أكد مدحت الزاهد ، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي وأحد قيادات الحركة المدنية، في تصريحات خاصة للمشهد أن السلطة بدأت تمارس سياساتها القديمة وتستخدم تأثيرها ونفوذها على مجريات الحوار الوطني فتبطيء من إيقاعها وتعطلها وبالتالي بدأت الآمال التي أحدثتها دعوة الحوار تتراجع.
أضاف الزاهد: "لحقت بذلك مؤشرات سلبية أخرى منها أن الحكومة بدأت في إجراءات كان من الأفضل أن تنتظر ، لأنها تتعلق بقضايا ساخنة ومهمة ولها طابع استراتيجي ، مثل موضوع وثيقة ملكية الدولة والاستحواذات الكبيرة على الأصول المصرية في البورصة ، والتغول في السيطرة على أصول اقتصادية وهذا يمكن أن تمثل تهديدا للأمن القومي ، فضلا عن أنها يمكن أن تضعف من الطاقات الانتاجية لأن الأصول ستصبح في حوزة المالك الجديد وهو حر في استثماراته يوجهها كيف يشاء في قطاعات انتاجية كان من الافضل أن تبقى تحت سيطرة الدولة".
وأضاف الزاهد لذلك التعديل الوزاري "الذي لم تفهم جدواه وما إذا كان يعكس توجهات معينة" قائلا : "المفروض في وضع كالذي نحن فيه نركز على مواجهة الازمات بتطوير القدرات الانتاجية ، وبالتالي تطوير الزراعة والصناعة والحفاظ على هياكلنا الانتاجية ، هذا شيء جوهري، وكذلك مراعاة شبكة الأمان الاجتماعي والعدالة الاجتماعية لان أحوج الأوقات لتطبيق هذا المفهوم هي فترات الازمات.
ويوضح الزاهد : "كما رأينا في أزمة كورونا كانت الفئات الضعيفة تتمتع باشكال استثنائية من الحماية الاجتماعية في العالم كله ، اما عندنا فحدثت زيادات وتم إلقاء أعباء جديدة على كاهل محدودي الدخل ، فالناس ما زالت تلاحظ أنه لا توجد عدالة في توزيع الموارد وبالتالي فإن الفئات الاضعف في أزمة ، ولنتمكن من مواجهتها كان يجب إجراء تعديل وزاري شامل وأن يكون بعد العدالة الاجتماعية وتطوير القدرات الانتاجية ضمن التوجيهات الرئيسية في تكليف الحكومة، ونبحث معا عن مخارج لأن إغراق البلاد في الديون يمثل أزمة رهيبة يمكن ان تنتهي بكوارث"
يضيف الزاهد: "كان يمكن الانتظار ، حتى نعد خطة لوقف نزيف الدين او لبحث اسقاط جزء من الديون" وانتقد سماع مجموعة الحوار الوطني بالتعديل الوزاري مثلها مثل أي مواطن عادي وهذا معناه إنها "مش متاخده كشريك" لأنها لو كانت شريكا في حوار وطني كان سيتم اخذ رأيها.
ويشير الزاهد أن السلطة "كان يجب ان تفتح للناس باب الامل في تغيير سلمي ديموقراطي وبالتالي تمتص فرص الانفجارات الاجتماعية ، عندما تفتح النوافذ بجدية وعزم وإصرار" مؤكدا أن المعارضة ملتزمة ولم تأخذ الموضوع بالمكايدة أو المصادمة بل حاولت أن تطرح بدائل موضوعية وواقعية لتجاوز ما نحن فيه" ويرى أن المؤشرات سلبية ومتباطئة فاجتماع 27 اغسطس تأجل إلى 5 سبتمبر وهذا فال ليس جيدا ، وقيل لأسباب صحية وغيابات ، فالايقاع يمضي بطيئا بينما تزداد الازمات ويزداد مخزون التوتر والقلق" .
ويطالب "الزاهد" السلطة أن تصدر للناس طاقات إيجابية حقيقية وتسمح للمعارضة الحقيقية الوطنية بممارسة دورها دون قيود او حصار . ويقول "الزاهد" : "كان من المتوقع بعد انطلاق دعوة الحوار أن تكون هناك خطوات اكثر رحابة واكثر اتساعا فيما يتصل بالتفاهمات التي ارتبطت باطلاق الدعوة ، ومنها إطلاق ألف على الأقل من سجناء الرأي وإتاحة حرية النشر للمواقع المحجوبة ومناقشة جدية لقوانين الحبس الاحتياطي ثم ننطلق بعدها إلى الحوار. لكن ماحدث فعليا هو إجراءات محدودة ، سواء في قرارات العفو الرئاسي أو في إخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا ، ورغم محدودية العدد كان المأمول ان يندفع الحوار وإجراءات بناء الثقة لأن الوقت ضيق وهناك أزمات تحتاج لحلها أجواء وسياسات وترتيبات مختلفة لكن الواضح ان الارادة لم تستقر تماما على هذه الوجهة ".
وأضاف رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي: "كل ماطلبناه هو ضمانات وأجواء مناسبة للحوار حتى لا يتم على طريقة أسير وسجان ، طلبنا أن يحصل الناس على حقهم الطبيعي في الحرية بعد حبس طويل نتيجة إجراءات سياسية وسياسات أمنية معينة وليست قانونية نتحدث عن المعارضين السلميين، الذين لم يرتكبوا عنفا ولا فسادا ومارسوا معارضتهم السلمية قولا ، وهؤلاء لا يستحقون السجن ولا الحبس الاحتياطي ، وأماكن تواجدهم معروفة ويمكن تقييد حركتهم في المطارات، وهم لا يمثلون تهديدا للأمن العام وبكل المعايير لا تنطبق عليهم شروط الحبس الاحتياطي"
وتابع الزاهد "أن المغزى الأعمق للحوار أن تعدل السلطة سياساتها ولا تلجأ لسياسة الترويع والحصار مع المعارضيين السلميين". وضرب مثلا بقضية سجناء الأمل التي لم تغلق بعد لعدم الإفراج عن زياد العليمي وهي قضية خاصة بائتلاف انتخابي شكلته الحركة المدنية لخوض انتخابات وأغراضه سلمية قانونية وكان جزءا من تصور لكيف تستقر الحالة الامنية وجزءا من تصور للسياسات وللموقف من المعارضة في ظروف خاصة، ومع هذا تم القبض عليهم ووضعهم في الزنازين.
وأوضح أن الحوار معناه أن السلطة تعدل عن هذه الوجهة ، ويمكن النظر لما يجري من ثلاث زوايا:
- زاوية علاقتك بكتلتك ، حين ترى أنك منخرط في حوار وزملاؤك ما زالوا في السجون . وهذا معناه أن السلطة تستدعيك وقتما تشاء وتودعك الزنازين وقتما تشاء.
- الثانية أن الإفراج أصلا حقهم لانهم لم يرتكبوا جرما.
- الثالثة ان الافراج عنهم دلالة كاشفة لما يمكن أن تصل إليه الأمور من انفتاح والوصول لمجتمع حر تتداول فيه الآراء والمعلومات بحرية ودون إرهاب ولا ترويع .
ويختتم قائلا : "مع هذا سمي البيان الذي يدعو إلى ذلك ببيان المشروطيات وشنت حملة ضده بما يفهم منه أن هناك تراجعا" .
--------------------------
تقرير - أحمد صلاح سلمان
من المشهد الأسبوعية