17 - 07 - 2024

قليل من العدل مع الحركات الوطنية

قليل من العدل مع الحركات الوطنية

(أرشيف المشهد)

11-9-2011 | 00:41

أكاد أُجن عند  متابعة ردود أفعال وتعليقات بعض قيادات تيار الإسلام السياسي من السلفيين والاخوان في محافظات مصر المختلفة، ومحاولاتهم المستميتة التبرؤ من أحداث جمعة تصحيح المسار، وما شابها من أعمال عنف وتكسير واقتحام وقتلي ومصابين. واستخدام الحدث كوسيلة ضغط علي التيارات الوطنية الأخري لمنعهم من تنظيم أى فعالية كبري تزيد من شعبيتهم وتواجدهم، وتشويه صورتهم أمام الرأي العام قبيل الانتخابات القادمة،  وإلقاء اللوم علي التيارات التي شاركت في تلك التظاهرة،  وكانت مشاركتهم  حسب كل المتابعين سلمية سلمية كما أعلنوا جميعًا قبل التظاهرة.

راجعت سجلات الثورة كي أري هل فعلا هم مسئولون عما حدث؟ فاكتشفت أن ادعاءات قيادات تيار الإسلام السياسي في مصر بأن من ينظم مليونية مسئول عن مصر كلها  في ذلك اليوم مردود عليه  لعدة أسباب منطقية هي:

 أولا: إن المكان الذى أعلنت كل من وزارة الداخلية والدفاع عدم تأمينه وحمايته هو  محيط ميدان التحرير وحده، وأن منظمي التظاهرة يتحملون المسئولية عن هذا  المكان الذى شهد الجميع بأنه كان سلميا فعلا من بدايته حتي انتهاء فعالياته، ولم يحدث أى شىء مريب بداخل الميدان وفي محيطه، كما شهد الخصوم أنفسهم، وهو أمر يحسب لهم، إذا ما قسنا ما حدث في محيط ميدان التحرير بالأمس بما حدث في محيط نفس الميدان أيام مشاركة الإخوان فيه وتبعاته كموقعة الجمل الشهيرة.

ثانها: أري أن تحميل الحركات التي شاركت في تلك التظاهرة النتيجة عن أى حادثة أو خرق يحدث في ربوع مصر أمر يدعو للضحك بل الغيط، لأنه وبمنتهي الصدق .. في الوقت الذى كان فيه الإخوان والسلفيون يشاركون في تأمين ميدان التحرير، انتشرت البلطجة وظهرت اللجان الشعبية لتأمين الافراد والممتلكات والاحياء، ومختلف قطاعات الدولة التي انتهكت من البلطجي، وفي الوقت الذى شارك فيه الإخوان في تأمين تظاهرات في ميادين مصر، علمنا بأحداث البلطجة في شارع عبد العزيز الشهير في وسط العاصمة وبالقرب من ميدان التحرير، وفتح السجون، وحرق مديريات الشرطة والأقسام، ودواوين عموم المحافظات .. فهل يتحمل الإخوان وغيرهم ممن نظموا تلك الفعالية المسئولية عن تلك الجرائم؟

ثالثًا: إن أحدًا لا يستطيع إنكار تلك الفيديوهات التي يتميز من فيها بالزي والمظهر المتدين والذين أعلنوا فيها صراحة ومن دون مواربة  ذهابهم للسفارة لهدم الجدار، وبعد أن اعترفوا بأنهم  من سيهدم الجدار، وأثبتت جميع التقارير الإخبارية لمختلف الفضائيات مشاركة أشخاص منهم بعد ذلك في عملية هدم الجدار، كيف لهم أن يتنصلوا من هذا الشرف لمجرد أن أخرج المجلس تصريحه،  أو رفضه الشعب وخاف علي مصر من تبعاته.

رابعًا: إن جميع القوي التي شاركت أو لم تشارك أعلنت رفضها للتخريب والعنف، بل طالبت بحماية الممتلكات المصرية، لأنها حق أصيل للشعب المصري، وغير المصرية لأنها في عهدة مصر طبقا للاتفاقيات الدولية، فهل لأن البعض اعتقل في تلك الأحداث - المرفوضة - برغم نبلها، تنصل الفاعلون من فعلتهم، ورموها في وجه غيرهم، ليقولوا بعدها كما قال المتحدث الرسمي للجماعة الاسلامية إن من نظموا التظاهرة دائمو المشاكل مع فعالياتهم، وكأنهم يتحملون نتيجة معركة الجمل، وغيرها من الأفعال الإجرامية التي طالت هؤلاء الشرفاء. 

إن تدمير الجدار العازل للسفارة الإسرائيلية  - برغم سعادتي بهدمه ونبل الهدف  - إلا إننى أنكره، وأرفض استخدام تلك الأساليب التي ضررها أكثر من نفعها، وكما في القاعدة الفقهية التي استندوا إليها كثيرا لتبرير بعض الافعال التي ليس عليها إجماع - درء المفاسد مقدم علي جلب المنافع - فالسياسة فن الممكن، وليس من الذكاء تضييع حقوق شهداء الجيش المصري بهدم جدار، أو اختراق سفارة سيتم تجهيزها مجددا بعدها بأيام، بل بتبعات أخري  قد يستخدمها العدو استخداما ذكيا ويصنع مجدا هو في أمس الحاجة إليه بعد طرد تركيا السفير الاسرايلي، وتبعات أخري أراها لا تقل سوءا علي السياسة والاقتصاد المصري ، ولنا في تركيا أفضل الأمثلة، في فن إدارة الحدث وتعاملها مع جريمة الجيش الإسرائيلي مع سفن الحرية الإنسانية خير دليل.

وكما كانت مطالباتنا دائما دولة القانون تحقق العدالة، كان يجب علينا ونحن ننادي بدولة القانون أن نحافظ عليها ولا نهدمها بايدينا، عبر تسليمها لقوانين سيئة السمعة كالطوارئ والأحكام العرفية التي لا حرية فيها لحر، ولا كرامة لشريف.

 أستحلفكم بالله تقديم الدولة علي الحزب، والهوية علي الايديولوجية السياسية، حتي نمر من عنق الزجاجة الذى كاد يخنقنا، ولا تتعاملوا مع مصر بمنطق الكعكة المقسمة، فالكعكة إن ظن أحدهم مهما كبر حجمه واحترف تنظيمه، أنه قادر علي تقسيمها فإن هذا إيذان بدخولنا لأسهل طرق التخريب وأكثرها فظاعة. 

[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

قليل من العدل مع الحركات الوطنية