22 - 06 - 2024

خطايا اقتصادية مصرية

خطايا اقتصادية مصرية

(أرشيف المشهد)

30-12-2014 | 18:03

عند اختياري لشركة طيران تقلني إلى عاصمة شمال أوربية، تبين أن أفضل رحلة في نظري هي رحلة مصر للطيران إلى كوبنهاجن مركز الطيران الإسكندنافي لأنها تقلني مباشرة وهي متاحة يوميا، ما قد يبدو زائدا عن الحاجة، ولكنني طلبت أن أسافر عليها، رغم ارتفاع سعرها عن شركات منافسه، كان الاختيار الأول للشركة التركية عبر اسطنبول. ولم أندم، ولكنني كنت طول الرحلة أفكر مشفقا في مستقبل هذه الشركة العريقة والذي يبدو غير مطمئن.

والقلق على مصير الشركة يعود لأسباب كثيرة، فالمعلن عن إدارة الشركة أـنها تحقق خسائر ليست بالهينة، وهم أمر يتعين أن يكون محل اهتمام المسئولين. فمعدات الشركة على الأغلب جيدة وحديثة، وخطوط طيرانها تغطي أنحاء الدنيا كافة، ربما بأكثر من اللازم لأعلى كفاءة اقتصادية، وتقلع وتهبط في واحد من أحدث مباني المطارات في مصر، المبنى رقم 3، ولكن الإدارة ليست على خير ما يشتهى وإلا ما حققت خسائر كبيرة.

وأظن أن كبر الخسارة يرجع لأنه، فوق الحاجة الدائمة لتحسين الإدارة، فإن الشركة، إضافة للمنافسة الشديدة في سوق الطيران التجاري عامة، تتعرض لمنافسة غير عادلة، حتى لا نقول حرب خسيسة، من شركات الطيران الخليجية الغنية تحديدا. من ناحية هذه الشركات تسطو على أهم أصول مصر للطيران، أي الطيارون الأكفاء الذين يتكلف تدريبهم ومرانهم العملي الكثير من الوقت والجهد والمال، وذلك من خلال الإغواء بالمرتبات والمزايا المادية الضخمة، بما في ذلك التعويض المالي عن غرامات فسخ العقود مع الشركة الأم.

والسلاح الثاني في هذه الحرب هو التخفيضات الضخمة في أسعار الشركات المنافسة، خاصة الخليجية، والذي يوجب انتباه المسئولين عن سياسة التسعير في مصر للطيران. ولتقريب الصورة أورد المثال التالي. في ندوة عقدت في تونس، ذكر لي أخ سوداني، أنه سيعود للخرطوم عن طريق الدوحة في رحلة تتعدى العشر ساعات لأن العودة عن طريق القاهرة أقصر وقتا وأريح له شخصيا، إلا أنها على مصر للطيران أعلى سعرا. وأهمية هذا الأمر أن كثيرا من المنظمات الدولية الإقليمية والعالمية قد نحت مؤخرا لأن تشترط على من يسافرون على نفقتها أن يكون السفر بالسعر الأرخص بصرف النظر عن طول مدة السفر. وهذا يستدعي إعادة النظر في التسعير، خاصة وأن الشركات المنافسة تقدم أسعارا اقل وخدمات أفضل من بعض النواحي.

وعن الخدمة ورضا المسافرين وهو من أهم أصول شركة طيران لضمان ولاء العملاء، فالظاهر أن الإمكانات المادية، أسطولا وميناء، جيدة على العموم. ولكن إدارة هذه الإمكانات تتطلب كفاءة أعلى. وأضرب مثلين فقط.

من مزايا المبنى رقم 3 بمطار القاهرة الدولي أن الطائرات يمكن أن تقف على البوابات المتحركة مباشرة متيحة مدخلا مباشرا بين الطائرة ومبنى المطار مما يوفر الوقت ويزيد من راحة المسافر. ولكن عندما وصلنا لنهاية ممشى البوابة لم نجد طائرة وكان على الركاب تجشم رحلة في حافلة ليست في أفضل حال لمدة قاربت ربع الساعة ليصلوا إلى الطائرة.

وحيث تحرص شركات الطيران الجيدة في الرحلات الطويلة أن تقدم اختيارا بين أكثر من طبق رئيسي للوجبة التي تقدمها لمراعاة اختلاف أذواق الركاب فيما يأكلون، فقد سألتنا المضيفة عن تفضيلنا، وكما يتوقع، فضلت غالبية الركاب الدجاج على اللحم، ولكن المضيفة عادت بعد قليل لإخبارنا بأن اختيارنا لم يعد متوافرا وقدمت طبق اللحم. بالطبع هذا يحدث في جميع شركات الطيران، ألا يكون اختيارك متاحا خاصة إن كنت جالسا قرب نهاية الطائرة. ولكن هذا حدث في حالتنا ولم يكن قد وزعت الوجبات إلا على حوالي خمس الركاب في مقدمة الكابينة. من ناحية، هذا القصور يعني أن دراسة جيدة لأذواق المسافرين، والعزوف المتزايد عن أكل اللحوم، خاصة في السفر الطويل، لم تُجر، على الأقل حديثا. ومن ناحية ثانية، فإن أصول الخدمة الجيدة ألا تسأل المضيفات عن الاختيار المفضل إلا إن كن متأكدات من أن الاختيار مازال متاحا حتى لا تخيبن ظن من يفضل طبقا معينا. ومن ناحية ثالثة، فإن صنف اللحم الذي قُدّم في النهاية لم يكن جيدا.

إذن أصول الشركة جيدة ولكن خدماتها للمسافرين ليست على أفضل ما يشتهى. وهذا مؤشر على الحاجة لتحسين إدارة الأصول والموارد البشرية للشركة لتقديم أفضل خدمة ممكنة للمسافرين بأقل سعر ممكن حتى تحافظ الشركة على ميزة تنافسية في السوق الصعب وتصمد في مواجهة الجوارح المتربضين لها.

خشيتي أنه إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فقد لا تتحمل مصر للطيران كثيرا وتبتلعها إحدى الشركات الخليجية المنافسة التي ساهمت في تعثرها، أو تُباع لقمة سائغة لتلحق بسابقاتها من شركات قطاع الأعمال العام لجوارح كبار أصحاب الأموال، وربما بالفساد الذي سرى في عمليات الخصخصة سريان النار في الهشيم. وفي الحالتين يفقد شعب مصر واحدة من صروح القطاع العام التي تحمل علم مصر في الأجواء وفي جميع أرجاء المعمورة.

2- استهانة شركات التليفون المحمول بالمواطنين المصريين.

لماذا تستهين شركاتالتليفون المحمول بالمواطن المصري؟

علامات الاستهانة كثيرة وعلى رأاسها أن الخدمة سيئة وتتدهور على الرغم من ان تكلفة وحدة الاتصال في مصر أعلى من معدلاتها في الدول المتقدمة وحتى الدول العربية الغنية.

ولأسباب متعددة. فالسوق ينمو بعدلات انفجارية، وأرباح الشركات تتنامي من دون اي انعكاس على تحسين الخدمة او تقليل تكلفتهاوأصحاب الشركات متنفذون في هبكل السلطة، التي تحمي مصالحهم ولو على حساب مص دماء المواطنين بخدمة سيئة.ومن ثم، تمارس الشركات جريمة "احتكار القلة" بمعنى أنها تتكاتف فيما بينها لاستغلال المستهلك ولا تتنافس فيما بينها على تحسن الخدمة أو إرضاء المستهلك.وأخيرا فإنجهاز تنظيم الاتصالات، فاشل وليس إلا " تكية" لحصد المرتبات المليونية لذوي الحظوة من السلطة الحاكمة.كما إن جهاز مكافحة الاحتكار وحماية المستهلك افشل من تنظيم الاتصالاتوعلى الجانب الآخر،لا توجد منظمات مجتمع مدني فعالة لحماية المستهلكين ومقاومة الاحتكار.

في المحصلة، لن تنضبط شركات المحمول وتتحسن خدماتها إلا بتنظيم حملات مقاطعة شعبية قوية ومضبوطة.تتوخي حول المطالب المقترحةالآتية.

تخفيض سعر وحدة زمن الاتصال في المكالمة بما يتناسب مع الأسعار العالمية التنافسية، وبما يتناسب مع مستوى المعيشة في مصر، مع مراعاة أنهم يحصلون على عمالة رخيصة بالنسبة لباقي العالم. وتخفيض أسعار الإنترنت إلى الربع على أقصى تقدير. وإتاحة فرصة للاختيار بين باقات مختلفة لتناسب استعمال العميل.علما بان أسعار المكالمات والانترنت في مصر تفوق كثيرا أسعار الشركات العالمية، حتى لو لم يؤخذ في الحسبان تدني الأجور ومستوى المعيشة والفقر في مصر.
اعتبار الشريحة ملك لمن اشتراها أول مرة، ولا يمكن للشركة إلغائها، إلا بموافقة المالك.وتتعهد الشركة بنقل كل المبالغ النقدية المسجلة على الشريحة والتي دفعت مقدما؛ إلى شريحة جديدة تابعة لشركة أخرى، أو رقم جديد يرسله لها العميل الراغب في التحويل من شركة إلى أخرى.

تتعهد الشركات بعدم الإعلان والتسويق عن طريق التليفون، وإزعاج المستخدمين عن طريق التجسس على مكالماتهم ومطاردتهم بالرسائل الكاذبة التي تدعي أن صديقا أرسل له رسالة.

تتعهد الشركات بالشفافية وبالامتناع عن الاجتماعات السرية بينها التي تهدف إلى الاتفاق على تحديد الأسعار للمكالمات.

التعهد بالعمل الدؤوب على تحسين الخدمات، وتجديد أجهزة تقوية الاتصالات في كل المناطق.

1.    الأبراج في المناطق السكنية

2.    حماية الخصوصية

3.    عدم قطع الاتصال بالتواطؤ مع الحكومة

أما من ناحية الحكومة فواجبها تقوية الرقابة على نزاهة التنافس بين الشركات، والعمل على فتح سوق المحمول في مصر لشركات أخرى وتنقية جهاز تنظيم الاتصالات من المحسوبية والفساد وتطوير أداؤه لحماية مصالح المواطنين.

مقالات اخرى للكاتب

والذكرى تنفع الثوار





اعلان