29 - 06 - 2024

أغنية لأحمد

أغنية لأحمد

(أرشيف المشهد)

21-8-2011 | 04:00


ربما لا يدرك أحمد الشحات أنه تحول إلى أغنية  .. ربما لا يدرك أنه بنفسجة أدخلت السرور على قلوب الحزانى .. وبلسمت جراح الانكسار والمهانة التي ظلت عالقة بالضمائر .. بنفسجة تسعد الشهداء  وتداوي الجرحى .. شرقاوي .. ليس غريبا عليهم من الثائر العظيم أحمد عرابي إلى البطل أيمن حسن .. الشراقوة نبلاء لا دخل لهم بالحسابات السياسية ولا بكاميرات التليفزيون .. فكر فقط أنه من طين هذه الأرض ويجب أن يكون وفيا للطين الذي نبت منه .. لم يفكر في العواقب ولم يتحسب لرصاصة كان يمكن أن تصيبه من أي اتجاه , كما لم يتحسب لانزلاقة قدم يمكن أن تودي به فيموت بحسرته قبل أن ينزل العلم من عليائه ويجعله متاحا لأقدام الغاضبين أمام السفارة .

أخي أحمد .. تعجز الحروف أمامك وتتحول الى عناكب مهما تزينت لن تصل الى سموك وروعتك ونبلك .. كنت اتمناك ابنا من صلبي أو أخا اقتسم معه دمي ، لكن حسبي أنك مصري ، فرابطة الوطنية في ايامنا التاريخية هذه أسمى وأرقى.

بسيط أنت وهل يصعد جبال العظمة إلا البسطاء ، ربما تكون فقيرا أو لم يكن في جيبك مايعيدك إلى قريتك النائية لكن غنى نفسك أسمى من كنوز الدنيا .. حسبك أن دماء حارة تجري في شرايينك لا تقبل الهوان ولا تنام على ذل.

ستذهب إلى قريتك تطوق عنقك أطواق الياسمين ، لكن عد الى سيرتك الأولى نبيلا في الظل ، لاتسمح لحزب ولا لتيار أن يرتقي على أكتافك .. حسبك أنك أحمد.

بلغ بك التعب مبلغه .. وربما لم تلاحظ فرحة العيون والأرواح بفعلتك التي فعلت .. نعمت الفعلة والفاعل .. فيك تتجسد روح ثورة مصر الأبية العصية على التطويع .. دعهم في مراكز القرار يتجادلون .. يحسبون لكل لفظ في بيان حسابه , يلقون باللائمة على بعضهم .. يكرون ويفرون وأقدامهم لا تتحرك .. أما أنت فخارج دائرة القول .. تكفيك فعلتك.

نم يا أحمد ملء عينيك ، فأنت الشهيد الحي .. والبطل النبيل بلا ادعاء .. نم فقد بعثت برسالة قوية للصهاينة المتغطرسين وكسرت قناعتهم بأنه مهما جرى في مصر ستظل كامب ديفيد والمعاهدة خطا أحمر .. ابلغتهم بوضوح أنه لا خطوط حمر وأن أزمنة الخنوع والعار قد ولت مع سقوط آخر أصدقائهم في القاهرة.

كانوا يا أحمد دائما يتخوفون من استيقاظ  المارد المصري متأكدين أن بقاءهم مرهون ببقائه في قمقمه .. أيقظته الآن يا أحمد ، فتحت بابا للأمل ليس في مصر وحدها وإنما في كل بيت في فلسطين .. لو كان محمود درويش حيا لأتاك خصيصا لينشد قصيدة على بابك .. فلا يليق بعظيم مثله الا أن بنشد في عظيم مثلك .

لا تسرقوه من السنونو / لا تأخذوه من الندى / كتبت مراثيها العيونُ / وتركت قلبي للصدى

لا تسرقوه من الأبدْ / وتبعثروه على الصليب / فهو الخريطةُ و الجسد / وهو اشتعال العندليب

لا تأخذوه من الحَمَامْ / لا ترسلوهُ إلى الوظيفهْ / لا ترسموا دمه و سام / فهو البنفسج في قذيفهْ

.............................

سلام عليك يوم ولدت ، سلام على نهد أمك الذي ارضع فأشبع ، وعلى ذلك النيل الذي رواك فكنت نعم المرتوى. 

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان