30 - 06 - 2024

قلوب من حديد

قلوب من حديد

(أرشيف المشهد)

2-9-2012 | 15:57

لابد أن أعترف بأن الخبر لم يكن مفاجئا بالنسبة لي، ولا أظنه كان مفاجئًا لأي ممن عرفوه، أو اقتربوا منه، أو حتى سمعوا عنه سماعًا صادقًا، "مجدي شندي ينتقل إلى المستشفى لأن قلبه لم يعد يحتمل"، وكيف يمكن لقلب مثل قلبه أن يحتمل؟!

الذين يعرفون الشاعر الذي يسكن قلب مجدي شندي، ويعرفون الفارس المقاتل الذي يزاحمه هذا القلب الصغير الكبير، كانوا يعجبون كيف يمكن لمعركة دائمة بينهما ألا تدمى هذا القلب، والذين يعرفون عددَ ساعات العمل التي يلتهمها عقلُه وعيناه وأعصابه التهامًا، لا يرافقه فيها سوى تبغه وشايه أو قهوته أحيانا، كانوا ينظرون إلى أنفسهم مرددين: إذا كان هذا هوالعمل، فإننا فى إجازة متصلة، والذين كانوا يعرفون تفاعله مع الهمّ العربي في كل بقعة من بقاع الوطن كانوا يستعيدون بيتَ شوقي الشهير" ولو خلقت قلوب من حديد ... لما حملت كما حمل العذاب" .

الصحافة عند مجدي شندي لم تكن في يوم من الأيام عملاً، ولا حتى رسالة؛ كانت ومازالت لونًا مؤلمًا من ألوان الإدمان، وأساسا من أسس الوجود، يذهب إلى "الحياة اللندنية" فينسى نفسه ويغرق في عمله ذاهلًا عن كل ما سوى الخبر والتحقيق والتعليق والتقرير والحوار والمتابعة، حتى يفيق ليجدَ نفسه في "المدينة المنورة"، فلا يشعر أن شيئًا قد تغير،  فالقلم هو القلم، والتبغ هو التبغ، والهمّ العربي هو الهمّ، فلتتغير اللافتات إذن ولتكن"الأحرار" في توهجها، أو "الأسبوع" في تألقها، أو "البيان" في شهرتها، وليكن "مجدي شندي" دائما الرقم الصعب في كل مكان يذهب إليه، سَمِّه الدينامو إن شئت، أو سمه الجندي المجهول المعلوم، أو سمه عمود الخيمة، أو ضابط الإيقاع، سمه ما تشاء، كما تشاء، أما هو فإنه لن يهتم إلا بأن يكتب ويكتب ويكتب، بكل ما تعنيه الكتابةُ من دأب أو بحث أو فهم أو احتراق.

أثق أن مجدي شندي لو أتيح له أن يقرأ هذا المقال، لكانت هي السابقة الأولى التي يحجب فيها مقالاً، لكني أدعو الله ثانية أن يسامحني، لأننى سأستغل فرصة وجوده في المستشفى لأمرر هذه الكلمات، التي تحمل يقينًا بأن هذا القلب قادرٌ على أن يقف من جديد، ويحلم من جديد، ويقاتل من جديد، ففضاؤنا العربي مازال مزدحمًا بالأحلام التي لم تتحقق، وحياتنا العربية مازالت ملأى بالمعارك التي تحتاج إلى المقاتلين النبلاء.

قم يا صديقي...  قم... الميدان بحاجة إليك... قلوبنا داعية، وعقولنا واثقة أنك عائدٌ إلى المشهد عودة الصامدين المصرين.

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة





اعلان