26 - 06 - 2024

انتخبوه ولاتصنعوا منه إلها تعبدوه؟

انتخبوه ولاتصنعوا منه إلها تعبدوه؟

(أرشيف المشهد)

3-2-2014 | 12:57

الكثير من المصريين المتطلعين إلى مزيد من الحريات وإسدال الستار على الحكم العسكري لايتمنون أن يأتي إلى الحكم رجل عسكري ويتمنون أن يكون كرسي الرئاسة قاصر على المدنين وأن يتفرغ الجيش لمهامه الوطنية الكبرى بدلاً من تفتيت جهوده في السياسة ومهاتراتها والخوض في آثامها والارتواء من سمومها.

ولكن هل يمكن أن يأتي رئيسا مدنيا للبلاد خلال الفترة القادمة دون أن يلقى مصير الاخوان ويتم الذهاب به إلى غياهب السجون في أول صدام وصراع مع الشارع أو الاختلاف في الاراء حول قضايا وطنية تهم البلاد والعباد،إذا كان الاخوان بكل جبروتهم وكتائبهم وغطرستهم واستبدادهم وفضائياتهم وفتاويهم ومؤيدهم من الفصائل الصديقة والشقيقة لم يفلحوا في إدارة البلاد وسقطوا في أول اختبار ولم يصمدوا أمام الرافضين والمعارضين لسياستهم، فهل يمكن أن ينجح أي فصيل مدني أخر فيما فشل فيه الاخوان في الوقت الحالي. الاجابة تبدو سهلة لدى البعض ولكن الخوض في اعماق الموضوع يظهر لنا أن ألامر ليس كذلك.

فكل الشخصيات المدنية التي يتم طرح أسمائها في بورصة التكهنات بالترشح للرئاسة لاتملك من الحشود البشرية والاموال والاصرار ما يمتلكه الاخوان، فماذا سيفعل أي مرشح -مدني أو عسكري لايحظى بالرضا والدعم من المؤسسات- عندما يصطدم مع التيارات السياسية في الشارع وتقف مؤسسات الدولة على الحياد خوفا من دخولها طرفا في النزاع أو تتراخى في تنفيذ المهام كما حدث في عهد الرئيس السابق،هل يستطيع أن يصمد أي رئيس أكثر من عدة شهور في الحكم، أم سيطر لتلبية رغبات الجميع ويخضع لكل الاملاءات سواء كان فيها مصلحة الدولة وأم ضدها من أجل البقاء في سدة الحكم كما كان يفعل الكثير من الملوك خلال الحقبة الملكية.

ومن هنا قد يكون الفريق أول عبد الفتاح السيسي هو مفتاح الاستقرار والانسب لطبيعة المرحلة في نظر الكثيرين باعتباره على رأس مؤسسة كبرى تملك القوة والارادة وستخضع له كل مؤسسات الدولة إما خوفا وأما حباً. بينما يرى فريق أخر من الناس أن يبقى السيسي بطلا قوميا في عيون المواطنين وحامي النظم والتقاليد والاعراف الخاصة بالدولة من أي رئيس أو جماعة تحاول اختطافها، كما يحدث في الكثير من الدول مثل تركيا، فالجيش هناك لازال يحمي علمانية الدولة وتعلو صورة كمال أتاتورك المباني الحكومية وتزين مكتب رئيس الجمهورية، بالرغم من الاختلاف الكبير في الايدلوجيات بين صاحب الصورة ومن يجلس اسفل منها، فيجد حكام تركيا أنفسهم مجبرون على الالتزام ببعض القيم حتى لو اختلفوا معها لان خلفها مؤسسة قوية تحميها. وبين هذا وذاك يبقى الترشح لرئاسة مصر رحلة في محيط متلاطم الامواج تحتاج إلى قائد ماهر لقيادة السفينة إلى بر الأمان.

ولكن إذا جاء السيسي رئيسا فهل سيكون لفترة أو اثنتين على اقصى تقدير كما ينص الدستور ونساعده خلالها على العمل أم سنصنع منه فرعون جديدا كما فعلنا مع اسلافه السابقين وجعلناهم اصناما نعبدهم دون أن ندري حتى ظنوا أن الشعب عبيد عندهم والدولة ملك خاص بهم، وقضينا على المؤسسات وجعلناها عزبا خاصة لمجموعة من المنتفعين، فهل تتكرر التجربة أم تستفيق العقول من استبدادها وتكف عن صناعة الالهة وتقف بالمرصاد لكل الطغاة.


مقالات اخرى للكاتب

طالبة الآداب .. هل قتلت بالحب أم بالجهل وغياب الوعي؟





اعلان