17 - 07 - 2024

"المرحلة الانتقالية"و"الثورة المضادة"

(أرشيف المشهد)

9-9-2011 | 04:32

" يخسر المعركة، مؤكداً، من يتخلى عن حسمية الهجوم"

فرونزه


هناك " مفارقة منطقية "، فى تعبير " الثورة المضادة" !.

فالثورة، (التى هى ـ فى الأصل ـ فعل إيجابى، خيِّر)، لا يمكن أن تكون فعلاً مضادًاً : (أى فعل سلبى، شرير) !.

لكن هذا التعبير" الدارج": "الثورة المضادة"، هو ترجمة حرفية للمرادف الانجليزى: Counterrevolution" "، ويُقصد به : مجمل الإجراءات، والخطط ، والتحركات، التى تقوم بها القوى المضادة، أو المعادية، أو المنافسة ، (المحلية أو الأجنبية)، أو السلطة المناهضة، (الراهنة أو السالفة)، للانقضاض على ثورة شعب، أو هبّته الثورية، أو فعل مقاومنه، بهدف تصفية هذه الثورة، أو إجهاض هذا الفعل، وإلحاق الهزيمة بها، أو به!.

وهذه الإجراءات، أو الخطط، أو التحركات، تكون شديدة الخطورة، وبالغة الضرر، فى مرحلة عدم الحسم، وغياب اليقين، أى فى تلك "المرحلة الانتقالية"، أو الـ"Transitional Period"، التى لا يكون فيها انتصار الثورة كاملا، أو القضاء المبرم على أعدائها متاحا، فى هذه المرحلة الرمادية، التى تراوح قيها الثورة بين مدٍ وجذر.صعودٍ وهبوط. وحيث تتراجع فيها القوى المضادة لفترة، ريثما تعيد تنظيم صفوفها، وحنتى تبدأ فى الهجوم مُجدداً، فى فترة اندفاع الجماهير خلف شعارات الثورة، ثم تشككها فيما حققته لها "الثورة" من إنجاز... إلخ!.

هذه الفترة الحرجة، هى أصعب مراحل الثورة، وأشدها حساسية، وأعظمها خطورة، وأكثرها تهديداّ!.. فالوضع فيها يكون مفتوحاً على كل الاحتمالات: تقدم زحف الثورة إلى الأمام، وانتصارها.. أو تراجعها للخلف... واندحارها!.

وتزداد مظاهر الخطورة فى هذه المرحلة، فى حالة العجز عن حسم مسألة السلطة!.

فالسلطة لا تكون خلالها خالصة لقوى الثورة، لكنها أيضاً لا تكون بالمطلق تحت هيمنة القوى المضادة. إذ إن السلطة، فى مثل هذه الحالة، رغم كونها ليست "ثورية" الطابع، فإن "هدير الجماهير" الثائرة، أو لنقل زئيرها، وتهديدها ـ المبطن والمعلن ـ للقوى المعادية، يحرم هذه القوى من الاستخدام المكشوف لـ"سلاح القمع"، أو "البطش"، التقليدي، من أجل قهر إرادة الشعب.

 فـ"ميوعة" الوضع، مثلما تـُحـَيِّد تأثير السلطة، نسبياً، أوتشلها عن الاستخدام، بهدف إلحاق الهزيمة المطلقة بالقوى المعادية للثورة، فهى، كذلك، تمنع استخدام أشكال عديدة من العنف "المباشر"، فى مواجهة الجماهير، وإن كانت لا تحول دون استخدام أشكال أخرى، غير مباشرة، فى مواجهة الثورة والثوار، و فى هذه الحالة سيكون سلوكا مبطنا بوداعة مخادعة، ومُغطىً بشعارات مراوغة عن "الاستقرار"، ومواجهة " دعاة الفوضى"، "واستعادة الأمن"، وما شلبه من شعارات، من الطريف أنها، كانت تستخدم بحذافيرها، وبنفس مفرداتها، ودلالاتها اللغوية، فى "العهد البائد"، وفى عصر"النظام المخلوع"!.

[ للبحث بقية]

مقالات اخرى للكاتب

الخوف من الحرية