18 - 09 - 2024

أكتوبر العظيم .. احتفالٌ ورسالة !

 أكتوبر العظيم .. احتفالٌ ورسالة  !

يُعتبر خط بارليف هو أقوى خط دفاعى فى التاريخ الحديث، بيد أنه يبدأ من قناة السويس، وحتى عمق 12 كيلو مترا فى شبه جزيرة سيناء .

وتكمن قوتُه فى أنه يتكون من 3 خطوط دفاعية، جعلت اختراقه ضربا من الخيال، وأمنية بعيدة المنال، حيث يمتد الخط الأول بطول الضفة الشرقية لقناة السويس، يليه وبمحاذاته الخط الثانى بسُمك يتراوح من 3 : 5 كيلو مترات، ويتكون من تجهيزات هندسية، ومرابض للدبابات والمدفعية، بعدهما يأتي الخطُ الثالث بعرض يتراوح بين 10 : 12 كيلو مترا، مُشتملا على مُدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية.

هذه الخطوط الدفاعية المُمتدة نحو 170 كيلو مترا بطول القناة، رسخت فى يقين ووجدان عدو صهيونى أصابه الصلفُ والغرور أن مصر لن يمكنها تدميره حتى يلج الجملُ فى سَمِّ الخياط!

كما اعتقد العالمُ ومن قبله إسرائيل أن تدمير ذلك الخط لن يحدث إلا باستخدام القنبلة الذرية، التى لا تمتلكها مصر، ومن ثم فإنه سيبقى رابضا يلفظ لسانه لجنود مصر أبد الدهر .

لم يَفت ذلك فى عضد خير أجناد الأرض، ولم يُصب مُتخذى القرار بالخوار والارتباك، بل وصل الرئيس - المؤمن - محمد أنور السادات الليل بالنهار، لينفض عن المصريين آثار النكسة وعار الهزيمة.

 وبعد تخطيط وتدريب، وإلمام بالثغرات فى صفوف العدو، كان قرارُ الحرب والثأر للكرامة واسترداد أرض استبيحت بغير حق .

كانت حربُ أكتوبر واستبسال الجندية المصرية، وتدمير خط بارليف درسا للعالم أجمع، خاصة إسرائيل التى أُصيب قادتُها بالذهول لدرجة جعلت (موشى ديان) يقول ساخرا من خط بارليف : إن هذا الخط كان كقطعة الجُبن الهشة.

واعتبرت وكالة "اليونايتد برس" أن سقوط خط بارليف أسوأ نكسة أصيبت بها العسكرية الإسرائيلية.

وها هي الذكري ٤٩ لنصر أكتوبر العظيم، الذى أبهر العالم من أقصاه إلى أقصاه، تحل فتفعمنا فخرا وعزة وتيها بمعركة تُدرَس للعالم كله في فنون الحرب والقتال والتخطيط، يسبق كل هذا إيمانٌ راسخ لدي القائد والجنود بحق مصر في الاستقلال، وهيمنتها علي كامل أرضها .

 ولو سلمنا بأحقيتنا فى الفخر بهذا النصر الذى جاء نتيجة جهد وعرق وصبر وكفاح، فإنه ليس من حقنا أن نكتفى بمجرد التغنى بما فعله الآباء ونبقى ( قفزة فى المكان )، أو (محلك سر) دون خطوة للأمام .

إذ إن الفخر بصنيع الآباء والأجداد لا يبنى أمما، ولا يشيد حضارات، بل يصنعهما العمل والإرادة من قبل المواطنين قبل المسئولين .

إن دولة كالهند، التى كان يُضرب بسكانها المثلُ فى عدم الفهم، فيقول المرءُ ساخرا ممن لم يستوعب كلامه : أنت هندى؟  أقول : صارت هذه الدولة أولى دول العالم فى البرمجيات والكمبيوتر، حتى أصبح معظم مُديري الشركات بالعالم من أصل هندى، وصارت ماليزيا من نمور آسيا الصناعية، وخطت دولُ الخليج خطوات واسعة فى طريق التقدم، وأضحت الصين وكوريا من أهم الدول الصناعية، ناهيك عن اليابان التى سبقتنا بمئات السنين، رغم بدايتها من الفقر والجدب والخراب بعد قُنبلتي هيروشيما وناجازاكى .

إن نصر أكتوبر - يا سادة - ليس حفلا يُقام، أو أغنية تُغنى، أو فيلما يُعرَض بل هو دعوة للعمل والكفاح .
--------------------------------
بقلم: صبرى الموجى

مقالات اخرى للكاتب

د. خالد الخطيب .. مسؤولٌ تُرفع له القُبعة !