وصولا الى السيطرة على احتكار هذه التجارة داخل محافظة السويس وجنوب سيناء.

ولم تقتصر تجارة إبراهيم فرج " سفاح الشهداء " على السيارات فقط ..بل قام بتحويل إدارة مرور السويس إلى أحد أفرعه ، وامتدت الطموحات لتقفز على عقدة مسكنة القديم هو وإخوته، حيث كانوا يعيشون أكثر من عشرة أفراد داخل شقة قديمة مساحتها 50 مترا فقط ,إذ أصر على الدخول في عالم المقاولات وامتلاك العديد من الأبراج السكنية داخل محافظة السويس ، ودخل بالأموال المغسولة لتجارة "المافيا " بجنوب سيناء في عمليات المضاربة بالمزادات ,فيما أدى إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بالسويس إلى أكثر من مثيلتها بالمناطق الراقية بالقاهرة، وتحطمت على صخرته,شركات منافسة ,وتهاوى أمامه جميع المقاولين القدامى الواحد تلو الآخر. 

وأصبحت أملاك إمبراطور السيارات والمقاولات لا تحصى ,والمعروف منها القليل ومن بينها معارض توكيلات "هيونداى" ومعارض مختلفة لعدة توكيلات أخرى بينها بيجو ونيسان وأراض بمنطقة المحروسة وأبراج وقطع اراضي شاسعة بمدينة الشروق 1 و2، إلى جانب أراضي مدينة السلام بالسويس ومعارض للسيارات أخري بمنطقة مصر الجديدة وعباس العقاد ومحافظة الإسماعيلية ،أما الشركات المعلنة والغير معلنة فمنها العديد والتي يشتم منها رائح النفوذ وشراكة الكبار من قيادات بالحزب الوطني، ورغم بخله كما يشاع عنه ,إلا أنه كان سخيا إلى درجة البذخ مع أولياء نعمته ,حزبه المفضل ورجال السلطة.

و عكس نهاية " كتيبة الإعدام "، قاد إبراهيم  فرج  مجموعة من البلطجية  بينهم أبنائه لقتل الثوار في عصر جمعة الغضب الدامية في الثامن والعشرين من يناير ,حيث أطلق النار وشارك وحرض على قتل ثمانية عشر شابا ، متصورا أن ذلك سيحمي النظام من السقوط .

هرب إبراهيم فرج من يد العدالة بضعة أشهر، لف فيها محافظات مصر باحثا عن مأوى ، فلما عجز عاد الى مسكن له في مدينة نصر ، متصورا أن الاجواء ستهدأ مع الوقت ليعود كما كان أو حتى نصف ما كان ، فيضغط على أسر ضحاياه أو  يغريهم بالمال ، ليخرج من القضية  ، لكن توقعاته كانت وهم ، فقد كان أهالي الشهداء يرصدون حركته لحظة بلحظة حتى  وصلوا الي مخبئه ودلوا عليه ,لتكون نهايته المحاكمة . 






اعلان