26 - 06 - 2024

السيسي في تونس

السيسي في تونس

(أرشيف المشهد)

5-2-2014 | 22:12

في زيارة لتونس الحبيبة. تكشف اللهجة مصريتي فتنهال التعليقات والأسئلة وعبارات الترحيب. كلها تنطق بحب عميق لمصر وشعبها.

كيف حال مصر هو السؤال الأبرز. أحار في الإجابة ... مصر بخير؟ مصر تقاوم؟  مصر تصارع لتستعيد عافيتها؟ تتداخل الأحكام في رأسي فأفضل الاستماع إليهم... هم من يروننا من مسافة معقولة؛ ليست شديدة البعد - فتجربتهم صنو للتجربة المصرية وثورتهم كانت الشرارة الحقيقية للثورة المصرية- وليست شديدة الالتصاق بعد أن تفرقت بنا السبل في منتصف الطريق؛ ارتأينا نحن استحالة استمرار تجربة الحكم الإخواني وقرروا هم المضي بالتجربة لنهايتها.

في كل مكان تقريباً، في الفندق حيث ابتسامة العاملين مشفوعة بكلمة مصرية أو اثنتين كنوع من الدعابة وإظهار الود، وفي التاكسي، حيث ينطلق السائقين في الحديث عن تجربتنا وتجربتكم. وحتى في الطريق وفي المحال وفي مقر الاجتماع تتناهى إلى سمعي الأحكام على ما اتخذته مصر منذ 30 يونيو وإلى الآن.

أحكام تؤكد أن الانقسام في الشارع المصري له امتداد في الشارع التونسي.. المواقف موزعة على نحو لا يخطئه العقل ولا تكذبه الأذن.
المؤيدون لثورة 30 يونيو ينظرون بعين الانبهار لشجاعة الخطوة رغم خطورتها الجسيمة وثمنها الفادح. أصحاب هذا الرأي  يبدأون عادة بالشكوى المريرة مما تشهده تونس من كساد وتراجع اقتصادي وتوقف لمختلف قطاعات العمل في بلادهم منذ الثورة وفشل حكومة  إخوان تونس في قيادة البلاد والخروج بها من هذه الأوضاع. اتلفت حولي في الفندق الرابض على البحر في منطقة المرسى الجميلة ، فأتفهم شكواهم. بالكاد يصل عدد النزلاء إلى بضع عشرات  في وقت كان يغص هو وغيره من الفنادق بحركة السائحين وتنتعش جيوب التونسيين بعائدات السياحة.

" الحال هكذا في كل الفنادق. توقف السائحون عن المجئ. لا وجود لهم إلا في الجنوب حيث سياحة الصحراء. "  يشرح أحد المواطنين في حسرة في حين يندفع آخر في غضب: " هؤلاء الذين يحكمون الآن لم يفلحوا في شئ إلا غلحاق الضرر بنا. لا نعرف ماذا يفعلون. مصالحهم فقط وبقاؤهم هو كل مايهمهم".

يتطلع  أحدهم بتحدي ويقول: نريد لتونس سيسي آخر. لكن سرعان ما سيسكته الآخرون. تدخل الجيش غير مطروح لأسباب عدة. بعضهم يرفض المبدأ في ذاته.
يقول  بعضهم: " لانريد أن يتحول الانقسام إلى عنف ومواجهات. الاخوان فقدوا شعبيتهم تماماً في الشارع وأية انتخابات قادمة ستطيح بهم دون عنف أو دماء. انظروا كيف تعانون في مصر الآن. لا نريد تكرار هذا السيناريو".

ويقول آخرون: " مصر لها جيش كبير وقوي يمكنه أن يساند إرادة الشعب. ولكن في تونس الموقف مختلف. جيشنا ليس بالقوة التي تمكنه من التدخل وحسم الأمور".

في تونس، ثالثة الثلاث دول التي لاتزال تعتبر ما جرى في مصر انقلابا- تختلط الصورة على بعض التونسيين. قال لي أحدهم بعد أن استهل كلماته بجملة نسمعها كثيراً في مصر" لست اخوانياً ولا اؤيدهم ولكن  كيف يقتل الجيش شعبه ويوجه له سلاحه؟"  سألته بدوري: وهل الجيش هو من قتل الجنود في سيناء، وهاجم الأكمنة، وفجر مديريات الأمن واغتال القيادات الشرطية وفجر السيارات عشوائياً لتقتل المدنيين؟  شاركني الحيرة وصمت.

لايعني ذلك أنه ليس في تونس مؤيدين بشدة للإخوان سواء في مصر أو في تونس. بعضهم مازال يتمسك باستمرارهم. يتفاءلون بتدشين الدستور ومقدم رئيس الوزراء الجديد المهدي جمعة...ملامح للاستقرار أثرت إيجابياً على سوق المال التونسي ومن ثم  عززت موقف المؤيدين، وهدأت نسبياً من موجات الغضب سواء التي تشتعل في الصدور أو التي تشتعل في الشارع والتي صادفتني إحداها يوم السبت الماضي في ذكرى مقتل أحد أيقونات الثورة التونسية.

تابعت المظاهرة التي اخترقت شارع الحبيب بورقيبة بإعجاب . فلا عنف ولا نيران ولا عدوان على المنشآت ولا استهداف للأبرياء ولا تفجير عشوائي.  فقط تعبير سلمي عن الاحتجاج  والرفض.

مقالات اخرى للكاتب

رؤية خاصة| نورا على طريق الغارمات





اعلان