29 - 06 - 2024

مصر فى خطر

مصر فى خطر

(أرشيف المشهد)

20-8-2011 | 03:23

بماذا تشعر عندما تستيقظ وأنت مفعم بأمل الثورة وتجد أمنك الداخلى والخارجى فى خطر؟ ماذا تفعل وأنت تسمع عن استشهاد جنود مصريين على الحدود بنيران العدو الصهيونى وعن سلب سيارة د.محمد البلتاجى ومحموله من قبل بلطجية مسلحين؟.

فى يوم الخميس 18 من أغسطس قام العدو الصهيونى بقتل ابنائنا من الضباط والجنود على الحدود المصرية الفلسطينية، وفى مساء يوم الجمعة 19 من أغسطس أعتدى على القيادى الإخوانى د.محمد البلتاجى فى داخل مصر، الاستشهاد والسلب آخر لقطة مزدوجة فى المشهد المصرى الآنى الذى يمكن وصفه بأنه حالة تخبط بامتياز منذ قيام ثورة 25 يناير.

والمتسبب الرئيسى فى التخبط هى طريقة إدارة المجلس العسكرى للبلاد، حيث أدارها بعقلية عسكرية غير خاضعة لا للمشاركة ولا للمناقشة من المتلقى، على عكس الأمور السياسية التى يقرر فيها الحاكم المدنى قرارا ويلغيه –بلاغضاضة- لرفض الشعب له، فى الحياه المدنية القائد خادم وفى العسكرية القائد آمر وتلك هى المشكلة. تعامل المجلس العسكرى مع الثورة باعتبارها ملك يمينه أو كأنها قطعة هندسية مستقيمة لها بداية ونهاية يمكن السيطرة عليها واحتواءها، ونسى أن الثورة هى حالة تمرد تصل إلى التطرف المثالى .. تخضع لقانون المد والجزر الثورى. ومن عرض حياته للموت من أجل الثورة ورأى الموت بعينيه فى رفاق دربه تهون عليه حياته فى مواجهة أى فعل تال ومن أى جهة مهما علا شأنها لأنهم اصحاب حق وثوار حرية وكرامة وعدالة اجتماعية. لم ترض تصرفات السلطة العسكرية لا تيار الإسلام السياسى المستفيد الأول من الثورة، ولا الثوار الذين دفعوا الثمن من حياتهم ولم تتحقق مطالبهم بعد.

طالب كل باستحقاقاته؛ الثوار طالبوا بتحقيق مطالب الثورة وعدم محاكمة المدنيين عسكريا، وتيار الإسلام السياسى فى وفاء ماوعد به المجلس من انتقال السلطة وإجراء الانتخابات البرلمانية فى ستة أشهر.

اليوم ونرى الخطر يدق أبوابنا ويحيط بنا داخليا وخارجيا .. فالأولويات متوازية وليست متوالية، أولا الوقوف خلف قواتنا المسلحة بلا قيد ولاشرط للدفاع عن ترابنا الوطنى، وعلى استعداد للموت ألوفا مؤلفة على خط النار ولسنا على استعداد أن يموت واحد منا بطلقة من شرطة مدنية أو شرطة عسكرية أو بلطجى، وذلك يتطلب أولا الإسراع بتحقيق الأمن الداخلى فهو الظهير الداعم والدافع للحفاظ على أمن مصر القومى، فمن لايأمن على عرضه فى وطنه لايمكن أن يذهب لحرب بعيدة عن أهله، والسلطة التى لاتحقق الأمن الداخلى لايثق المواطن فى تبعيتها وحمل السلاح خلفها لتحقيق الأمن الخارجى. كفانا من تدليل الشرطة، وعلى المجلس العسكرى إدراك مسئوليته تجاهها وهو المسئول عن تدليلها، ومن يترك الميدان فهو خائن ويعدم رميا بالرصاص، والجيش الذى أعاد بناء القوات المسلحة بعد هزيمة يونية 1967 قادر على إعادة بناء الشرطة فى أسرع وقت وبنفس الطريقة العسكرية، وكما اقترح البعض سابقا يمكن تطهير جهاز الشرطة وبنائه باستعارة قيادات مؤقته من الجيش لتنظيم الأمور، وإن لم تتم استعادة الأمن الداخلى فعلى المجلس العسكرى تحمل مسئولية انفلات الأمن الداخلى وضياع الأمن الخارجى.

 ويستحسن إجراء حوارات عاجلة وسريعة بين المجلس العسكرى والمجتمع المدنى، فإذا كانت القوات المسلحة هى الدرع الواقى للشعب، فالشعب هو الظهير الداعم لها، ولاجيش فى دولة لاشعب فيها. وفى نفس الوقت وبعد الموافقة على وثيقة الأزهر من جميع التيارات بما فيهم جماعة الإخوان يمكن التوصل إلى صيغة لدستور جديد فى تلك المرحلة وليكن دستور الظل يستدعى وقت الحاجة فى وقته بلا ضجيج. وعلينا أن نقدر خطورة الظرف، ونسرع فى بناء الدولة الحديثة، ونحن هنا لانلتمس الأعذار ولانطالب بتأخير استحقاقات حان موعدها، لكن المجلس العسكرى لن يتمكن من الوفاء بما وعد بالرغم من تأكيده على تسليم السلطة فى موعدها، فتحديد مواعيد التسليم والتسلم فى الفترات الانتقالية صعب لأنها ليست عملية مقاولة لبناء برج سكنى تنص عقوده على تسليمه فى فترة زمنية محددة وإلا فالغرامة عقوبة التأخير.

نعلم أن المجلس العسكرى يريدنا صفا واحدا خلفه فى معاركه من أجل الأمن القومى، فهذا حقه وهو واجبنا ونحن وراءه وأمامه وعن يمينه ويساره، فلا ديمقراطية ولاحرية ولاكرامة فى وطن محتل أو منقوص السيادة أو وطن يمثل وكرا للبلطجية وقطاع الطرق. والمطلوب من المجلس العسكرى عدم إحالة المدنيين إلى محاكم عسكرية، والعمل على تغيير قيادات المؤسسات الموروثة من الحزب الحاكم البائد، وخلق مشروع قومى ينخرط فيه الشباب، وتحقيق العرس الديمقراطى. وأهم ماهو مطلوب هو تحقيق الأمن الداخلى، وبلا استتباب الأمن الداخلى لايمكن عمل أى تقدم، وماحدث من اعتداء سافل وحقير على د.محمد البلتاجى القيادى الإخوانى وسلب سيارته ومحموله بأيدى بلطجية مسلحين يؤكد ضرورة نحقيق الأمن الداخلى أولا وأن يسبق الأمن الانتخابات البرلمانية، وإجراء الانتخابات البرلمانية فى غياب الأمن هو تضحية بمستقبل الوطن.

أخشى على المجلس العسكرى من صعوبة الظرف وسوء التقدير والعناد وصم الآذان، مصر فى خطر، وتستلزم حشد كل الطاقات من أجل حمايتها داخليا وخارجيا.

لا ننسى مصر فى خطر.

مقالات اخرى للكاتب

العوار الوطنى.. إشكالية المثقف والسلطة





اعلان