29 - 06 - 2024

الحوار البناء والسلام العائلي!

الحوار البناء والسلام العائلي!

تعيش البيوت المصرية والعربية في أحوال شتى، يجمعها ضمن ما يجمعها، غياب الحوار البناء في البيوت، بقدر ما، سواء بين الزوجين بعضهما البعض، أو الوالدين وثمار قلوبهما، ما أفرز وضعا أليما داخل الأسر وزاد من معدلات الألم والحيرة  وغياب السلام العائلي القائم على الاطمئنان والاحتواء، ما يتطلب استمرار الوعي والتحفيز والدعم.

في البداية، ينبغي لبدء حوار بناء في الأسرة أن تكون هناك قابلية للاستماع من الطرفين ، وإلا كان حوارا بين أصمين ، أو حوارا بالإكراه يخضع فيه طرف ضعيف في الأسرة للطرف الأقوى.

كما ينبغي في العود بعد تباعد وخصام ، أن يتم مدواة الجروح قبل بناء أي صروح للتواصل والتفاهم والتعايش وصولا للمحبة والمودة والإنسجام، في ظلال من نية متجددة للإصلاح ترافقها أفعال ايجابية تعزز الحقوق والتغيير الإيجابي.

ويترسخ الحوار في كيان الأسرة مع دوام الإعتقاد في أهميته والتحذير من غيابه ، فكل ما يستحق الحوار لازالت موجودة أسبابه اطمئنانا وحبا واحتواء، واستهلاك الحروف في يوميات الحياة من فواتير ومصروفات فقط، أمر ضار بالصحة النفسية وقوة الأسرة ، كونه الجسر الأمثل إلى الخرس الزوجي أو العزلة بين أفراد الأسرة، وهي أمور كارثية ومريرة ، وكم من ذئاب وأمراض ممتدة اختطفت أفرادا من الأسر كانت تشتاق لحوار عائلي بناء وكلام أسري جميل.     

واللافت ، كما قرأنا لخبراء ، أن انقطاع الحوار بين الزوجين أو الوالدين وأبنائهم ، لا يمكن حله أو تجاوزه دون حوار، وحتي الفراق الحضاري، يقوم على حوار بناء حضاري، وبالتالي فلا بد من الإيمان التام بأهمية الحوار المثمر كحجر زاوية لاغنى عنه للأسر من أجل حاضر مستقر وغد أفضل يحمل فيه الأطفال ثقافة الحوار العائلي إلي بيوت المستقبل.

وكم شقيت أمم وأوطان وعائلات وبيوت ، بأصحاب قرار، لم يتشربوا ثقافة الحوار العائلي، ولم يعرفوا سبلها ، فدفع الجميع الثمن غاليا وتكبد تكلفة كبرى، وفي التاريخ والوقائع والحكايات شهود عيان كثر.

إن تحديد وقت معين لهذا الحوار المتبادل كروتين يومي كفيل بمساعدة البيوت على تعزيز روح التفاهم والمرونة، وهذا يحتاج إلى الاتفاق على التقدير المتبادل واللطف والعطف والحنان والاحترام ، وعدم وضع الفرضيات المسبقة، وتجنب تراكم النزاعات وتكرار اللوم.

إن الحوار البناء المتبادل ، يتطلب كذلك سعة الصدر والأفق ، و حسن الاستماع  واحترام التنوع والاختلاف، وتجنب الاستعلاء والتنمر مع حسن انتقاء الكلمات، وفي هذا يقول الله تعالى: "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن".

كل هذا بالتأكيد، في ظل أتون الحياة الحالي الملتهب، يحتاج حتما إلى التحلي بالصبر الجميل والصفح الجميل والهجر الجميل، وضبط النفس والهدوء وكظم الغيظ وخفض الصوت، مع إعلاء ثقافة جبر الخواطر والتعامل بالفضل.

إن المعادلات الحسابية في رأينا لا تصلح للعلاقات الأسرية، فالقلوب والأرواح والنفوس في ذلك الزمن الصعب ترنو دوما إلى اليسر واللطف والجبر، وكلما استمر الحوار في إطار لطيف وميسر ومحبب بناء ، كانت المكاسب الأسرية كبيرة ومتجددة.

إن السلام العائلي الذي ننشده من إقرار الحوار البناء في البيوت  لا يعني غياب الاختلافات التي هي قرين لاستمرار الحياة، ولكن من المهم أن نتعامل معها عن طريق الحوار البناء القادر على الاحتواء وبث الطمأنة والانسجام.
-----------------------
بقلم: حسن القباني

مقالات اخرى للكاتب

لن نعيش في جلباب الماضي





اعلان