30 - 06 - 2024

نظرية نسف الآثار للشيخ الشحات

نظرية نسف الآثار للشيخ الشحات

(أرشيف المشهد)

26-8-2011 | 01:44

للشيخ "عبد المنعم الشحات"، المتحدث باسم الدعوة السلفية بالاسكندرية، رأى صادم، فى الحضارة المصرية القديمة، يناقض رأى العالم كله، إذ لا يرى فيها سوى  مجرد "حضارة عفنة"، بلا قيمة أو مضمون أخلاقى، ولم تترك لنا سوى مجموعة من "الأوثان"، أو رموزا لـ" الشرك" بالله، هى تلك التماثيل والأنصاب العظيمة، التى بهرت العالم، ولازالت، منذ آلاف السنين، وهو كان يتمنى من أعماق قلبه، أن يملك القدرة على نسف هذه الآثار التليدة من جذورها، لولا أن " العين بصيرة .. والأيد قصيرة " !، وهولذلك يكتفى بضرورة صب حجاب من الشمع يخفى وجوه هذه التماثيل العكرة، حتى يحجبها عن الأنظار، فلا تخر لها ساجدة خاضعة!.

لم يقرأ الشيخ الشحّات، بالطبع، كتاب العلاّمة "جون هنرى بريستد"، المعنون   بـ " فجر الضمير"، الذى يعتبرأن فضل الحضارة المصرية القديمة، على البشرية، لا يضاهيه فضل لحضارة أخرى، ويعتبرها الحضارة الخالدة، المؤسسة، الأم، التى كانت موئلا لـ"فجر الضمير الإنسانى"، أى بكارة الوعى بوحدة الوجود، وإدراك معنى الضمير الوجدانى للإنسان، وتساميه إلى أفق الفكر والوعى الإنسانيين المحررين.

 كما لم يدر بخلد الشيخ الشحات أن هذه الحضارة كان رمزا من رموزها الكبيرة، "إخناتون"، أول المبشّرين بـ"عقيدة التوحيد"، التى وُلدت على هذه الأرض، وكان من مظاهر عبقريتها وتحضّرها، أنها الأرض التى احتضنت جميع الآلهة التى عبدها الإنسان الواعى، الذى عاش على ضفاف نهر النيل، منذ آلاف السنين، وهى الأرض التى رعت فكرة التوحيد، وجسدتها فى رمز"أتون"، قرص الشمس الموحد، فى الوقت الذى كان فيه العالم كله يغرق فى ضلالات انعدام اليقين.!

أولم يعرف "الشيخ الشحات" ، مغزى أن المسلمين العظام الأوائل، الذين عاشوا فى مصر، وحكموها، وكان منهم الحاكم الجبّار، والفقيه الذى لا يُشق له غبار، والقائد العسكرى المغوار وتزوجوا من بنيها، واندمجوا فى خلاياها، قد أشادوا بشعب مصر وحضارته، ، ولم يفكر واحد منهم ـ على كثرتهم ـ فى أن يخفى"عورة" تمثال من آلاف التماثيل المنتشرة فى أرض مصر كلها!، أوأن ينقـضُّ على أحدها فيحطم أعمدتها، ويقوِّض ركائزها!، متصورا أنه يقاتل فى سبيل الله، والله جلت قدرته، حثنا على أن ندعوا إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بالعنف والتدمير، والرسول العظيم، عليه الصلاة والسلام، حرضنا على أن ننشد العلم ولو فى الصين، فما بالك والعلم ـ الكامن فى تلافيف ميراث حضارة الأجداد ـ يرقد بين أقدامنا، ونحن نحتقره، ونصفه باعتباره ليس إلا محض : "عفونه"!، وندعو لتخريبه، بعد أن نصفه بأقذع الأوصاف.

وهل يُعقل أن العالم كله يحتفى بإبداعات أجدادنا، ويضع ما خلفته حضارتهم من أفكار ورموز ومظاهر وآثار، فى أجلِّ مكانة، ويعتبر حضارتهم : " أصل الشجرة "، كما جاء فى الكتاب المشهورالذى يحمل هذا الإسم، بينما يتولى نفر من أبناء جلدتنا إهالة التراب على هذه الحضارة العبقرية ، ويطالب بهدمها، أو تشويهها، ويعتبرها حضارة : "معفنة"، لم تجلب إلا العار، ويجب الخلاص منها ؟!.

وقبل هذا كله: هل يُعقل أن يكون هذا الخطاب هو ما يطفو على سطح مصر بعد "ثورة 25 يناير" !!،.

سئوال محورى يبحث عن إجابة!!.

____________

وكيل مؤسسى "الحزب الاشتراكى المصرى".

مقالات اخرى للكاتب

الخوف من الحرية





اعلان