17 - 07 - 2024

"التحرر المناخى" فى قمة شرم الشيخ : مواجهة التغيرات المناخية فى قبضة السياسة

- رؤساء الدول النامية يطالبون بـ "العدالة المناخية " وووفاء الدول الكبرى  بالتزاماتها
- معركة .. نضال .. حقوق .. عدالة .. مفردات تكررت فى كلمات زعماء الدول النامية
- أفريقيا تشارك بـ 3% فقط من الانبعاثات .. وتدفع فاتورة غضب "المناخ"
- استطلاعات الرأى تكشف وعى المصريين بمخاطر تغير المناخ
- بمسارات الدراجات .. والحقائب القماش تفاعلت شوارع القاهرة مع شرم الشيخ 

أهم ما حققته قمة المناخ Cop 27)) قبل أن تبدأ حالة الوعى بوجود مشكلة تتطلب المواجهة والحل وأن المواجهة ليست فقط بالسياسات وإنما أيضا بالسلوك الذى نمارسه يوميا.

حالة الوعى كشفتها إستطلاعات الرأى وأحدثها إستطلاع رأى أجراه مركزمعلومات  ودعم إتخاذ القرار بمجلس الوزراء على عينة من البالغين من 18سنة ، وأكثر جاء بنتائج الاستطلاع أن  43.7% يرون أن تغير المناخ المتسبب الرئيسى فيه التدخلات البشرية وأنشطة الانسان المنتجة للغازات الدفيئة ، مقابل  35.6% يرون أن تغير المناخ هو نتاج  تفاعل لعدة متغيرات طبيعية وسلوكيات وتدخلات بشرية خاطئة ، وطالب 45% من أفراد العينة بوضع قضية التغيرات المناخية على قائمة أولويات الحكومة.. الاستطلاع تم فى شهر سبتمبر 2022 قبل قمة المناخ بشهرين  وأعلنت نتائجه مع بدء أعمال القمة.

لم يكن هذا هو استطلاع الرأى الوحيد ، فقد أجرت منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" استطلاع رأى كشف أيضا عن إرتفاع نسبة الوعى بقضية التغيرات المناخية ، وإستطلاعا ثالثا أجرته "مؤسسة بصيرة".

حالة الوعى نتاج لجهد مكثف من المجلس الوطنى للتغيرات المناخية برئاسة د. مصطفى مدبولى والذى واكبته تغطية إعلامية مكثفة خلقت مناخا للتغييرفى الأفكار والآراء.

من الوعى للسلوك.

الأهم من حالة الوعى هو ترجمة الوعى لسلوك ظهر فى الشارع المصرى عبر مسارات لركوب الدراجات  وسط القاهرة "النقل الأخضر والمستدام " والظهور المكثف للحقائب القماشية فى المحال التجارية ، وعلى الأرصفة ، والتفنن فى إنتاجها فى شكل جميل لتظهر على أكتاف النساء، والجديد أيضا الذى حدث أثناء انعقاد القمة هو توقف عدد من السلاسل التجارية عن التوزيع المجانى للأكياس البلاستيك وإلزام المستهلكين بالشنط المصنوعة من القماش التى يعاد إستخدامها مما يخفف من الأحمال البلاستيكية التى تلوث البيئة وتهدد حياة الكائنات البحرية.

التحرر المناخى ..وحديث الزعماء..

من الشارع المصرى وانعكاسات القمة على وعيه وسلوكه إلى كلمات الزعماء والرؤساء التى شحنت بحماسها نفوسنا وإعادتنا لأجواء عالمية أشبه لأجواء حركات التحرر الوطنى وكلمات "ناصر- نهرو- تيتو" زعماء حركة عدم الانحياز حيث رصدنا كلمات "النضال - العدالة – الحقوق"

فى كلمته تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن التحديات التى تواجه الدول النامية ، وأكد على التزام الدول النامية بتنفيذ التزاماتها فى مواجهة تغير المناخ ، وعرض جهود الدولة المصرية الجادة لتطبيق نموذج تنموى مستدام ، يأتى تغير المناخ والتكيف مع آثاره فى القلب منه بهدف الوصول بنسبة المشروعات الخضراء الممولة حكوميا إلى 50% بحلول سنة 2025 و100% بحلول 2030.

وقال إن القارة الأفريقية تواجه سلبيات التغير المناخى رغم عدم مسئولياتها عن الانبعاثات المسببة له ، وتتحمل الدول الأفريقية الآثار الاقتصادية والاجتماعية  والأمنية والسياسية المترتبة على تغير المناخ ، وتحاول رغم التحديات تقديم نموذج لعمل مناخى جاد ، وطالب "السيسى"بمنح القارة الأقريقية معاملة خاصة فى إطار تنفيذ إتفاق باريس. 

فى كلمته خلال الجلسات الرئاسية قال نيكولاس مادورو – رئيس فنزويلا - إن الرأسمالية مسؤولة عن استنزاف الموارد مما يهددالتنوع البيولوجى وفقدان  الأنواع ، وأضاف أن 80% من الكوارث الطبيعية التى وقعت خلال العقد الأخير سببها التغيرات المناخية التى يشهدها العالم ، ويتحمل مسؤولياتها بالأساس النظام الرأسمالى العالمي ، وأن الدول المتقدمة لم تف بالتزاماتها التى تعهدت بها من قبل تجاه الدول النامية ، التى تعانى شعوبها من تداعيات تغير المناخ ، مستخدما لفظ النضال عند حديثه عن إنقاذ غابات الأمازون.

وفى كلمته قال ماكى سال - رئيس السنغال - إن تحقيق العدالة يستلزم تحمل الدول الصناعية الكبرى لمسئولياتها التاريخية عن الانبعاثات ، ودعا الدول الأفريقية للتكاتف من أجل إيجاد آلية ملزمة لدفع الدول الصناعية التمويل اللازم للتكيف ، مشيرا إلى أن التمويل المعلن لايتجاوز ربع التقديرات الأفريقية اللازمة للتكيف ورغم ذلك لم يتم الوفاء بها.

وفى نفس الاتجاه تحدث إسماعيل عمر - رئيس جمهورية جيبوتى - مشيرا إلى أن أفريقيا لاتساهم إلا ب3% فقط من الانبعاثات ، ورغم ذلك تتحمل تداعيات التغيرات المناخية وأن جيبوتى تعانى من الفيضانات التى تهدد حياة السكان. وطالب الدول الصناعية بسداد التزاماتها بدفع 100مليار دولار سنويا لمساعدة الدول النامية على تنفيذ مشروعات التكيف.

وتحدث فى القمة - التى  شارك فيها 40 ألف شخص من حوالى 197دولة ، بينهم 111 من رؤساء الدول والحكومات على مدار يومى 7و8 نوفمبر خلال 6 اجتماعات دولية.  

صوت الشعوب.

قمة المناخ بشرم الشيخ لم تكن فقط لكلمات الرؤساء وبيانات الحكومات ، ولكن كان لصوت الشعوب مكان ، حيث نظمت الجماعات المهتمة بالحقوق المناخية مظاهرات ورفعت لافتات تطالب فيها الدول الصناعية الكبرى بتحمل مسؤولياتها  بخفض الانبعاثات وتبنى إجراءات تلتزم بها الدول المصدرة للانبعاثات. وأكد المتظاهرون بحقوق الدول النامية فى العدالة المناخية ، وطالبوا الدول الصناعية بدفع فاتورة الانبعاثات الصادرة عنها للدول النامية لمساعدتها على التكيف.

تنوعت مطالب المتظاهرين ، ولم تتوجه فقط للحكومات والرؤساء ، وإنما أيضا توجهت للناس تطالبهم بالحد من أكل اللحوم والتحول للأكل النباتى والزراعة العضوية التى تحافظ على البيئة ، ومظاهرات أخرى طالبت بالحد من استهلاك البلاستيك لما يمثله من عبء بيئى يصعب التخلص منه.

تحديات التمويل .. وابتكار الحلول

تبقى قضية التمويل هى الأهم على أجندة قمة شرم الشيخ ، لذلك تم تخصيص جلسات يوم  الأربعاء 8 نوفمبر لها ، الجلسات شارك فيها رئيس البنك الدولى ورئيس صندوق النقد الدولى ووزراء مالية من الدول المشاركة وممثلون عن القطاع الخاص ، جلسات يوم التمويل جاءت فى إطار هدف "معا للتحرك وتنفيذ الوعود"

وفى كلمته خلال الجلسة الافتتاحية ليوم التمويل تحدث د. محمود محى الدين – رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف إتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخى COP27 والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعنى بتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة – مؤكدا أن التمويل الكافى والعادل هو مفتاح النفيذ الفعلى للعمل المناخى الذى يدعو إليه مؤتمر المناخ ، مشيرا لوجود فجوة تمويلية كبيرة للعمل التنموى والمناخى فى الدول النامية والناشئة تقدر بـ 1.3 تريليون دولار حتى عام 2025

وأضاف أن الالتزام بتعهد مؤتمر الأطراف قى كوبنهاجن بتمويل العمل المناخى فى الدول النامية بـ 100 مليار دولار سنويا لم يتم الوفاء به حتى الآن ، إلا من عدد قليل من الدول ، رغم أن مبلغ الـــ 100مليار دولار لا يمثل أكثر من 3% من التمويل المطلوب.

وأضاف أن 80% من تمويل العمل التنموى والمناخى فى الدول النامية تتحمله الموازنات الحكومية ، وأن 60% من التمويل يأتى بالاستدانة.

وأشاد بما توصلت إليه مبادرة المنتديات الاقليمية الخمسة التى أطلقتها الرئاسة المصرية من 400 مشروع تغطى فى مجلمها مختلف أبعاد العمل المناخى .

وأكد ضرورة خفض الدين وتفعيل مقايضة الديون مقابل الاستثمار فى مشروعات المناخ والبيئة.

أجندة قمة الشيخ متنوعة بتنوع الآثار المترتبة على التغيرات المناخية من الفقر للصحة والأمن الغذائى والاقتصاد والسياحة والطاقة والطفولة والشباب.
------------------------------
تقرير تكتبه : نجوى طنطاوي