17 - 07 - 2024

الحقيقة الغائبة في مؤامرة 9/9

الحقيقة الغائبة في مؤامرة 9/9

(أرشيف المشهد)

20-9-2011 | 19:41

يظل ما حدث في جمعة 9 سبتمبر لغزًا يستعصي على الفهم .. وربما يمثل أكبر دليل على أن جهات ما تحاول حرف مسار الثورة .. أو استيعابها وهضمها والالتفاف عليها.. وكأن الجهات النافذة في هذا البلد، والتي بيدها السلطة تريد أن تقول لجموع الشعب: خرجتم وثرتم ودفعتم شهداء ومصابين وخلعتم النظام .. شكرًا لكم، عليكم أن تعودوا الآن لبيوتكم.. وتدعونا نتدبر الأمر.

ميزة الثورة - أي ثورة - أنها تعصف برجال الواقع الموجود.. تعزلهم وتحاسبهم على ما ارتكبوه من جرائم، لكن لأن الثورة كانت سلمية لأبعد مما تحتمل الثورات، فقد رضيت بالحدود الدنيا.. رضيت بـ"تخلي" الرئيس السابق عن السلطة، وكأنه غادر منصبه طواعيةً، ورضيت بترتيب ذهابه إلى شرم الشيخ معززًا مكرمًا، يُجري الاتصالات ويُسرّب أشرطة لوسائل الإعلام يدافع فيها عن نفسه، كما رضيت بذهاب رجاله إلى بيوتهم وبقائهم أسابيع لا قيد على حريتهم ولا تصرفاتهم، مما يتيح طمس الجرائم والسحب من الحسابات المتضخمة أو إغلاقها تمامًا، بل تركت بعضهم في مناصبهم كما هي الحال مع زكريا عزمي وحسن عبد الرحمن وغيرهما، فصدرت أوامر فرم الأوراق والتخلص من أدلة الإدانة.

ولم تتحرك السلطة الجديدة لفرض قيد على أحد إلا تحت الضغوط، واعتبرت أن مجرد سماحها بتحريك الدعاوى القضائية تفضل ووصول إلى ذروة ما يمكن فعله.

حتى الضباط المتهمون بالقتل جرى التعامل معهم بتسامح غريب حيث أُطلق سراحهم.. وبدا الأمر كأنه استمرار للعهد السابق تحت مسمى آخر.. ومن مطالعة تحقيقات النيابة يمكن أن تجد الضحايا يوصفون في المحاضر بكلمة المدعو فلان والجناة تسبق اسماءهم كلمة السيد اللواء أو السيد العقيد.

ولأن التساهل هو ما ميز التعامل مع رجال العهد السابق، فقد تم التلكؤ في إعلان قوائم فلول النظام السابق الذين لا يزالون في مناصبهم.. وبعد أن سرّب رئيس الوزراء أن هناك قوائم تضم 5 آلاف شخص، وذلك تحت هدير أصوات المتظاهرين الغاضبين، فلما انفضوا تناسى مكتب رئيس الوزراء وتناست معهم جموع الشعب أن هناك مشاركين في الإجرام لا يزالون يتحكمون فينا.

ولأن الأجواء مُلبّدة بألف احتمال بينها إمكانية الانقضاض على الثورة، فقد أتاح ذلك للأفاعي أن تخرج من جحورها وتدبر من جديد مؤامرات في الخفاء لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه.

يساعد على ذلك أن جهات في الدولة ترى أن الثورة انتقصت من حقوقها – أو على الأصح من سطوتها – فتغمض أعينها عما يجري وتحاول ادعاء نوع من الحياد السلبي ليس تجاه الثوار والمتظاهرين السلميين، وإنما تجاه الإجرام في المجتمع.. فتتسامح مع البلطجة والسرقات وكسر القانون، ليس لشيء إلا لأن يشيع الذعر في المجتمع، فيتوسل الناس عودة الشرطة ولتفعل ما تفعله، على قاعدة أخف الضررين.

حادثتان موحيتان شهدتهما أيام ما بعد جمعة 9/9، وهما مرتبطتان أشد الارتباط..

-    الأولى: ما انفردت به "المشهد" من أن وزير الداخلية قدم استقالته ليلة اقتحام السفارة ومحاولة اقتحام مديرية أمن الجيزة.. وفي اليوم التالي لوّح الوزير باستقالة كل مديري الأمن .. وفي إطار حالة التعمية الإعلامية الموجودة.. لم يخرج أحد ليشرح ما جرى .. أو حتى يكذّبه إن كان غير دقيق.

-    الثانية: ما نشرته صحيفة "الأهرام" – الثلاثاء 20 سبتمبر- من أن مقتحمي السفارة والمديرية مأجورون تم جلبهم من مناطق شعبية لارتكاب ما ارتكبوه من عنف.

حين تغيب الحقائق تتخلق سيناريوهات المؤامرة .. فهل كانت هناك مؤامرة فيما جرى؟ ومن هم أطرافها؟ وهل الهدف تحقق بعودة الطوارئ – التي كان إلغاؤها من أهم مطالب الثورة - حتى يتم إطلاق يد الأجهزة الأمنية .. أم أن تلك مجرد خطوة تمهيدية لإجهاض كل أحلام الثورة؟

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!