28 - 06 - 2024

نهاية مبارك .. قفص 6x2

نهاية  مبارك .. قفص 6x2

مبارك في القفص .. وما عليك إلا أن تمنح خيالك الفرصة كي يحلّق بين السيناريوهات، فأحدها بالتأكيد سيصبح حقيقة يوم 3 أغسطس المقبل.

السيناريو الرسمي المتاح حتى الآن، يقول إن مبارك سيوضع مع المتهمين في قضية قتل الثوار وبينهم ولداه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي، فضلا  عن عدد من أركان الجهاز الأمني ، في قفص طوله 6 أمتار وعرضه متران.  

قانونيًا، سيدخل مبارك  القفص الذي يجري تجهيزه حاليا بأرض المعارض، مرتديا الزي الأبيض، ككل المتهمين معه، باستثناء وزير الداخلية السابق، الذي سيأتي بالزي الأزرق ، كونه عوقب بالسجن في قضية سابقة تتعلق بالفساد.

و مع كل ما تمثله المحكمة في تاريخ مبارك، إلا أنها ستوفر له، كأب فرصة أولى لرؤية ولديه، اللذين ابتعدا عنه منذ أكثر من 100 يوم، بعد نقلهما الي سجن طرة ، وبقائه هو في مستشفى شرم الشيخ بدعوى عدم وجود  تجهيزات طبية تسمح بنقله إلي السجن نفسه.

كذلك سيلتقي مبارك للمرة الأولى حبيب العادلي، وكلاهما يحمل للأخر الكثير في هذه القضية تحديدا، حيث حاول وزير الداخلية – خلال التحقيقات – أن يلقي بالتهمة على رأس رئيسه الذي حاول- بدوره – التملص من دم الشهداء بمقولة :" معرفش "، التي استهلك بها نصف وقت التحقيق معه.

وعلى حد ما تذكر وثائق النظام السابق، فإن العادلي الذي بقي 13 عاما ، وزيرا لداخلية مبارك، وحاميا لسيناريو توريث السلطة لنجله جمال، التقى الرئيس السابق للمرة الأخيرة في الأيام الأولى لثورة يناير، حيث طمأنه على أن الأوضاع مستقرة، ولا خوف على نظامه.

و تشبه محاكمة الثالث من أغسطس في جماهيريتها، محاكمات عديدة جرت لمشاهير على مر التاريخ، وإن اختلفت معها في التفاصيل ودرجة الشرعية، ومن ذلك محاكمة الرئيس العراقي الراحل صدام حسسين وأركان نظامه بعد الاحتلال الأمريكي لبلاد الرافدين، ومحاكمة الرئيس الروماني شاوشيسكو، والرئيس التشيلي اوجستو بينوشيه.

مع ذلك، تبقى محاكمة مبارك محاطة بكثير من السمات غير المسبوقة، فهي تتم بإرادة الشعب وفي حماية قواته المسلحة، لا بإرادة محتل خارجي وإدارته، كما أنها تخضع لإجراءات طبيعية، تمنحها صفة العدل، فضلا عن أنها تراعي أمن المتهمين، رغم أن جريمتهم هي انتزاع الطمأنينة من نفوس 80 مليون مصري.

سيحاط مبارك وأعوانه، على ما تقول الشواهد، بأعلى درجة حماية، حيث تم  إعداد  قاعة محاكمة تقع على مساحة 4 آلاف متر مربع، زودت بوسائل أمن متنوعة، كما تم إنشاء مهبط خاص بالطائرات في الجانب الخلفي لها، وتأمين منافذها بستائر ودروع حديدية.

فضلاً عن ذلك، تثير محاكمة مبارك في أرض المعارض مفارقة، قد تكون  أهم ما في الموضوع من الناحية الرمزية، فقد كان مقررا أن يقوم الرئيس السابق بزيارة هذا المكان صباح يوم 26 يناير لافتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب، ومن ثم عقد لقائه السنوي بمثقفيه، غير أن الثورة قطعت عليه هذه العادة، وجعلت المعرض الذي لم يتم، أهم من كل المعارض التي كانت تموج بالنفاق والمنافقين والأفّاقين في عهده.. وها هي الثورة ذاتها، تعيد الأنظار لذهاب مبارك لهذا المكان، ولكن هذه المرة كمتهم ، عليه أن يجيب عن أسئلة المنصة، التي طالما احتكرها، ليطلق ما كان يوصف بـ " التوجيهات " لزمرة موظفيه في هيئة الكتاب ووزارة الثقافة.

مؤكدا أن زيارة مبارك أرض المعارض يوم 3 أغسطس، ستتشابه مع زياراته السابقة في نواح عديدة، فالمرور سيتوقف تماما شرق القاهرة، والرتب الأمنية الكبيرة ستظهر بكثافة في الشوارع والميادين، غير أن أحدا لن يقف له –هذه المرة - لحظة دخوله، كما أن حديثه سيكون بإذن، وانصرافه بقرار يحدده لأول مرة .. رجل غيره.






اعلان