30 - 06 - 2024

معادلات الثورة المصرية

معادلات الثورة المصرية

(أرشيف المشهد)

15-7-2011 | 19:47


حرفًا بحرف، وسطرًا بسطر، يمكن لكاتب لئيم أن يقارن بين ما يصدرعن القوى التي تهاجم ثوار التحرير حاليا، وما كان يطلقه إعلام الحزب الوطني وذيوله في أيام الثورة، ليقول – دون عناء – إن " المصالح، ولا شيء غيرها، تقدم التفسير الأوقع لسلوك تلك القوى ".

أرجع البصر، سيدي، وتذكر ما كان يقوله إعلام النظام السابق وذيوله في وصف الثوار، ثم أنزع الأسماء منها، وحوّلها إلي معادلات مجردة وستجد أمامك ما يشبه قوانينا، تمكنت بحكم طبائع السياسة، من القفز فوق كل مساحات الإلهام التي زرعتها، ثورة يناير.

أول معادلة تقول إن القوة المسيطرة على السلطة لا ترى في معارضيها غير مجموعة من المنفلتين الراغبين في فرض إرادتهم على المجتمع، حتى لو أدى ذلك لتعطيل الحياة العامة، ولذلك لا تتورع تلك القوة عن التلويح بعصاها الغليظة  والتهديد بكل البدائل، متصورة أن إنذارًا كهذا من شأنه أن يخيف ويرعب ويصرف خصومها من الميادين .

حضرت هذه المعادلة بسفور، عندما حشدت الأجهزة الأمنية في عهد الرئيس مبارك قوتها للتصدي لمظاهرات 25 يناير، وحضرت كذلك يوم لوّح أحمد شفيق بعد تعيينه رئيسًا للحكومة، باتخاذ إجراءات رادعة بحق المتظاهرين في التحرير، وها هي تحضر هذ الأيام، ولكن بتصريحات أقل حدة، يطلقها رجال المجلس العسكري بين فينة وأخرى ..    

أما المعادلة الثانية، فتخص الجماعات المزهوة بقربها من السلطة أو المتحالفة معها، وهذه تنظر للأمور بمنطق أن الذين يتحركون لإعادة صياغة المعادلة، محض قلة لا وزن لها، ويجب على  المجتمع أن يهرع لمواجهتها قبل أن تتسبب برعونتها في وقف عملية البناء الديمقراطي، وفتح الباب للتدخلات الأجنبية، وربما إخضاع البلد لوصاية أجنبية تعيد للأذهان، الطريقة التي احتل بها الإنجليز مصر في عام 1882.  

تجلت هذه المعادلة بوضوح، خلال الثورة، وأمثلة؛ هناء سمري وسيد علي ومجدي الجلاد وعمرو أديب و...و...، ما زالت حاضرة في الذهن، حيث كان كل منهم يتحدث عن ضرورات الاستقرار، وهو يحمل بين طيات ملابسه  خنجرًا ودّ لو طعن به الثوار جميعا ..

في إطار هذه المعادلة، تدخل تفاصيل كثيرة أهمها " موقعة الجمل " الشهيرة، والتي وجد القائمون بها من يدافع عنهم بدعوى أنهم  "  أناس تضررت مصالحهم، وفي إطارها أيضا يمكن  فهم  ما تردده  " قوى  الاستقرار الجديد " والتي تلتمس من نفس المدخل، الأعذار لمن يعتدون علي الثوار  داخل الميدان  "إنهم أناس ضاق بهم الحال بسبب الاعتصامات ".

على أن كلتا المعادلتين لا تحقق النتيجة التقليدية لها، طالما ظلت المعادلة الثالثة مكتملة العناصر.

هذه المعادلة، تقول إن  بقاء شباب الثوار في الميدان، يؤدي – عاجلاً أم آجلاً – لتآكل منطق الخصوم وتهاوي حصونهم الكلامية، لكن ذلك تحكمه قدرة الثوار على التماسك لأطول فترة ممكنة، و البعد عن المعارك الجانبية، وعدم الانجرار للعبة " الخيارات المتعددة  "، إضافة إلي وعيهم بأنهم الفاعل الرئيس في الساحة، حتى لو بدا البعض – بحكم المواقع – أكثر قوة و تنظيمًا ... و صراخاً. 

مقالات اخرى للكاتب

معادلات الثورة المصرية





اعلان