29 - 06 - 2024

المشهد العالمي: نذر حرب روسية أطلسية مدمرة واقتصاديات ودول على طريق الانهيار

المشهد العالمي: نذر حرب روسية أطلسية مدمرة واقتصاديات ودول على طريق الانهيار

ينبيء "المشهد العالمي"، حول أوكرانيا بحروب في أكثر من منطقة وقارة وصولاً لـ "وقائع تتدحرج إلى حرب أوسع وكارثة عالمية ربما تدفع البشرية كاملة ثمنها" إن أصر الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، على مواصلة تسليح أوكرانيا، وإن تمسك الشرق، وعلى رأسه روسيا مدعومة من الصين ودول أخرى، بتغيير النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة ولا تريد التخلي عنه ولا ترغب بمشاركة أخرين بقيادته أو حتى إدارته. 

لننظر إلى تفاصيل "المشهد" منذ بدء الحرب الروسية/ الأوكرانية في ظاهرها وساحتها، الروسية/ الأمريكية الأطلسية الأوروبية الحليفة بدعم اليابان واستراليا في حقيقتها، ولندقق في مألات العقوبات غير المسبوقة على مختلف قطاعات الاقتصاد الروسي، بما فيه البنك المركزي واحتياطات روسيا النقدية واستثماراتها في الخارج والتجييش والتسليح المتدفق لتصعيد الحرب في أوكرانيا لتحقيق أهداف الولايات المتحدة، باسقاط بوتين وهزيمة روسيا وتفكيكها، ووقف الطموحات الاقتصادية العالمية للصين. 

وتحذر روسيا على لسان رئيس مجلس الدوما الروسي بأن تزويد كييف بأسلحة هجومية سيؤدي إلى كارثة عالمية وإجراءات انتقامية روسية بأسلحة أقوى! 

ومن هنا دعونا ندقق بتفاصيل المشهد ولنبدأ:

- قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  إن أقوال أنغيلا ميركل تؤكد أن "روسيا كانت على حق في شروعها بالعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا" ملوحاً باستخدام السلاح النووي عند الضرورة بقوله: "لا حاجة لروسيا لعالم ليس فيه مكان لها"، مؤكداً قدرة بلاده على الردع وأن لديها أسلحة نووية أكثر حداثة وفاعلية وتجري تدريبات لقواتها النووية، ولا تخفي أي شيء"، ثم جاء قرار الحكومة الألمانية تزويد أوكرانيا بدبابات ليوبارد والسماح لدول أخرى مثل بولندا بإمدادها بها ليزيد احتمالات تصعيد وتوسيع الحرب ً.  

ولم يستبعد الرئيس بوتين أن تتبع روسيا نهج الولايات المتحدة وتتبنى "مفهوم توجيه ضربة نووية لضمان أمنها"، رافضاً تقديم ضمانات بأن لا تكون روسيا البادئة باستخدام الأسلحة النووية، وعلى النقيض قال بوتين أنه يعتقد بأن "خطر مثل هذه الحرب آخذ في الازدياد، لكنها "لم تصب بالجنون وتدرك ماهية الأسلحة النووية" وهي تصريحات تحتمل الشيء ونقيضه بما يجعل الباب مفتوحاً أمام الاحتمالات كافة!

الخداع الغربي واعترافات ميركل

إن اعتراف المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل بأن عدم تطبيق اتفاقيات مينسك كان «متعمداً» وبأن الهدف الغربي من اتفاقيات مينسك، مع روسيا، لتسوية الوضع في دونباس كان، "منح كييف الوقت الكافي لتعزيز قدراتها العسكرية، وقد استغلت أوكرانيا هذه الفرصة جيدا".  يؤكد ما ذهبنا إليه، ويُحمل ألمانيا وفرنسا ومن خلفهما الولايات المتحدة المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية عما يحدث في أوكرانيا والعالم، وهو ما علق عليه نائب المستشار النمساوي السابق هاينز كريستيان ستراش بالقول إنه "أمر مخيف أن تتحدث  ميركل بصراحة وبهذه الطريقة، التي تقوض مصداقية السياسيين الأوروبيين، وتدمر أي أساس للثقة".

لقد كان من الممكن، في رأي الخبراء والمحللين والمتابعين، حل الأزمة الروسية الأوكرانية كما حُلت دبلوماسيا أزمة برلين سنة 1961 وأزمة الصواريخ الكوبية 1962، لكنه يتضح أن الحل العسكري في أوكرانيا ربما يطول كما حدث في الحرب الكورية 1950 - 1953 والحرب الفيتنامية 1955 - 1975 وحرب أفغانستان 1979 – 1989 وحرب احتلال العراق 2003... لكنها الدوافع الخفية للحرب الجارية عملياً بين روسيا والولايات المتحدة على الساحة الأوروبية في إطار محاولة أمريكية لنصب صواريخ موجهة لروسيا في أوكرانيا، عند حدودها مباشرة، أي أنها صراع نفوذ جيوسياسي من خلال توسيع حلف الأطلسي.

وقالت مصادر خاصة لوكالة أنباء ana إن مستشار الامن القومي الأميركي بحث في تل ابيب ارسال 300 الف قذيفة مدفعية وصاروخية متوسطة وبعيدة المدى وآليات لضرب اهداف روسية حساسة في عمق الأراضي الروسية الى اوكرانيا، وذلك من مخزون الأسلحة الأمريكية في إسرائيل.

وعرض سوليفان، لرئيس الوزراء الإسرائيلي، ابعاد ما تخطط له إدارة بايدن لتدمير نفوذ روسيا في أوروبا قائلاً إن الهدف هو جر روسيا الى حرب أوسع مع الناتو، وإن توقعات البيت الأبيض تحديدا هي ان يثير ذلك غضب الرئيس بوتين ليلجأ الى تصعيد نووي تكتيكي ما يُحرج الدول الأوروبية المترددة ويورطها بحرب مع روسيا، وهو ما يعني بالضرورة التدخل الأميركي لحمايتها.

وأضاف المصدر أن ما تخشاه الإدارة الامريكية حسب كلام مستشار الأمن القومي الأمريكي هو ان تسرع روسيا في توجيه "ضربات مكرسحة" للقوات الاكرانية بحيث لا تتمكن من استخدام ما سترسله الولايات المتحدة لها.

وكانت شرارة الحرب في أوكرانيا التي شارفت على نهاية سنتها الأولى قد تزامنت مع بدء التعافي من تبعات تفشي فيروس "كوفيد-19" على مدار العامين السابقين، وما تبع ذلك من آثار اقتصادية سلبية، ولم يكد الاقتصاد العالمي يجد طريقة إلى التعافي من التضخم وارتفاع أسعار الطاقة واضطرابات سلاسل الإمداد العالمية، حتى تسببت الحرب في أوكرانيا بزيادات ضخمة بأسعار مصادر الطاقة والحبوب والطحين والزيوت ومختلف المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية الأساسية خاصة، وصدرت روسيا وحدها ما نسبته 20% من صادرات القمح العالمية سنة 2020، فيما ساهمت أوكرانيا بنسبة 9%، وتُعتبر روسيا أحد الموردين الرئيسيين للأسمدة، مثل اليوريا والبوتاس اللذين يُستخدمان عالميا في تحسين غلة المحاصيل.

وفي التحليل قال عدنان مزارعي، كبير الخبراء بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن، إن تأثيرات الحرب انعكست على مختلف دول وأقاليم العالم، وأسهمت في ارتفاع نسب التضخم مع الارتفاع الكبير في الأسعار، ومن ثم تدخل البنوك المركزية ورفع أسعار الفائدة، لمواجهة التضخم، رغم تسبب ذلك في انخفاض النمو وإبطاء الأنشطة الاقتصادية مع تصاعد أزمات سلاسل الإمداد، وأخيراً تزايد حظوظ انتخاب زعماء سياسيين من أنصار الحروب التجارية والسياسات الحمائية التي تؤثر بالسلب على الجميع.

ويمكن أن تضرب الأزمة مختلف الصناعات الأوروبية والأميركية الرئيسية من السيارات إلى الطائرات ففي الجانب الصناعي، تُعتبر روسيا المزود الرئيسي عالميا لفئات معينة من النيكل، الذي يُستخدم في بطاريات السيارات، والبلاتين المستخدم لإزالة الانبعاثات السامة من أبخرة عوادم السيارات الأميركية والبريطانية والألمانية واليابانية، والبلاديوم المستخدم في المحولات الحفازة، والأسوأ قد يأتي، إذا فرضت روسيا قيودا على صادراتها من هذه المواد للرد على الغرب.

نسب التضخم وتوقعات اتجاهاته

تقديرات صندوق النقد الدولي، أن يكون معدل التضخم عند 6.5% في عام 2023، بانخفاض بحدود 2.3%، ولكن بشرط استمرار الجهود المبذولة لخفض أسعار الطاقة والغذاء.

وعلى المستوى العربي، تجاوز معدل التضخم 10% في ثلاث دول هي مصر 14.6%، وجيبوتي 11.6%، وموريتانيا 10.6%، بخلاف لبنان وسوريا والسودان التى يتجاوز المعدل بها 50%. أما في دول الخليج فقد كان منخفضاً وجاءت أعلاها قطر بنسبة 4.8%، ثم الكويت بنسبة 4.2%، فالبحرين بنسبة 3.9%، والسعودية 2.7%، وعمان 2.6%، والإمارات 2.5%.

وارتفعت نسب التضخم في الاتحاد الأوروبي، لتبلغ 9.8% بالمتوسط في 24 دولة أوروبية .. بلغاريا 17.7%، وجمهورية التشيك 17.2%، وبولندا 16.1%،وسلوفاكيا 14.1%، وهنغاريا 15.6%، ورومانيا 15.3%، وفي كرواتيا بلغ التضخم 12.3%، وهولندا 12%، واليونان 11.4%، وسلوفينيا 11%، وإسبانيا 10.5%، وفي بريطانيا 9.9 %، وسجل 16.8% في مقدونيا، و16.7% في البوسنة والهرسك، و 23.8% في أوكرانيا، 24.8% وفي إستونيا، و 22.4% في ليتوانيا ، و 21.5% في لاتفيا، و 17.9% في روسيا البيضاء، و 34.3% في مولدوفا ، و 13.2% في صربيا، و 14.9% في الجبل الأسود ، و 14.3% في روسيا، أما في تركيا فقد وصل التضخم لنسبة 80%، وشرقاً في اليابان، بلغ التضخم 2.6% بعد أن عانت أعوامًا تضخمًا سالبًا، أما الصين فقد حافظت على معدل تضخم منخفض عند 2.1% وهو ما يعود لضعف الطلب المحلي.

أما معدلات التضخم الأعلى عالمياً فقد سُجلت في  زيمبابوي بنسبة 269.0 % في أكتوبر 2022، ولبنان بنسبة 162.0 % وفنزويللا 156.0 % وسوريا 139.0 %.

وبالنظر إلى تجارب التاريخ فإن مكافحة التضخم قد تستغرق بضع سنوات، وفي حال اتبعت معدلات التضخم العالمية التي تراوحت حول 9.8% في عام 2022 هذا المسار، فإن الأمر سيستمر حتى عام 2025 على الأقل للوصول إلى مستويات تضخم تبلغ 2% إذ تمكنت إيطاليا على سبيل المثال من خفض التضخم من 22% في عام 1980 إلى 4% في عام 1986.

يدفع فقراء العالم ودوله النامية أثمان الحروب ويزداد ثراء أغنياء الإمبريالية والفساد وتجار الحروب! 

إذا استمر العناد والتعالي الغربي قد لا تنتهي الحرب إلا بضربة نووية والسؤال من يبدأ بها ومتى وأين ؟!
----------------------------
تقرير من إعداد / عمر خلوصي بسيسو 






اعلان