بدأت أميرة فكري- الكاتبة والباحثة العسكرية- حياتها قاصة متميزة، وفازت بالعديد من الجوائز على منجزها في هذا المجال، ثم اتجهت بعد بكل قواها إلى التأريخ لرموز العسكرية المصرية بأسلوب يميل إلى السهل الممتنع.. أسلوب يفيض رقة وعذوبة، ويتماس مع القارئ العادي والباحث المتخصص على السواء ..
طرقت أميرة فكري أبواب هؤلاء الأبطال من هم على قيد الحياة ، ثم تذهب إلى أسرة الذين سبقوا إلى دار الخلد، ولم تكتف بذلك ولكنها جمعت الأرشيف الصحفي لكل شخصية تناولتها..
في مدينة المنصورة استقبلت أول نسمات الحياة عام 1975، وتعلمت في مدارسها ثم التحقت بكلية الآداب جامعة المنصورة واختارت قسم علم النفس، وقد ساعدها هذا التخصص كثيراً في رسم شخصيات أعمالها الأدبية والتاريخية ، وتخرجت عام 1997، وفي فترة وجيزة احتلت أميرة مكانة متقدمة بين الباحثين العسكريين وفي دنيا الأدب، وخصوصا وأنها أول امرأة تؤلف كتباً في هذا المجال الصعب.
وخلال هذا المشوار أمدت المكتبة العربية، بالعديد من المؤلفات، منها عن المشير أحمد إسماعيل القائد العام للقوات المسلحة في حرب أكتوبر المجيدة، وخصته بأكثر من كتاب مثل: "المشير أحمد إسماعيل ..من بطولات مصرية"، و"المشير أحمد إسماعيل بطل لا يعرفه كثيرون"، ثم كتيب عنه صدر عن إدارة الشئون المعنوية وذلك في احتفالات نصر أكتوبر عام 2009، ثم تناولت بطلاً أخر وهو الجنرال الذهبي الفريق أول عبد المنعم محمد رياض ، فخصته بأكثر من كتاب أيضاً مثل: "الفريق عبد المنعم رياض- القدوة والرمز"، و"الفريق عبد المنعم رياض رمز العسكرية المصرية"، ثم واصلت الكتابة عن هؤلاء الكبار، فكتبت عن المشير أبو غزالة أكثر من كتاب أيضاً "المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة مسيرة قائد"، و"المشير أبو غزالة .. القائد الإنسان"، و"المشير أبو غزالة ظلمته السياسة وأنصفه التاريخ"، ثم كتبت مذكرات بعض الأبطال: "مذكرات اللواء محيي نوح.. بطل الصاعقة والمجموعة 39 قتال"، و"خفايا وأسرار من غرفة عمليات حرب 6 أكتوبر.. من مذكرات ضابط مصري .. اللواء حسن الجريدلي رئيس هيئة العمليات الأسبق"، و"أوراق من حياة المشير الجمسي"، كما أن لها بعض المجموعات القصصية مثل: "كلمات بالسليوفان"، و"عروسة ماريونت"، ولها أيضا: "معتقل جوانتنامو الرهيب"، وحقيقة البهائية". وقد تأثرت بالعديد من المؤرخين العسكريين والصحفيين الكبار أمثال الأستاذ جمال الغيطاني، واللواء طه المجدوب وحسن البدري، وكتاب مشاوير العمر للفريق أول كمال حسن علي، وكتاب الفريق عبد المنعم خليل، والأستاذ عبد الوهاب عبد الحي في كتابه الرائع عن الفريق عبد المنعم رياض، وقد تأثرت بمنهجه وبأسلوبه في كتاباتها بعد ذلك وخصوصا كتابها الفريق عبد المنعم رياض.
وقد شاركت أميرة فكري في إعداد وتسجيل العديد من الأفلام الوثائقية لكبار القادة وشهداء الوطن بإدارة الشئون المعنوية ، حيث أعدت المادة العلمية والسيرة الذاتية لشهداء الوطن بالتعاون مع اللواء مسعد الششتاوي، للمسلسل الإذاعي "سكة العاشقين"، بالإذاعة المصرية، أكتوبر 2016، ومسلسل "حكاية شهيد" والذي عرض في أكتوبر 2018، بالتعاون مع اللواء عبد المنعم كاطو.
وبعد ثورة 30 يونيو 2013 انشغلت أميرة فكري عن كتاباتها العسكرية واتجهت لتوثيق ملف الشهداء الذي لقوا الله بأيدي الإرهاب الغاشم، وكتبت سلسلة في مجلة "النصر" التي تصدر عن إدارة الشئون المعنوية ، ثم عادت مؤخراً للكتابة عن القادة أمثال: الفريق عبد المنعم خليل والفريق يوسف عفيفي والفريق عبد رب النبي حافظ وغيرهم..
وخلال رحلتها في مجال الإبداع والصحافة العسكرية حصلت أميرة فكري على العديد من مظاهر التكريم ، فقد حصلت على المركز الأول على الجمهورية في دوري الجمهورية في مجال القصة القصيرة عامي 98-99 على التوالي ونظمها المجلس الأعلى للشباب والرياضة ، كما حصلت على المركز الأول في القصة القصيرة في احتفالات اليوبيل الفضي بجنوب سيناء عام 1998، وعلى الميدالية البرونزية في مهرجان الشباب العربي التاسع بالإسكندرية في مجال القصة القصيرة ، كما حصلت على تكريمات أخرى عن مجمل جهودها في الكتابة العسكرية.
ويتلخص منهج أميرة في دراستها للشخصية العسكرية التي تتناولها أنها ترسم صورة متكاملة لها ، فتتحدث عن حياتها وعن جهودها وكواليس وأسرار تلتقطها من مذكرات المترجم له أو الذهاب إليه وعمل حوار مطول معه ، كما تستطلع آراء أصدقائه ، وزملائه ، وكل من خدم معه .. في لغة سهلة وبسيطة وبعيدا عن استخدام المصطلحات العسكرية أو التكثيف الذي لا داعي له.. باختصار هي متأثرة جداً بأسلوب القصة القصيرة في مفرداتها وتكنيك السرد.
فمثلاً في كتابها "أوراق من حياة المشير الجمسي" غاصت في أعماق وفكر وعسكرية الجمسي ، فتناولت نشأته وحياته المدنية والعسكرية التي استمرت قرابة الأربعين عاماً منذ أن تخرج في الكلية الحربية عام 1939، وحتى تقاعده عام 1980 وقد كانت له أنجازات ملموسة وعظيمة أثناء مشواره ومشاركته في الجولات العربية الإسرائيلية ودوره في التخطيط لحرب أكتوبر 1973، مع القادة العظام الذين اجتمعوا في عصر واحد، وحققوا ما يشبه المعجزات وبإمكانيات شحيحة، ثم ختم مسيرته بالتفاوض مع عدو الأمس في مفاوضات الكيلو 101 بعد وقف إطلاق النار عقب حرب أكتوبر1973 ثم رحلة التفاوض مع الإسرائيليين والتي بدأت بزيارة الرئيس السادات للقدس وانتهت بمعاهدة السلام في مارس 1979، والتي أسفرت عن جلاء إسرائيل عن كل الأراضي المصرية ، وقد عانت المؤلفة في جمع شتات معلومات هذا الكتاب فرجعت إلى مذكراته والتقت أسرته وبعض أصدقائه وزملائه وتلاميذه والمحررين العسكريين الذين عاصروه لتسجيل ذكرياتهم معه.
وفعلت هذا الصنيع مع كل الأبطال التي كتبت عنهم وقد اقتربت أميرة فكري من الشخصيات العظيمة وسبرت أغوارهم وتعاملت معهم بحرفية شديدة واستخدمت أدواتها البحثية بدقة.
----------------------------
بقلم: أبو الحسن الجمال
* كاتب ومؤرخ مصري
