26 - 06 - 2024

الأقزام يعبثون

الأقزام يعبثون

(أرشيف المشهد)

19-3-2014 | 12:50

قَالَ صَوتٌ: أَيُّها الإِنسَانُ كُنْ
قُلتُ : وَيحِى، غَامَتِ الرُّؤيَا، أَبِنْ
قَالَ شِعْرى: كُنْ صَبَاحَاً فِى مَسَاءَاتِ الوطَنْ
ما الذى يحدث فى مصر الآن؟ ما هذه الفوضى الجامحة التى تجتاحها؟ ما هذا الخبال الذى تمر به؟ كيف يمكن أن نترك مصر هكذا فريسة لخرافات يروجها من كان ينبغى لهم أن يقاوموها، فيحدثونننا بأحاديث التنجيم وقراءة الطالع والنظر فى الرمال وضرب الودع لعلنا نرى مستقبلنا الذى كان ينبغى لنا أن نصنعه بأيدينا وبعقولنا قبل أيدينا؟!
ما هذا الهزال الذى يجتاح الإعلام المصرى بحيث لا نكتفى بأن يتصدره الأدعياء وأرباع الإعلاميين الذين يعانون قصوراً فى الرأى وضلالاً فى الرؤية، بل تعظم المصيبة إلى أن تتصدر الراقصات قائمة من يشكلون العقول ويصوغون الوجدان، وكأنهن لم يكتفين بما لعبن من دور فى صالاتهن ثم فى تسللهن إلى الأعمال الدرامية -التى كان ينبغى لها أن توقظ الهمم وتنير العقول وتفجر القضايا وتناقش الهموم وتصوغ الرؤى- فأبين إلا أن يتصدرن المشهد كله وأن يتحولن إلى صانعات للرأى العام بصورة مباشرة لا خفية ولا متوارية ؟!
نتساهل مع واحد من التافهين القاصرين فنضحك معه أو عليه حيناً، ثم نتندر بأقواله حيناً، ثم نستمع إلى ما يقول حيناً، ثم ينتهى بنا وبه الأمر إلى أن يصبح أحد أعلام الإعلام المصرى المشهودين الذين يحق لهم أن يزعموا بملء الفم أنهم صانعو ثورة الشعب ومحركو جموعه، إن لم يكن الصانع الأوحد والمحرك الأعظم!!!
نتهاون فى موقفنا من الراقصات فنستدعيهن من صالات الرقص إلى واجهة الميكروفونات والشاشات، نجلسهن على مقاعد الضيوف الذين يتسلى المشاهدون أو المستمعون بالاستماع إلى حكاياهن الخاصة، ثم نتزيد قليلا فنستفتيهن فى قضايا الوطن، ثم يقفزن من مقاعد الضيوف إلى مقاعد الإعلاميين ليقمن بالدور بأنفسهن دون الحاجة إلى ذلك الجالس على كرسى إضافى لا فائدة له!!!
تستهوينا الفضائح درءاً للملل وطلباً لبعض الإثارة، ثم يتصاعد غرامنا بهذه الفضائح إلى حد الإدمان، فتصبح الغاية الكبرى فى الفن، وفى القضايا الاجتماعية، وفى العمل السياسى والوطنى!
من الذى يشكل الخريطة الثقافية المصرية اليوم؟! من الذى يصوغ العقول؟! من الذى يضبط بوصلة الوجدان؟!
انتبهوا أيها السادة، الأمر أكبر من صراع سياسى وقتى عابر، الأمر يتعلق بالثقافة والشخصية والهوية المصرية، فلا تتركوا الأقزام يعبثون بها، ولا تسمحوا للتافهين بأن يشوهوها، لأن ذلك إذا حدث فسيكون الكارثة الكبرى التى عقود عدة لتجاوزها.
ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة





اعلان