17 - 07 - 2024

قليل من الفحيح يا سادة!

قليل من الفحيح يا سادة!

(أرشيف المشهد)

15-9-2011 | 23:13


الأزمة التي عاشتها مصر مساء يوم 9/9 الماضي، وبدايات اليوم التالى، (اقتحام السفارة الإسرائيلية، والاشتباكات الدامية أمام مديرية أمن الجيزة)، ذكرتنى بقصة رمزية عميقة المغزى، قرأتها منذ نحو عشرين عاما، فى مرجع هام عن استراتيجيات امتلاك واستخدام الأسلحة الذريّة، عنوانه : "أساطير وحقائق نووية"، أعده باحث هندى شهير، اسمه سوبرا همانيام، وصدر فى بغداد عام 1987.

لما حدث ما حدث، بحثت عن القصة طويلا، حتى عثرت عليها مسجلة بخطـى، فى دفتر خصصته لمثل هذه الحكايات البليغة، النى تُعَلِمُ فى أسطر قليلة حكمة قرون من الفكر والتجربة الإنسانية.

تذكرتها، ورأيت أن أذكــّر السادة القرّاء بها، لعلنا ننتفع بمضمونها، فالذكرى، كما نعرف... تـنفع المؤمنين !.

القصة عنوانها : "حكاية لراما كريشنا باراما هاسا"، وتقول:

"تحولت أفعى " كوبرا" إلى أفعى مسالمة، بتأثير أحد الحكماء، ولكنها كانت تتعرض للسخرية باستمرار من (أهل الجوار)، الذين اكتشفوا أنها غير مؤذية تماما!.

وحين وصل المزاح إلى درجة لا تحتمل، عادت "الكوبرا" إلى الحكيم وسألته: ماذا عليها أن تفعل فى هذه الظروف؟!.

فأجاب الحكيم : لقد طلبت منك أن تكونى مسالمة، ولكن هل طلبت منك أن لا تمدى رأسك وتطلقى الفحيح؟!.

واتبعت الكوبرا النصيحة، وتـُركت فى سلام بعد ذلك!".

 

انتهت القصة. أما مغزاها فهو أوضح مما يحتاج لتوضيح.

 فـ "الكوبرا" المصرية، التى اعتبرت حرب اكتوبر 1973، على لسان الرئيس الأسبق، "أنور السادات"، " آخر الحروب"، و(جنحت للسلم)، بعد ذلك، (وكأنها كانت تتشاكل مع طوب الأرض قبل ذلك، ولم تكن تحارب دفاعا عن أرضها وحريتها!)، استسلمت لحالة الاسترخاء حتى حدود الاستخذاء، ولم تفكر حتى فى أن تطلق فحيحها لحماية تفسها من "أراذل القوم"، الذين استهانوا بها، لما تيقنوا من رفضها إيذاءهم، فأخذوا يسخرون منها، ويتمادون فى العبث بها!.

وخلاصة المسألة، استنادا لما تقول الحكاية، لو أن مصر، بجلالة قدرها، أطلقت فقط فحيح الغضب، فى وجه العبث الصهيونى السمج، الذى ترتب عليه مقتل ستة من الشهداء المصريين، دون جريرة، لما تصاعد غضب الشباب، ولما أقدموا على كسر الجدار الذى أنشأه الحاكمون لحماية هذا الجارالعابث، ولما فكر من فكر، ووجد الفرصة مواتية لاقتحام السفارة الصهيونية، ووقع ما وقع، بتوابعه السلبية الخطيرة، فى الداخل والخارج؟!.

قليل من "الفحيح" يا سادة، وتعلموا من حكمة أهل الهند، لعلكم تفقهون؟!.

____________________

* وكيل مؤسسى "الحزب الاشتراكى المصرى"

مقالات اخرى للكاتب

الخوف من الحرية