28 - 06 - 2024

أيام ضبابية

أيام ضبابية

(أرشيف المشهد)

11-7-2011 | 16:48

145 يوما مرت منذ سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك تحت وطأة الغضب الشعبي .. كانت كافية لأن يدرك من ائتمنتهم الثورة على أحلام الشعب أن المارد الذي خرج من القمقم لا يرضى بأنصاف الحلول ولا تنطلي عليه خديعة التسويف .. أو الرهان على أن الناس سوف تنسى وترضى بالقليل . تم التخلص من رأس النظام وحاشيته لكن النظام نفسه ظل باقيا .. وإن تغيرت المسميات والأشخاص .. وتغير الخطاب أملا في احتواء ما يتصورون انه هبة شعبية لا تلبث أن تخمد وتنطفيء نارها .. بقى النظام إلا قليلا .. فجهاز الشرطة لايريد إنحناء عناصره لأحكام القانون .. ولا مراجعة ملفاتهم وجرائمهم في حق الناس .. غابت الشفافية عن تشكيل جهاز الأمن الوطني .. وهل استوعب ضباط وأفراد أمن الدولة أم بحث عن ضباط بخلفية جديدة تجعلهم يدركون انهم في خدمة هذا الشعب وحراسا للقانون ولهيبة الدولة وليس لهيبة النظام .. كما استحكمت عقدة الرئيس المخلوع حسني مبارك , ومثلما ظل الناس يراهنون على عزرائيل للخلاص من حكمه أصبح هناك من يراهن على عزرائيل للخروج من ورطته.

أغلب الظن انه لم يكن هناك ادراك كاف أننا في مواجهة ثورة وأن الثورات لا ترضى بأنصاف الحلول ولا بتغيير اللافتات وانما ترضى بتصرفات حاسمة وسريعة ترد الحقوق وتقتص لدماء الشهداء .. الثورات لا تعترف بأبقار مقدسة هذا يجوز محاكمته وذاك لايجوز , فلو كان هناك مقدس ماخرج الناس عليه .

هذا التباطؤ المقصود في التغيير أتاح الفرصة لأن يخرج منتفعو النظام السابق من جحورهم ويحاولون اعادة الانتشار والتموضع أملا في فرصة نصر وفرصة اجهاض للثورة والتفاف عليها ..

المطالب والاضطرابات الفئوية والعمالية مثلت مناخا مناسبا لأعداء الثورة فالذين تسرعوا فعلوا نفس مافعله الرماة يوم أحد فكان الانكسار بعد الانتصار , والبلبلة بعد التوحد .. هناك ايضا قوى سياسية أرادت ان تحجز مكانا لها في المستقبل على حساب أحلام الناس واتسمت حركتها بالتردد فهي لاتعرف على وجه اليقين في اي معسكر تقف كالذي يقف بين جيشين وينتظر ميل الكفة لصالح طرف فينضم اليه لينال نصيبه من الغنائم.

في اوساط الثوار ايضا هناك ثوار حقيقيون وآخرون استغلوا الهرج فشاركوا في الزفة .. وبقيت الأحلام الشعبية صريعة تنتظر من يأخذ بيدها ويخلصها من هذا الجو المأفون.

8 يوليو كان يوما للفرز حاول فيه كل طرف مع أو ضد الثورة أن يجد موطئا لقدمه .. لكن وعي الناس أكبر من أن يجعلهم يلقون بأحلامهم مرة أخرى الى سوق مليئة بالسماسرة , لذلك فإن الأيام القادمة ستكون ضبابية وتحتاج حسما لكل شيء .. فالمصريون لن يرضوا بالفتات مرة أخرى .

نحتاج تطهيرا حقيقيا واقصاء لكل من تربح او استفاد أو استغل نفوذه لخدمة النظام أو لسطوة شخصية .. نحتاج محاسبة لا رأفة فيها لكل أذناب النظام وعزلا سياسيا حقيقيا لكل من ساعدوه على إرتكاب جرائمه .. أما امساك العصا من المنتصف فيهدد بنشر فوضى لن يستطيع أحد مهما كان دهاؤه أن يخرج البلاد منها.

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان