30 - 06 - 2024

إبراهيم البريدى .. حين يلعب الفنان أكثر من الأطفال

إبراهيم البريدى .. حين يلعب الفنان أكثر من الأطفال

قصاقيص قماش وإبرة خيط وعقل حويط بداخله طفل يشكل ألعاب وحكايات الطفولة.. يشب وينط، ويجرى ويحلم، ويغنى ويرقص، يصحو وينام، ويروى قصص الأحلام.. إبراهيم البريدى بداخله طفل أكثر من الأطفال أنفسهم، وروح شفيفة، وقلب نابض بالحياة المتفائلة الجميلة.. البريدى نهر من الإبداع يتدفق دون تردد ببساطة وحب.

أستطيع أن أؤكد أن طاقة إبراهيم البريدى الإبداعية تجاوزت حد التقييم ليس لإنتاجه الغزير ، ولكن لقدرته الجبارة على محاكاة الأطفال والكبار على حد سواء بلغته التشكيلية البسيطة بدون تكلف ولا تصنع. لديه ذاكرة حديدية فى استدعاء لغة الأطفال وألعابهم، والتشكيل التلقائى البريء بها بوسطة قصاقيص القماش الملونة والخيط، وتحويل الأشعار والأغانى الى لوحات فنية بلغة وتشكيل طفولى تجاوز لعب الأطفال ولم ينحرف عن كونه لعبا بريئا يطرح أفكار وتشكيلات مدهشة.

الفنان البريدى لم يأخذ حقه بعد. يراه بعض الفنانين أنه فنان السهل الممتنع، وأنه قادر على إبهار المشاهد ببساطة تشكيلاته ولغته الحوارية الطفولية التى ترتبط بالغريزة الفطرية أكثر بكثير من الرؤية التاريخية للأشياء، وهذا سبب النجاح الذى وصل إليه. وهناك البعض من الفنانين يرى أن البريدى فنان بسيط ويلعب كما الأطفال دون عمق للأفكار ولغة التشكيل، وأتحدى هؤلاء بأن يدخلوا التجربة ويقدموا واحدا على خمسين مما يقدمه البريدى ببساطة كأنه يتنفس. فنان بداخله مخزون ثقافى للتراث والحياة مكنه من الإبداع ببساطة جعلت البعض يرى ما يقدمه بسيطا. ربما يرجع هذا الى الطريقة التى يقدم البريدى بها نفسه، فمن كثرة أعماله تراها منتشرة فى معظم الجاليرهات ولدى الكثير من مسوقى الفن، ولغزارة إنتاجه تتوالى معارضه فى فترات متقاربة. الأمر الذى جعل البعض يتخيل أن الحكاية سهلة، ولكن الحكاية وراءها مبدع حقيقى ربما أخطأ فى إدارة إنتاجه الفنى. لكنه نجح فى تأكيد أسلوبه الفنى وتحدى ببساطته التشكيلية والحالة المبهجة التى يصدرها فى غالبية أعماله، وأصبحت له بصمته الخاصة.

  فى معرضه المقام بقاعة نوت بالزمالك هذه الأيام أضاف إبراهيم البريدى فكرة اللعب بالمجسمات بواسطة "العروسة القماش" تناولها بطرق مختلفة وأفكار جديدة وأدخلها فى حوار تشكيلى مع أسلوبه السابق المرتبط بالتشكيل بقصاقيص القماش

ولكن بسبب كثرتها بدت فى عدد من اللوحات كما لو كانت أعمال متكررة، وأن البريدى لم يقدم حلولا تشكيلية متنوعة لشكل العروسة وغلبت الرؤية التاريخية الرؤية الغريزية فى كثير من الأعمال التى حين تشاهدها تتذكر العروسة القماش التى كانت تصنعها الأمهات للأطفال. ولم يضف البريدى رؤيته الخاصة فى التشكيل كما عودنا، وخاصة أنه نجح فى عدد من الأعمال فى كسر الإيقاع التقليدى لعرض العروسة وإدخالها فى جمل تشكيلية حقيقية . الأمر الذى يجعلنا نطالبه بإعادة النظر فى الأعمال التى لم يحقق فيها حلولا تشكيلية للعروسة تضاهى أعماله السابقة المرتبط بتشكيل اللوحات بقصاقيص القماش التى يقوم بتجميعها بواسطة الإبرة والخيوط، والتى أصبح لها إسم هو من أطلقه "المرج خيط". والتى يؤكد الفنان فيها قدرته على التشكيلات اللونية والخطية بحس عالى ورهافة ملفتة وتمكن من إيجاد حلول بالبحث عن الألوان المناسبة من القماش وقصها بالحجم الذى يحقق الإنسجام والتفاعل داخل اللوحة.
--------------------------
بقلم: د. سامى البلشى






اعلان