30 - 06 - 2024

رؤية خاصة | "حساب مواطن"

رؤية خاصة |

(أرشيف المشهد)

  • 14-7-2015 | 22:42

تفاءلت بخبر أعلنه  رئيس الهيئة القومية للبريد عن إيداعات المصريين في الهيئة.

22 مليون مصري يودعون أموالهم في الهيئة و بلغت إيداعاتهم  160 مليار جنيه. ماشاء الله. 22 مليون على الأقل أفلتوا من خط الفرق وتجاوزوه وحققوا فائضاً أودعوه في إحدى الهيئات التابعة للدولة. قاموا بما عليهم وزيادة. لم يبددوا أموالهم فيما لا يفيد ولم يخفوها تحت البلاطة ولم يهبوها طوعاً لنصاب يبيعهم الأوهام بزعم التوظيف واحلام الثراء السريع.

هذا ما فعله المواطنون ويستحقون عليه الثناء والتقدير. ولابد أن ثمة عدد مقارب من المواطنين يودعون أموالاً خارج هيئة البريد؛   كالبنوك وأسهم البورصة.وكلهم يتبعون ثقافة لابد أن تذيع وتنتشر وتعم بين كل من يملك دخلاً معقولاً. في الغرب ثقافة المدخرات جزء لا يتجزأ من ثقافة الحياة. كل من يعمل مهما بلغ دخله مبرمج على ادخار جزء من دخله لما هو قادم؛ عثرة مالية أو وعكة صحية أو استعداد لخطوة أكبر على طريق الترقي الاقتصادي والاجتماعي. بعوائد المدخرات لا يفيدون أنفسهم فحسب ولا يأمنون غائلة الزمن وفقط، بل يسهمون بنصيب وافر في دعم اقتصادات بلدانهم. سيقول قائل: هذا وارد في مجتمعات شعوبها من ذوي الدخل المرتفع ولسنا من هذه الشعوب فبيننا الملايين من محدودي بل معدومي الدخل. وهو قول مردود عليه ببساطة: الادخار كما قلنا ثقافة ونمط حياة وقد نجد مواطناً متوسط الدخل يحرص على تنحية جزء من دخله في وعاء ما بينما يتغافل آخر يفوقه دخلاً عن هذه الممارسة الإيجابية  بل يتجاوزها إلى نمط إنفاق يخرج به من دائرة ذوي الدخول المرتفعة ويزج به في دائرة ذوب الديون المتراكمة.

المشكلة أن الصنف الثاني شائع وآخذ في الازدياد بوتيرة تطّرد مع شيوع ثقافة الاستهلاك والعشوائية وخفوت محفزات التعقل والاستثمار وتنمية الموارد.

عودة إلى المودعين المذكورين،الذين يقودنا الحديث عنهم  إلى الجانب الآخر  من المعادلة الادخارية. فإذا كان هؤلاء المودعون قد نفذوا ما ينتظر منهم  وقدموا مساهمة سخية للاقتصاد المحلي عبر توفير موارد غير مباشرة فإن السؤال هو ماذا تفعل هيئة البريد بهذه المليارات لتنميتها وتحقيق الفائض الذي يمكنها من تدبير عائدات الودائع  دون مساس يرأس المال.

تحدث السيد رئيس الهيئة عن أوعية جديدة لجذب مزيد من المودعين مثل مشروع "حساب مواطن" الذي يستهدف محدودي الدخل وصغار المودعين. وهذه مبادرة شديدة الإيجابية يستحق كل من يسهم في تفعيلها التحية والتقدير. فنتائج هذه المبادرة أكبر وأبعد من مجرد جمع قروش قليلة من مواطنين بسطاء. هي إلى جانب بعدها الاقتصادي تحمل بعداً وطنياً وسياسياً واجتماعياً إذ تعزز الانتماء والشعور بالقيمة الذاتية والإحساس بالرضا وشيء من الأمان. لكن كنا نود أن نعرف على وجه الدقة كيف يتم  الاستفادة بهذه الأموال وضخها في عروق الاقتصاد المصري بما يحقق النفع العام للدولة والنفع الخاص للمودع.

أحسب أن التوسع في شرح هذا الجانب وإلقاء ضوء كثيف على الكيفية التي تستثمر بها أموال المودعين ستشيع أجواءً من الطمأنينة وتجتذب مزيد من المدخرات بأكثر مما تفعل الزيادات المتأرجحة في أسعار الفائدة.

مقالات اخرى للكاتب

رؤية خاصة| نورا على طريق الغارمات





اعلان