26 - 06 - 2024

تابو هيكل

تابو هيكل

(أرشيف المشهد)
8-2-2014 | 13:55

كسر الصديق ايمن شرف ذلك الاتفاق غير المعلن في الحالة الصحفية والسياسية والثقافية بتقديس هيكل الشخص والكتابة , عبر كتاب ايمن الجديد " هيكل –كاهن يبحث عن فرعون".

وبالرغم من انه لايمكن في هذه العجالة سرد خلاصة الكتاب ذو الفصول العشرة , ولا حتى تقديم مراجعة نقدية له الا اني اظن ان الاطلالة حول اجواء الكتاب تعد مسالة ضرورية. ف " هيكل" ظل عبر خمسة قرون تقريبا " البقرة المقدسة" التي لايصح الاقتراب من نقدها الشخصي او من طروحاتها , الى الحد الذي اصبح فيه انتقاد الرجل حدث في حد ذاته , بل ويتعرض صاحبه لنهش معنوي شرس .

وهنا تكمن بداية كارثة فكرية وثقافية وتربوية . فالاشخاص الذين وضعوا في مرتبات ايقونية عند الشعوب – مع اعتراضنا اصلا على كل ايقونية  , كانوا اما ثوارا بحجم سبارتكوس او او مانديللا او تشي جيفارا ممن غيروا حياة الناس والشعوب وتحدوا طغاتها وارتبطوا برفع مظالمها , او كتابا ثوريين احدثت كتاباتهم ثورات وانقلابات اجتماعية وشكلت انحيازات حقيقية ,  بمستوى مونتيسكو وكارل ماركس وسارتر وناعوم تشومسكي ,,, لكن ان يتم هذا الامر مع " صحفي سلطة", ومنظر واقعية سياسية وريال بوليتيك , لم يعرف عنه –يوما انحيازه لحركة ديمقراطية او شعبية, وبدا كتاباته بمقال " عيد ميلادك يامولاي" الموجه للملك فاروق , فهذا معناه اننا نعيب زماننا والعيب فينا.

هيكل ايضا , رغم موهبته وعمقه وتفرد اسلوبه ورغم انه صحافي العرب الاول , كان الكاتب الفرد في زمن الحاكم الفرد . وفي كتاب " بين الصحافة والسياسة " الذي كتبه هو لقطة عجيبة حين يترك له (ملف اتهام مصطفى امين بالجاسوسية), كاملا لبتصفحه قبل اجراء التحقيق القانوني مع مصطفى امين , ولا يعرف في اي عدل واي شرع بل واي عزبة حتى يمكن ان يحدث هذا ,, وهو شيء يقوله الرجل وكانه طبيعي.

هيكل ايضا , رغم فروقات سماته الفردية التي لاتنكر, اصبح ملك المعلومة ومالكها الابرز , لان المعلومة الى حد كبير حجبت عن الالاف الصحفيين ومنحت له , ومع كل حبي واحترامي لعبد الناصر , لا اعتقد ان العبارة التي نسبت اليه دقيقة (ربما لم تكن صحيحة من الاساس واختلقها تلاميذ هيكل), اقصد –عبارة ( ااني لا اعطي هيكل معلومات بل هو الذي يعطيني معلومات),, فالافراد في مجتمع عالم ثالثي –شمولي –وبوليسي –وفي الستينات بالذات –بما فيهم الصحفين والمثقفين , لم تكن  علاقتهم , مالم يكن محميين , بالمعلومة تنافسية ولم يكن الحصول عليها باقل من مغامرة يمكن ان تقود الى السجن . كذلك , وايا كان الامروقتها , فلم يعد منطقيا  اليوم في زمن العالم قرية واحدة , وزمن المواطن-الصحفي, والقاريء-الكاتب, الاستمرار في مشهد " الشيخ والمريدين", الذي يمارسه  علينا عالم هيكل والاستمرار في مشهد " الشيخ والمريدين", حين يكتب هيكل في المساء فيخرج علينا الدراويش في الصباح بمقالات " الشروحات", -الاستاذ قال,  الاستاذ عاد,الاستاذ قصد, الاستاذ تنبا, الاستاذ المح , -لا رؤية نقدية او انتقادية واحدة- وكاننا امام نص ديني صحفي مرسل –او كاننا امام شروحات ارسطو طاليس . 

كتاب الصديق ايمن شرف , جاء في موعده, وبما ان الاستاذ لم يلتفت لعبارة " ان التاريخ لايعيد نفسه مرتين , وحين يفعل ياتي مرة بشكل حقيقي والثانية بشكل هزلي", ولانه الاستاذ يصر على دور صانع تاريخ للمرة الثانية, حاملا نفس اللوحة ونفس الادوات وكانه لاشيء في العالم تغير رغم كل كوارث اللوحة السابقة , فانني اقول لايمن ان كتابك جاء في موعده لان جيلا كاملا (مالهوش كبير) كان ينتظر من جيلنا الموكوس بعض الاعتذار

[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

نعم ..





اعلان