27 - 06 - 2024

هل بيع أصول الشركات هو الحل لتدبير العملة الصعبة؟

هل بيع أصول الشركات هو الحل لتدبير العملة الصعبة؟

خبراء للمشهد: حصيلة البيع لن تحل الأزمة وهناك ضرورة لوضع بدائل تمثل موارد متجددة للعملات الأجنبية

بشكل أكثر اتساعاً وعمقاً ، عادت الحكومة المصرية إلى تحديث خطتها القديمة ضمن برنامج مبادلة الديون الذي طبقته قبل 30 عاماً. الخطة تسمح للدول الدائنة بضخ استثمارات وشراء حصص ملكية واستثمارية فيما تملكه الدولة المدينة من أصول لا تتعلق بالأمن الاستراتيجي أو القومي مقابل الديون. وتأتي الخطوة في إطار توسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص، سواء المصري أو الأجنبي، بتخارج الدولة من الشركات العامة لإتاحة الفرص أمام القطاع الخاص في خطة تستهدف جذب استثمارات مقدرة بـ10 مليارات دولار أميركي خلال العام الحالي.

وثيقة ملكية الدولة

خطة تخارج الدولة من الشركات العامة لإتاحة الفرص أمام القطاع الخاص أو الأجنبي أعلنها رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي ضمن خمسة محاور رئيسة في مؤتمر صحفي عقده في 17 مايو الماضي .

وتضم "وثيقة ملكية الدولة" جميع المشاريع والاستثمارات التي ستتخارج منها لإتاحة الفرصة للقطاع الخاص بقيمة 40 مليار دولار على مدار أربعة أعوام.

كما جهزت الحكومة استثمارات بقيمة 9 مليارات دولار يمكن للقطاع الخاص المشاركة فيها"، وتجهز الوزارات المعنية قائمة أخرى لمشاريع تسعى الدولة إلى المشاركة الاستثمارية فيها مع القطاع الخاص تصل قيمتها إلى نحو 15 مليار دولار تعتزم الدولة التخارج منها في غضون ثلاثة أعوام.

وأكد مدبولي أن "هناك استثمارات عامة لا يمكن أن تتخارج منها على الإطلاق إذ تمس حياة المواطن بشكل مباشر مثل قطاعات البنية الأساسية والصرف الصحي والتعليم والصحة".

وفي مطلع التسعينيات من القرن الماضي، نفذت الحكومة خطة مماثلة في الإطار العام مختلفة في محاورها، إذ اعتمدت على برامج ثنائية بين القاهرة والدول الأعضاء في نادي باريس "هو مجموعة غير رسمية مكونة من مسؤولين ماليين ممولين من 20 دولة".

ووقعت القاهرة اتفاقاً مع النادي في مايو 1991 لجدولة المديونية الخارجية لمصر المستحقة للدول الدائنة أعضاء النادي بهدف التخفيف من أعباء المديونية الخارجية من خلال تمويل مشاريع تنموية واستثمارية وتقديم الدعم للموازنة العامة للدولة وتشجيع الاستثمار في مصر، وكذلك إعفاء الدولة من عبء تدبير النقد الأجنبي اللازم للسداد، واتفقت مصر آنذاك مع أربع دول أعضاء هي ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وسويسرا على برامج لجدولة الديون.

ومن أبرز نماذج الاتفاقات الثنائية لمبادلة الديون بالاستثمارات حزمة من الاتفاقات وقعتها القاهرة مع روما لمبادلة أو تسوية جزء من الأقساط والفوائد المستحقة لإيطاليا على مصر التي بدأت قبل 21 عاماً.

ووقع ممثلو الحكوميتين اتفاقاً عام 2001 تمت بموجبه مبادلة مبلغ 149 مليون دولار، ثم اتفاقاً آخر عام 2007 تمت بموجبه مبادلة 100 مليون دولار لتمويل مشاريع التنمية، فيما وقع الاتفاق الثالث في 2012 لمبادلة 100 مليون دولار.

هذا النوع من الاتفاقات تديره لجنة إدارة المقابل المحلي للديون الإيطالية برئاسة مشتركة لوزير التعاون الدولي من الجانب المصري والسفير الإيطالي في القاهرة.

وكان آخر الاتفاقات الموقعة بين البلدين في يونيو 2022 عندما اتفقت روما على استثمار 367 مليون جنيه و 19 مليون دولار ضمن برنامج مبادلة الديون المصرية مع إيطاليا لتدشين ست صوامع حقلية للحبوب.

الخروج من الأزمة

في الوقت الحالي، تبحث مصرعن مخرج من الأزمة الطاحنة التي تمر بها البلاد مع تفاقم حجم الديون الخارجية إلى نحو 157 مليار دولار والحاجة الملحة لتدبير ما لا يقل عن 30 مليار دولار لسداد أقساط وفوائد الديون وسد الفجوة التمويلية في الميزان التجاري المصري في ظل انسداد عدد من القنوات التي تدر إيرادات النقد الأجنبي، وعلى رأسها الإيرادات السياحية وخروج استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية "الأموال الساخنة" مع استمرار الحرب الأوكرانية.

واتفق المحللون على أن وضع الاقتصاد المصري صعب خاصةً بعد تفاقم الديون وهذا ما دفع "المشهد" لفتح هذا الملف الشائك الذى يشغل بال جميع المصريين

حنان رمسيس: تمهيد لاستخدام "الروبل"

في البداية تقول حنان رمسيس خبيرة أسواق المال، ان الدولة تحاول في الوقت الحالي توفير العملة الصعبة بسبب ارتفاعات قياسية لسعر الدولار الامريكي مقابل الجنيه لم تحدث منذ تعويم 2016

واستطردت قائلة: من ضمن  الوسائل التي تنتهجها الدولة بيع أصول بعض الشركات المقيده في البورصة، ولن نستطيع أن نقول أن بيع الأصول عمليات استحواذ، يكون الغرض منها  الحصول على عمله أجنبية ولها أيضا مردود جيد على الشركات التي تقوم ببيع حصصها.

وأوضحت، أن هذه الشركات من الممكن أن تكون ناجحة ولكن علي المدي الطويل يمكن أن تشهد تعثرا ماليا، بسبب الأحوال الداخلية أو العالمية، وحينما يتم بيع جزء من أسهمها لصناديق سيادية، يكون هناك دخل من هذا البيع جزء منه يذهب إلي الدولة والجزء الآخر يذهب الي الشركة لإعادة هيكلتها مرة أخرى.

وأضافت : يكون هناك نوع من تطوير الماكينات وخطوط الإنتاج، وتبادل الخبرات، وإدارة مشتركة بين الشركة المستحوذة والشركة المستحوذ عليها، وتنميه أفكار وفتح أسواق لذلك لن نعتبر هذا شيئا سيئا.

وقالت رمسيس: من ضمن الإجراءات التي تتخذها الدولة لتوفير النقد الاجنبي، السماح للمصريين في الخارج باستيراد سيارات مقابل إيداع مبلغ نقدي بالدولار الأمريكي في حساب لمدة 5 أعوام يسترده بعدها صاحب السيارة.

تضيف حنان رمسيس: هناك اجراءات أخرى يمكن انتهاجها للحصول على الدولار، فمثلما أعلن محافظ البنك المركزي أن الفتره القادمة لن يربط سعر الصرف بالدولار، ولكن بـ"مؤشر" فيه عملات متنوعة، وذهب ، وهو يمهد لاستخدام "الروبل" في الفترة القادمه، وكانت هناك  مباحثات لاستخدام الدفع "مير" في السياحة التي تعتمد على "الروبل" وستكون هناك أيضا تجارة بينية مع روسيا، بمعني أن الأشياء التي تستوردها روسيا من مصر تأخذها بالمصري، والأشياء التي تستوردها مصر من روسيا نأخذها بالروبل، وسيترتب علي ذلك انتعاش اقتصادي لاننا سنتوجه الى عملات أخرى، وبالتالي يتزعزع الدولار عن عرشه ، وجميع تلك الإجراءات تحتاج إجراءات فنيه لازمة في توقيتات مناسبة ، وتفعيل تلك المبادرات واحده تلو الأخرى يعمل علي ضبط سعر الصرف، لكن في وقتنا الحالي يعتبر الاعتماد على بيع الأصول إجراء سريع بدل الإعتماد على قروض الخارج، خاصة وأننا نعلم جيدا مشاكل الدين وفوائده وأقساطه، بعد أن تسبب في خسارة كبيرة لنا في الفتره الماضية واستنزف جزءا كبيرا من النقد الاجنبي.

وعن القطاعات التي يرغب العرب للاستحواذ عليها داخل مصر، قالت رمسيس إن أهمها:"قطاع الكيماويات، وقطاع الأسمدة، وقطاع العقارات، وقطاع التكنولوجيا، والدفع الإلكتروني، لأن كل تلك القطاعات تكون واعدة، لأن مصر لديها سوق مفتوح، بالإضافة إلي تعدادنا السكاني الذي يعتبر كبيرا جدا فيسمح بتداول العديد من الأنشطة، مثل مسأله الدفع الالكتروني، ومنالممكن أن نشاهد في الفترة المقبلة اهتمامبشركات الأغذية والمشروبات لأن هناك تفوق جيد في الزراعة وخصوصا الفاكهة، فمن الممكن أن نشاهد اهتماما كبيرا جدا بهذا القطاع ومن الممكن أن يدخلوا قطاع الدواجن، والعديد من القطاعات التي من الممكن أن تعمل علي انتعاش الاقتصاديات والمشاركات التي ستكون بين دول الخليج وبيننا خلال الفترة المقبلة.

خالد اسماعيل: ضرورة للمفاضلة

من جانبه يقول المستشار الاقتصادي خالد إسماعيل عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، إن بداية النظرة التحليلية لبعض الأرقام ومع إعلان البنك المركزي المصري وصول احتياطى مصر من النقد الأجنبى إلى 33.14 مليار دولار بنهاية أغسطس 2022 ، في الوقت الذي وصل فيه الدين الخارجي لمصر مايقارب 158 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الحالي ، واحتياج مصر لتغطية عجز الحساب الجاري وتسديد فوائد واقساط الديون خلال العام المالى 2022/2023 بما يقارب 35 مليار دولار.

من هنا كان لابد أن  تتحرك الدولة لإيجاد بدائل لتدبير وتوفير العملة الصعبة وأحد البدائل هو بيع بعض الأصول الحكومية ، وهو أمر ليس بالجديد حيث تم تناوله من قبل من خلال برامج الخصخصة ، وقد تم حصر عدد من الأصول الحكومية التى سيتم طرحها للقطاع الخاص فى إطار خطة الحكومة لزيادة مشاركته لتصل إلى 65% من إجمالي الاستثمارات المخطط لها خلال الأعوام الثلاثة القادمة وباستهداف جذب 40 مليار دولار على مدى 4 سنوات. 

وطالب بعمل دراسات للمفاضلة بين بيع تلك الأصول لتوفير العملة الصعبة لسداد الديون ، وبين أهمية المحافظة على ذلك الأصل فى إطار إمكانية تطويره مستقبلا وتحقيق عوائد ، وعلى أساسها يتم اتخاذ القرار المناسب طالما الشركة لن تكون ذات جدوى مستقبليا.

شركتان تابعتان للجيش

وأوضح، أنه تم بالفعل استهداف 10 شركات حكومية وشركتان تابعتان للجيش ، وما تم من صفقات بين الصندوق السيادى المصري والسعودي لشركات أبو قير للأسمدة والكيماويات واى فينانس للاستثمارات المالية والرقمية وشركة الاسكندريه لتداول الحاويات والبضائع وغيرها، والأهم أن تلك الصفقات تحدث إضافة على ماهو قائم ، وهى صفقات كبيرة تمت عن طريق البورصة.

وقال إسماعيل:" هذا الحل يجب ألا يجعلنا ننسى العديد من الإجراءات لدعم الاقتصاد وتوفير العملة الصعبة نذكر منها ملف الصناعة، وأهمية مواجهة التحديات التى تواجهه ، ووضع برنامج عمل لتعزيز قيمة المنتج المصري والصناعة المحلية وبما يصب في صالح التصدير وبالتالى توفير العملة الصعبة.

استغلال السياحة بديل بيع الأصول

وأوضح خالد إسماعيل أن هناك جانبا آخر مهم وهو السياحة، فمصر لديها مقومات سياحية يجب استغلالها ووصول السائحين إلى 50 مليون سائح وتعزيز جهود وجذب الاستثمارات الأجنبية، وهنا يجب العمل على تلاشى عوائق الاستثمار الأجنبى و المحلى والمتمثل فى القضاء على البيروقراطية ومراجعة أسعار الطاقة وأسعار الضرائب ومراجعة منافسة الحكومة للقطاع الخاص فى إطار تحقيق المساواة فى المنافسة وتفعيل خارطة الطريق للقطاعات ذات الاولوية ، كل هذه حلول.

ياسر شحاتة الدغيدي: أزمات خلفت موجة تضخم كبيرة

علي نفس المنوال يقول د. ياسر شحاتة الدغيدي أستاذ إدارة الموارد البشرية وخبير التنمية المستدامة، إن الأزمات خلفت موجه كبيرة من التضخم، فضلا عن تفاقم الأزمة الدولارية، الأمر الذي جعل اقتصادات العالم تتحرك بشكل سريع ، والاقتصاد المصري لديه المرونة والقدرة علي امتصاص الأزمات الخارجية من خلال الإعداد المسبق، حيث شهدت مصر في الفترة الماضية زيادة ملحوظة في نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق فائض أولي جيد، فضلا عن إنخفاض في عجز الموازنة، هذه المؤشرات تجعلنا نشعر بحالة من الاطمئنان لا سيما في ظل التقلبات والتحديات الراهنة.

وأضاف أن الدولة تتجه نحو توفير العملة الصعبة بمختلف الطرق والاتجاهات، سواء من خلال طرح مزيد من الاستثمارات علي سبيل المثال الاستثمارات اليابانية وما لها من خصائص ، أو الاستثمار المباشر من خلال التخارج من الأصول ، وكلمة التخارج هنا لا تعني أن الدولة عازمة على بيع الأصول، ولكن البيع هو أحد الأنواع فنجد "المشاركة ، الإيجار ، البيع، الإدماج"، وهذا ما تم التأكيد عليه في المؤتمر الاقتصادي الحالي، بالإضافة إلي ذلك، إدماج الاقتصاد غير الرسمي، ونجد أيضا التحرك في اتجاه السندات والتي تعتبر آلية هامة للتمويل الحكومي.

وقال: لقد بدأت مصر مسيرة التنوع في هذا الاتجاه ، سواء أكانت سندات خاصة بمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة بما يسمي السندات الخضراء، فضلا عن طرح سندات بالبورصة. وتأمل الدولة في طرح أسهم في عدد من الشركات المملوكة كلها بالبورصة، وفي هذا الصدد كانت هناك بعض المقترحات لبيع حصص في تلك الشركات لمستثمرين استراتيجيين بسبب موجة من عدم الاستقرار الاقتصادي الناجمة عن التقلبات الحاصلة في الأسواق العالمية.

وفي هذا الإطار أري أن المشاركة في تغيير ثقافة ونهج الإدارة أمر غاية في الأهمية، ويعد أحد الحلول لتوفير العملات الدولارية ، بالإضافة إلي الاهتمام بأحد المصادر الأساسية للعملات الأجنبية وهو تحويلات المصريين بالخارج، والمزيد من ضخ الاستثمارات الأجنبية للاقتصاد ، فهما يساهمان في ضخ المزيد من العملات الأجنبية للداخل. والاهتمام أيضًا بقطاع السياحة وتشجيع الانشطة السياحية المختلفة ، فضلا عن تشجيع الصادرات وزيادة الانتاج المخصص للتصدير، وفتح أسواق جديدة أمام السلع، كل تلك بدائل مأمونة العواقب بديلا لبيع الأصول، وحتي إن حدث البيع فسيكون بشكل مدروس لبعض الأصول التي تحتاج لذلك، وعلينا جميعا تقبل هذه الثقافة .

واختتم حديثه قائلا: نحتاج إلي المشاركة في الإدارة بين الحكومة والقطاع الخاص لانتاج فكر جديد ، وهذا ما تم التأكيد عليه في المؤتمر الاقتصادي.

عمرو يوسف: هناك أنشطة لن تتخارج منها

 ومن جانبه يشير الدكتور عمرو يوسف خبير الاقتصاد والتشريعات المالية والضريبية، إلى أن الاقتصاد العالمي يتعرض لمخاطر عدة قد تعجز أعتي إقتصادات الدول عن مواجهتها وتأثرت مصر كغيرها بنقص ما تدخره وتحتفظ به من احتياطيات نقدية أجنبية , بسبب تلك الأزمات المتكررة الأمر الذى أدى إلى وجود مجموعة من الخطط البديلة للحفاظ على مستوى تلك الإحتياطيات كونها أمرا إستراتيجيا لإستمرارية الدولة حتى الإستطاعه الكاملة لهيكل الاقتصاد المصري على تلبيته وفق أليات الإنتاج والتصنيع .

من ضمن أهم مصادر تلك الاحتياطيات حاليا إيرادات قناة السويس والتى تدرس الدولة مسألة رسوم العبور وخلافه مما سوف يؤثر على حجم تلك المدخرات, يأتي بعد ذلك تحويلات العاملين بالخارج ثم ما تتحصل عليه الدولة من تصدير لمواد الطاقة وغيرها من المصادر التى تعزز من الحصيلة الدولارية, فضلا عن توجه حديث وغير إعتيادى فى شكل التصرفات القانونية وهى مسألة السماح بإستيراد سيارة للعاملين بالخارج وفق أليات معينة تسمح للدولة بالاستفادة من دفع وديعه بالعملة الصعبة لدعم وتعزيز الاحتياطيات النقدية.

أما الحديث عن بيع بعض الأصول التى تتخارج منها الدولة فهو أمر فى غاية الأهمية لدعم وتعزيز تلك الاحتياطيات وسط تخوفات من تخارج الدولة من بعض الأنشطة الحيوية او المهمة ، ما أفصحت عنه الدولة أن هناك بعض الأنشطة لن تتخارج منها نظرا لأهميتها على الصعيد الاستراتيجي. 

د. ياسر حسين سالم: مصر باعت 214 شركة من قبل

د. ياسر حسين سالم  الخبير الاقتصادي والمالي، يرى أن الاتجاه لبيع حصص في بعض الشركات المملوكه للدولة بهدف إفساح الطريق أمام القطاع الخاص في التنمية والاستثمار وبهدف استراتيچي هو تحول الدولة وتبنيها لاقتصاد السوق الحر، مثلها مثل معظم  الدول المتقدمة، هذا يتبعه تحصيل إيرادات دولارية من حصيله بيع بعض الاصول او بيع  حصص منها ، وهذا حدث بشكل أوسع في التسعينات ببرنامج الخصخصة، وتم في هذا البرنامج منذ التسعينات وعلي مدار عشرين عاما بيع 214 شركة عامة بيعا كليا أو جزئيا بقيمة إجمالية بلغت حينها 20 مليار دولار اميركي ، واستفادت الدوله من المبلغ ومن فوائد البيع واستفاد القطاع الخاص من صفقات الشراء.

وأضاف د. ياسر حسين سالم: أري أنه ليس هناك مايدعو للقلق طالما سيكون هناك أصول وشركات استراتيچية تحتفظ الدولة بها، والدولة الآن تمتلك مايقرب من 1500 شركة عامة، ولا ضرر من بيع بعضها.

وأكد علي أنه يري أيضاً أن الخصخصه ليست عيبا أو فسادا والعبرة بإدارة العملية بشكل صحيح ، ومصر خاضت التجربة من قبل ولديها الخبرات اللازمة لإدارة العمليه بشكل صحيح بعيدا عن اي سلبيات حدثت سابقا.

الشركات المرشحة للبيع 

عن الشركات الحكومية المرشحة للبيع الكلي أو الجزئي يقول د. ياسر:"هناك عده شركات تم تهيئتها لذلك سواء ببيع حصص أو بطرح اسهم للجمهور المصري ، ومنها بعض شركات التامين علي الحياة، وشركه محطة طاقة، وحصص بعض شركات الإسكان والتعمير، وحصص من بعض شركات الأسمدة، وحصص من بعض شركات الفنادق، وحصص لشركات محطات وقود السيارات".

وأكد علي أنه لا خوف من هذا المسار "لأن المشترين لن يأخذوا المباني والمنشآت ويغادرون بها إلى خارج البلاد" فالقطاع الخاص في مصر يمتلك 3,7 مليون منشاه إنتاجيه وخدمية، بينما الدولة تمتلك ألفا وخمسمائة شركة فقط ، إذا القطاع الخاص حاليا يمتلك أكثر من 99% من الشركات الإنتاجية والخدمية في مصر.

وأوضح، أن المشروعات المباعه كما السابق ، ستظل في مصر وستدار ويتم تطويرها في مصر.

ويرى أن ذلك لابد أن توازيه مسارات أخري لجذب الإيرادات الدولارية منها:"استهداف زيادة إيرادات السياحه لمصر، فالفرصة أمام مصر هذا الشتاء مثالية، فيجب أن تستفيد مصر من أزمة أوكرانيا وتكون نقطة جذب كبير لسياح روسيا وأوكرانيا ولكل سائحي أوروبا، لاسيما أن تكلفة الطاقة علي المواطن الأوربي ستكون مرتفعة هذا الشتاء في بلده ورخيصة في مصر، كما أن تراجع سعر الجنيه المصري أمام الدولار الاميركي يعطي أفضلية لرخص الأسعار داخل مصر" أيضا "يجب أن نقوم بعمل محفزات لجذب استثمارات المصريين في الخارج وقدومهم الي مصر بودائعهم ومدخراتهم وثرواتهم الكبيرة من أجل الاستثمار والتنمية في وطنهم، وتشمل تلك الفرص تقديم أراضي وعقارات سواء في المدن السكنية أو الصناعية بحوافز مشجعة طالما سيتم الاستثمار بالدولار الامريكي".

وأكد د. ياسر حسين سالم علي أنه يجب أن يتم تشجيع الصادرات المصرية، خاصة وأنها حققت في عام 2021 رقما كبيرا هو الأعلي في تاريخها وهو 45 مليار دولار أميركي، فيجب الاهتمام الدائم بذلك النهج ، وهناك فرصة أفضل لتصدير المنتج المصري الآن. ويبقي العمل والإنتاج وزياده معدلاتهما باستمرار هو الأساس في توفير المنتجات لتلبية حاجة الاستهلاك المحلي وحائط صد للحد من الواردات كسبيل يؤدي لارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي.

د. كرم سلام عبدالرؤوف: لا يوجد أي تخوف 

علي نفس الصعيد اعتبر الدكتور كرم سلام عبدالرؤوف، الخبير الاقتصادي ومستشار العلاقات الاقتصادية الدولية، ورئيس قسمي الاقتصاد والتجارة الإلكترونية بكلية العلوم الإدارية جامعة باشن العالمية المفتوحة بأمريكا، أن تدبير العملة الصعبة عبر بيع بعض الأصول المملوكة للدولة مهمة فى الوقت الراهن ، وهو بمثابة شراكات بين الدولة المصرية والدول الأخرى سواء العربية أو الأجنبية، ونظام الشراكات مطبق فى كل دول العالم ولا يوجد أي تخوف منه، و تأتي هذه الصفقات وفق أهداف تحقق أعلى استفادة للدولة المصرية وتعظم من استغلال الأصول المملوكة لها وتضمن حقوق الأجيال المقبلة ، حيث أن إقامة مشروعات من العدم هو استثمار أكثر جدوى لجميع الأطراف.

واستطرد قائلاً:" لقد أعلنت مصر  استحواذ صندوق الاستثمارات السعودي على حصص أقلية مملوكة للدولة المصرية في أربع شركات رائدة ومدرجة بالبورصة بقيمة 1.3 مليار دولار، وأتى ذلك بعد أربعة أشهر من إعلان القاهرة بيع حصص في خمس شركات للصندوق السيادي الإماراتي مقابل 1.8 مليار دولار، وسبقها بيع حصص مصر في شركتين أخريين للصندوق الإماراتي، و أن مبادلة الديون بالأصول و البيع كان اضطراريًا للسعودية والإمارات لحاجة مصر إلى تسديد أقساط وفوائد ديونها المستحقة.

وقال د. كرم سلام عبدالرؤوف إن الحكومة تدرس الشركات التي من المتوقع طرحها للبيع أو التداول في البورصة قريباً وأبرزها: شركة مصر لتأمينات الحياة، والنصر للتعدين، والسبائك الحديدية، والدلتا للصلب، وسيناء للمنغنيز، والمكس للملاحات، ونادي غزل المحلة، ودمياط لتداول الحاويات، وبورسعيد لتداول الحاويات، وشركة المعمورة للتعمير والتنمية السياحية، وشركة بيوت الأزياء الراقية "هانو-بنزايون"، وشركة العبد للتشييد والبناء، والمعادي للتنمية والتعمير، والنصر العامة للإسكان والتعمير.

يضاف لذلك دمج أكبر 7 موانئ مصرية في شركة واحدة استعداداً لطرحها في البورصة، وكذلك عدد من الفنادق المملوكة للدولة ومشروعات النقل.

بدائل مأمونة العواقب 

هناك عدة مصادر مأمونة العواقب – كما يقول د. كرم سلام عبدالرؤوف - للحصول على العملات الأجنبية الرئيسية المكونة لاحتياطى النقد الأجنبى ومنها: إعادة تنشيط الشركات الحكومية لزيادة الإنتاج والإيراد، والإصلاح الضريبي، والعمل على زيادة الإيرادات الضريبية ومكافحة التهرب، إعادة النظر في الإنفاق على المشروعات الكبرى بلا أولوية، وزيادة الاستثمار الحقيقي حيث يعد نقص الدولار المطلوب في مصر هو عرض لمشكلة أساسية تتمثل في ضعف ما يسمى بالاستثمار الأجنبي والمحلي الحقيقي الذي يعتمد على الزراعة والصناعة والتصدير ، ويرجع ضعف الاستثمار الحقيقي  إلى "البيروقراطية وارتفاع الضرائب وأسعار الطاقة ومنافسة الحكومة للقطاع الخاص.

هناك ضرورة لزيادة الصادرات المصرية للخارج، ويبلغ متوسطها الحالى 20 مليار دولار، ومن المستهدف الوصول بها لـ25 مليار دولار خلال العام الجارى، وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، ومتوسطها السنوى 7 مليارات دولار، وتستهدف مصر رفعها لـ10 مليارات دولار خلال العام الجارى، وزيادة تحويلات المصريين فى الخارج، التى وصلت إلى مستوى قياسي فى الفترة الماضية، بتحقيقها 24 مليار دولار خلال عام ٢٠٢١، وزيادة عائدات وإيرادات قناة السويس، ويبلغ متوسطها السنوى نحو 5.3 مليار دولار، وتشجيع وتحفيز استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية المصرية، أذون وسندات الخزانة، التى تسجل نحو 19 مليار دولار، وزيادة إيرادات السياحة، وتبلغ نحو 8 مليارات دولار سنويًا كمتوسط، وزيادة عائدات إيرادات السياحة سواء الخارجية وتشجيع السياحة الداخلية،  وزيادة وتشجيع أنشطة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وترشيد الانفاق الحكومى والاهتمام بالأساسيات الضرورية للحياة، والمشروعات ذات الأولوية لتنمية الاقتصاد المصرى، وتشجيع المبادرات الحكومية مثل مبادرة "ابدأ" وتمكين العاملين  فى الخارج من إدخال سيارة معفاة من الجمارك مقابل وديعة لفترة معينة ، وعمل الشراكات مع الدول العربية والأجنبية لتشجيع الاستثمار، وإعادة هيكلة شركات القطاع العام الخاسرة ودمجها فى الشركات الرابحة وإدارتها بمفهوم القطاع الخاص حتى لا تكون عبئا على الموازنة العامة للدولة.

وفى النهايةمن الضرورة اختيار نوعية الشركات التي يتم بيعها، بحيث لا تندرج ضمن قائمة الشركات الاستراتيجية التي قد تتعلق بالأمن القومي المصري مثل شركات السلاح أو البنى الأساسية.
----------------------------
تحقيق: بسمة رمضان
من المشهد الأسبوعية







اعلان