17 - 07 - 2024

مصر وقطر.. الاستثمارات تزيح خلافات السياسة

مصر وقطر.. الاستثمارات تزيح خلافات السياسة

الدوحة تستثمر مليارات الدولارات في الاقتصاد المصري.. والزيارات المتبادلة تفتح آفاقا جديدة للتعاون.. وخبراء: قطاعات النقل والطاقة بوابات للاستثمار القطري في مصر خلال السنوات المقبلة

شهدت العلاقات المصرية القطرية تقاربًا كبيرًا خلال الفترة الماضية على مستوى القيادات العليا في مجالات عدة، فتحته قمة العلا التي احتضنتها المملكة العربية السعودية في الرابع من يناير 2021، بعدما أزاحت خلافات عدة سنوات بين قطر من ناحية وجيرانها الرباعي الخليجي السعودية وقطر والبحرين والإمارات، وبين قطر ومصر من ناحية أخرى، بعد سنوات من دعم الدوحة لجماعة الإخوان المسلمين، وانتقاد السياسات المصرية منذ ثورة 30 يونيو 2013، واتخاذ قطر مسارًا مغايرًا لدول الخليج إزاء الأوضاع في مصر.

آخر مظاهر التقارب بين البلدين زيارة وزير النقل المصري الفريق كامل الوزير إلى الدوحة، في الثامن عشر من أبريل الجاري، كأول زيارة له منذ توليه مهام منصبه قبل أكثر من ثلاثة أعوام، تلبية لدعوة وزير المواصلات القطري جاسم بن سيف السليطي، لبحث تعزيز التعاون المشترك بين البلدين، في مجالات النقل المختلفة ومناقشة الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

الوزير ركّز خلال زيارته على تفعيل الشراكة بين الجانبين في مجالات النقل المختلفة، وخصوصًا النقل البحري، والتحول لاستخدام وسائل النقل الجماعي المتطورة والصديقه للبيئة، واستعرض تنفيذ مصر لخطة شاملة لإنشاء وسائل النقل الأخضر المستدام الصديق للبيئة. كما بحث مع رئيس الوزراء القطري الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني، سبل تعزيز التعاون بين البلدين وتشجيع الشراكة والاستثمار في مجالات النقل المختلفة، أعقبتها زيارة لميناء حمد واطلع خلالها على سير العمليات التشغيلية في مرافق الميناء، بالإضافة إلى القيام بجولة في مباني ومخازن مشروع الأمن الغذائي، ومركز زوار الميناء.

النقل والطاقة أهم بوابات الاستثمار

يرى الخبير الاقتصادي أحمد أبو سيف، في تصريحات لـ"المشهد، أن قطاع النقل سيكون إحدى البوابات المهمة لضخ استثمارات قطر في مصر، لا سيما بعد إعلان الدوحة في نهاية مارس الماضي، عن استثمار نحو 5 مليارات دولار في الاقتصاد المصري، وزيارة الفريق كامل الوزير إلى الدوحة، واستعراضه مشروعات مترو الأنفاق والسكك الحديدية ووسائل النقل الأخضر أمام نظرائه القطريين.

أضاف أبو سيف أن قطاع الطاقة سيكون أيضًا ضمن اهتمامات قطر في مصر، مستشهدا بتوقيع شركة قطر للطاقة اتفاقية مع شركة إكسون موبيل، مارس الماضي، لتستحوذ بموجبها على حصة في منطقة استكشاف بحرية قبالة السواحل المصرية، والتي بموجبها تستحوذ قطر للطاقة على 40% في منطقة شمال مراقيا البحرية في البحر المتوسط، بينما تمتلك إكسون موبيل (المشغل) الحصة المتبقية البالغة 60%.

300 ألف عامل مصري في قطر

أكدت قطر على لسان مسؤوليها في أكثر من مناسبة أهمية زيادة التعاون مع مصر، نقلها أول سفير فوق العادة لقطر منذ مقاطعة عام 2017 سالم مبارك آل شافي، بقوله عقب تقديم أوراق اعتماده في سبتمبر 2021 إن "مصر دولة لها ثقلها ووزنها الاستراتيجي، ولا يمكن إغفال دورها المحوري في المنطقة، إنني هنا جزء من منظومة متكاملة تعمل على تحقيق أقصى قدر ممكن من التقارب في العلاقات الثنائية القطرية المصرية وتقويتها".

قبلها بنحو أربعة أشهر، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، حيث تلقى السيسي دعوة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، لزيارة الدوحة.

وأكد الأكاديمي القطري علي الهيل، في تصريحاته لشبكة "دويتشه فيله" الألمانية، أن هناك حاجة مصرية ماسة للمصالحة مع قطر، منها ما يعود لأسباب اقتصادية، حيث "يعيش في قطر أكثر من 300 ألف مصري يحوّلون بشكل دوري أموالا لبلدهم، وهناك استثمارات قطرية ضخمة في مصر سواء للحكومة أو لرجال أعمال، وهما أمران أساسيان للقاهرة التي تعيش وضعاً اقتصادياً متردياً"، حسب تعبيره.

وأضاف الهيل أن هناك كذلك سببًا سياسيًا للتقارب بين البلدين، حيث "تفرض خارطة التحالفات الإقليمية، إمكانية نشوء تحالف رباعي بين قطر والسعودية وتركيا ومصر"، مشيرًا في هذا السياق إلى التقارب "المصري – التركي"، وجولات المباحثات المتبادلة بين العاصمتين على مدار الأشهر الماضية، وإزالة الكثير من الخلافات بين البلدين، أبرزها طرد أنقرة لعدد من الإعلاميين المعارضين لنظام الرئيسي السيسي في مصر، بعدما آوتهم على مدار سنوات يخاطبون المصريين من منابرها.

ويأمل عدد كبير من المصريين المهتمين بالشأن الاقتصادي وتأثيراته على الحياة العامة، في ترجمة الاستثمارات القطرية وغيرها من الإمارات والسعودية، إلى فوائد ملموسة على أرض الواقع، تعود بالنفع على المواطنين، لا سيما بعد إجراءات اقتصادية صعبة فرضتها "الأزمة الروسية - الأوكرانية" عليهم، كان آخرها خفض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار للمرة الثانية في أقل من 6 سنوات، ورفع سعر الفائدة على الإيداع والإقراض في البنوك، وما صاحب تلك القرارات في زيادات كبيرة بأسعار السلع والمنتجات كافة.
-------------------------------
كتب ـ محمد سعد
من المشهد الأسبوعية