16 - 08 - 2024

قراءة في اللقطة الأهم بالمونديال .. قمة السيسي واردوغان تخطف انتباه العالم وشبه صمت رسمي مصري

قراءة في اللقطة الأهم بالمونديال .. قمة السيسي واردوغان تخطف انتباه العالم وشبه صمت رسمي مصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان لقاء هو الأول من نوعه في الدوحة بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الأحد، بعد حضورهم حفل افتتاح بطولة كأس العالم 2022. ويتضح من ردود الفعل أن اللقاء المفاجيء أربك حسابات من كانوا يراهنون على استمرار حالة العداء بين الرئاستين التركية والمصرية ، حيث بدأ لوم أردوغان على التراجع عن تعهداته بعدم اللقاء مع رئيس هرم السلطة في مصر ، وربما زادهم غيظا حفاوة أنقرة وعدم اهتمام المواقع والصفحات الرسمية المصرية باللقاء، ما يعني أن مصر في الموقف الأقوى.

وأظهرت صورة وزعتها الرئاسة التركية أردوغان وهو يصافح السيسي على هامش الافتتاح وبينهما أمير قطر. وأضافت المصادر أن الدوحة تواصلت مع القاهرة وأنقرة قبل أيام لترتيب اللقاء الذي يعد الأول بين الرئيسين ، وقد يمثل لقاء الدوحة بداية اختراق في العلاقات المصرية التركية التي بذل البلدان جهوداً لإصلاحها بعد سنوات من القطيعة أعقبت اتخاذ أنقرة موقفاً سلبياً من التغيير السياسي الذي شهدته مصر عام 2013 والإطاحة بحكم جماعة الإخوان إثر احتجاجات شعبية. 

وبعد نحو 8 سنوات من الجفاء، أعربت تركيا في مارس 2021 عن استعدادها لفتح صفحة جديدة مع مصر ودول الخليج العربي، وأكد مسؤولوها البحث عن سبل لـ"إصلاح العلاقات" مع القاهرة. وعقد البلدان لاحقاً جولة من "المباحثات الاستكشافية" بين وفدين دبلوماسيين في مايو 2021، وتركزت النقاط الخلافية في ملف عناصر الإخوان المقيمين في تركيا والمطلوبين على ذمة محاكمات في القاهرة، والحملات الإعلامية ضد القاهرة عبر منصات تتخذ من تركيا مقراً لها، وملف تواجد القوات التركية في ليبيا، إلى جانب عمليات التنقيب التركية شرق المتوسط. وعُقدت جولة ثانية في سبتمبر 2021 دون أن تتبعها خطوات أخرى في سبيل إصلاح العلاقات. 

ووصف محللون مصريون المصافحة التاريخية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قطر، بأنها خطوة إيجابية في العلاقات المصرية التركية. وقال الدكتور حامد فارس أستاذ العلاقات الدولية: انها ستكون خطوة بداية لإحداث إنفراجة في العلاقات المصرية التركية المعقدة والمتشابكة، والتي تحتاج إلى تنسيق المواقف المصرية التركية في ظل أن هناك الكثير من القضايا التي بها الكثير من التباينات والإختلافات والتي لا يمكن حلها إلا من خلال التوافق المصري التركي

وأوضح فارس أن لقاء الرئيسيين من الممكن جدا أن يكون الأساس لبناء علاقات جيدة ولإذابة الجليد وخلق بيئة ايجابية لتكون دافعا لعلاقات أكثر توازنا وإستقرارا لصالح منطقة الشرق الأوسط". 

أما كرم سعيد المحلل المتخصص فى الشأن التركي فأكد أن المصافحة تحمل عدة دلالات: "أولها إنكسار جبل الجليد بين مصر وتركيا وباتت هناك فرص أكثر تهيئة لتعزيز التقارب بين البلدين على المستوى السياسي، وثانيها يبدو أن كلا البلدين لديهما رغبة في حل القضايا الخلافية والملفات الشائكة بينهما، خصوصا أنه جرى خلال الشهور الماضية تحريك المياة الراكدة ، كان أخرها حديث الرئيس التركي قبل أيام عن أن هناك توجه تركي مغاير بعد الانتخابات المقرر لها منتصف العام المقبل لإعادة العلاقات مع الدول التي تجمعها خلافات مع تركيا وكان يقصد مصر وسوريا. والثالثة أن "تركيا ومصر ربما سيمضيان في الفترة المقبلة إلى تعزيز مشاريعهما المشتركة في المجال الإقتصادي وتعزيز فرص التقارب السياسي بينهما خاصة أن هناك رؤية مشتركة حيال بعض قضايا الإقليم خاصة أن هناك قضايا خلافية فيما يتعلق بالملف الليبي، لكن ربما لديهما رغبة في معالجة هذه القضايا الخلافية وبناء رؤية مشتركة حيال صراعات الإقليم. خصوصا أن الفترة الماضية شهدت رغبة تركية في تفهم المشهد في ليبيا.. والأمر الآخر السياسات التركية فيما يتعلق بمعالجة ملف الإخوان المسلمين، سواء بترحيل بعض الفضائيات التي تبث من إسطنبول، أو ضبط الأداء الإعلامي وإلزام الفضائيات التي لا تزال قائمة بمعايير الأداء الإعلامي. 

وأشار مصطفى صلاح الباحث فى الشأن التركي إلى أن "رفع مستوى وملفات التفاوض لا يمكن أن يتم إلا على مستوى وزراء الخارجية أو الرؤساء وبالتالي قد يكون اللقاء المباشر بينهما في مناسبة ليست سياسية بمثابة دافع مهم لمحاولة رفع مستوى وملفات التفاوض خاصة وأن قطر في الفترة الأخيرة أظهرت نوعا من أنواع التقارب مع مصر وهي أيضا أحد الدول التي تمتلك علاقات وثيقة مع تركيا.. ولعل هذا الحدث قد يوفر مساحة لتبادل بعض وجهات النظر حول مختلف القضايا المطروحة بينهما وكانت السبب في توتر علاقاتهما، ومن جهة أخرى قد يكون هذا اللقاء بداية لوساطة قطرية بين مصر وتركيا حول تذليل الصعوبات ورفع الحرج عن تركيا فيما يتعلق طلب العودة مجددا للمفاوضات". 

وأوضح محمد ربيع الديهى الباحث في العلاقات الدولية والمختص بالشأن التركي أن أنقرة أعلنت أن حكومة الدبيبة في ليبيا غير معنية بتوقيع الإتفاقيات الدولية وأن مدتها قد إنتهت في يونيو الماضي وهذا الموقف التركي يمثل استجابة من طرف أنقرة للشروط المصرية. وأكد أن "لقاء قادة البلدين خطوة نحو إذابة الجليد في العلاقات بين البلدين، في ظل توتر في العلاقات منذ عام 2014 وتأكيد أردوغان أكثر من مرة أنه لن يصافح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فهذا اللقاء يعني نجاحا للدبلوماسية المصرية في تحقيق أهدافها الخارجية ولجم طموح تركيا الخارجي. ويمكن هنا أن نتحدث عن نجاح دبلوماسية القمة في تحقيق أهداف أسرع، لذلك من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تشاور من جديد بين البلدين، وربما يكون هناك إتصالات بين قيادة البلدين خاصة وأن تركيا قامت مؤخرا بوضع إعلامي جماعة الإخوان الارهابية على قوائم الإرهاب، ورحلت بعضهم إلى سجون حدودية في خطوية أقرب لترحلهم إلى مصر، خاصة وأن أغلبهم متهمين بقضايا إرهاب في محاولة من النظام التركي للتقارب مع القاهرة وتحسين العلاقات.. وقد يتم تنظيم قمة مشتركة في أحد البلدين في حال نجاح النقاشات وإلتزام تركيا بالشروط المصرية لعودة العلاقات بين البلدين. 

 المحلل إيهاب نافع يؤكد التوقف أمام عدة نقاط - بدء الإستئناف المباشر للعلاقات المصرية التركية وتوقعات بزيارات متبادلة بين قادة البلدين - استئناف المفاوضات المباشرة بين البلدين التي إرتقت من تنسيقات أمنية وإستخباراتية غير معلنة، إلى لقاءات دبلوماسية - بدء التنسيق بشكل أكثر جدية في الملف الليبي وبالتالي تيسير الوصول لحل للأزمة الليبية" - الانخراط في الإجابة بوضوح على كافة المطالب المصرية بشأن الإخوان، خاصة وأن الأجواء أضحت مهيأة حاليا أكثر بكثير من سابق الأيام - إضافة إلى أن "تركيا وقطر سترفعان غطائهما المباشر للتنظيم الدولي بعد التحول للعب على المكشوف بينهما مع مصر في كل ما يرتبط بملف التنظيم والمطلوبين للقضاء المصري. والقمة المصرية التركية بحضور قطري تفتح آفاقا واسعة للتنسيق المباشر بين اثنين من أكبر بلدان العالم الإسلامي تسببت الأزمة بينهما في تصدع إقليمي واضح ، وسيبقى شرق المتوسط حاضرا بقوة على طاولة العلاقات بين البلدين."

أما DW فوصفت مصافحة المونديال بأنها بداية نهاية سنوات من التوتر بين أردوغان والسيسي. وقالت إنه "التواصل الثنائي الأول" بين الرئيسين المصري والتركي، بعد سنوات من التوتر بينهما. وفي مفاجأة لكثيرين ظهرت صورة لأردوغان وهو يصافح السيسي، بل وكانا مبتسمين، 

وأضافت للمرة الأولى، تصافح الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي ،وأظهرت الصورة التي نشرت على الموقع الرسمي للرئاسة التركية، الرئيسين اللذين ميز الفتور علاقتهما منذ تولي السيسي الرئاسة في مصر، يتصافحان مبتسمين. وأكد مسؤول في الرئاسة التركية لوكالة فرانس برس مساء الأحد أنه "التواصل الثنائي الأول" بين الرئيسين أثناء حفل افتتاح البطولة. وذكرت وكالة أنباء الأناضول الحكومية التركية أن أردوغان صافح السيسي وأجرى لفترة وجيزة محادثات معه ومع قادة آخرين بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله. والصورة من بين صور أخرى تظهر تبادل الابتسامات بين أردوغان ورؤساء الدول والحكومات الذين جاؤوا الى قطر لحضور افتتاح المونديال. 

 وسبق أن أكد أردوغان أنه يرفض التحدث مع الرئيس السيسي ، غير أن أردوغان قال في يوليو إنه لا يوجد سبب لعدم إجراء محادثات رفيعة المستوى. ولدى عودته من قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا، لمح أردوغان خلال حواره مع الصحافيين الأتراك الأسبوع الماضي، إلى استعداده لمراجعة علاقاته مع سوريا ومع مصر. وقال "يمكننا إعادة النظر في العلاقات مع الدول التي واجهتنا معها صعوبات. ويمكننا حتى أن نبدأ من الصفر، خاصة بعد انتخابات يونيو 2023"، وفي القاهرة، لم يصدر تعليق من الرئاسة المصرية على مصافحة أردوغان والسيسي حتى نشر هذا الخبر.
-------------------------
وكالات الأنباء و ٌRT و DW