29 - 06 - 2024

ذكرى محمد محمود الأولى «1»

ذكرى محمد محمود الأولى «1»

(أرشيف المشهد)

11-11-2012 | 15:05

باقٍ من الزمن ثمانية أيام على ذكرى اندلاع المذبحة التى اقترفتها كل من الداخلية والقوات المسلحة بحق المدنيين المتظاهرين بميدان التحرير، والمعروفة بـ«أحداث محمد محمود».

تبدأ الأحداث بتظاهرة دعا لها حازم أبو إسماعيل يوم 28 أكتوبر للمطالبة بتسليم السلطة، ورحيل المجلس العسكرى، كان التجمع بميدان التحرير فى ذلك اليوم مقصورا على أنصار حازم أبو إسماعيل، ولم يكن العدد بالكبير، لكن الجزيرة أذاعت خطابا لحازم أبو إسماعيل تحدث فيه عن ضرورة رحيل العسكر، وأن المجلس العسكرى يتباطأ فى تحديد موعد للانتخابات الرئاسية. كانت خطبة حماسية ألهبت مشاعرنا جميعا، وأنهى أبو إسماعيل خطابه بأنه يُعِدّ مفاجأة مدوية فى ظرف ساعات قليلة، وأن هناك إمكانية للاعتصام، ومن ثم تبادل الناس الآراء على مواقع التواصل الاجتماعى، وقررت الأغلبية أنه إذا ما أعلن أبو إسماعيل وأنصاره الاعتصام، فإننا جميعا سننزل فورا للاعتصام معهم، وبدأت فى إعداد احتياجاتى للاعتصام، فى انتظار خطاب أبو إسماعيل الثانى الذى سيفجر فيه المفاجأة. ظل جميعنا يتابع قناة «الجزيرة»، ومن يتغيب ولو قليلًا من أمام التلفزيون، يعود ليسأل الناس على مواقع التواصل الاجتماعى: أبو إسماعيل اتكلم؟ أصل كنت فى الحمام… – لا لسه.. مستنيينه أهو.. روح يا زمان وتعالى يا زمان، وبعد عدة ساعات عاد حازم أبو إسماعيل إلى الميدان مخاطبا أنصاره بأنه أجرى اتصالاته وأنهم سيذهبون الآن على أن يجتمع الناس يوم 18 نوفمبر، حتى يتم الحشد الكبير لذلك اليوم وستشارك كل التيارات الإسلامية، وستكون «مفاجأة مدوِّية».

ظل المصابون ممن استجابوا لدعوة أبو إسماعيل، وعلى أمل أن يعود الناس يوم 18 نوفمبر ويعتصم الجميع، مرابطين بالميدان. أياميها بقى أنا كنت باحب أبو إسماعيل ده إيه! كان حد يقدر يقول عليه كلمة قدامى؟ كنت آكله.. يلّا، طول عمرى هبلة. المهم يا سيدى، عاد الناس أجمعين إلى ميدان التحرير يوم 18 نوفمبر، نزل الإخوان ثورة ثورة حتى العصر، وذهبوا قبل صلاة المغرب بيتك بيتك، وبقى من بقى بالميدان، لم يكن عددا هائلا، لكنه كان أكبر من حشد يوم 28 أكتوبر، حين اجتمع أنصار أبو إسماعيل، الذين كانوا قلة فى ذلك الوقت، مع بعض الثوار والمصابين فى الميدان، حنعتصم بقى يا ولاد… قال أعضاء حملة أبو إسماعيل إنهم فى انتظار مجيئه للميدان لإعلان اعتصام مفتوح حتى رحيل العسكر، وتفجير مفاجأته المدوية.

وكانت مفاجأة مدوية بحق… بعد ساعات طويلة من الانتظار، وقد أوشكت الليلة على انتصافها، حضر أبو إسماعيل ليخبر أنصاره بأن عليهم الذهاب الآن، لأن الاعتصام سوف يعطل الانتخابات، وذلك بعد أن «أجريت اتصالاتى»! عبارتان أكثر غموضا من مثلث برمودا فى خطاب أبو إسماعيل دوما: «اتصلاتى» و«مفاجأة مدوية»، لا عمرنا عرفنا اتصالاته دى مع مين، ولا عمرنا عرفنا إيه هى المفاجأة المدوية. ما إن أعلن أبو إسماعيل انسحاب أنصاره حتى انفجر الميدان بالهتاف: «قول لى يا حازم يا صلاح ليه بتخرّب الكفاح»، وسرت فى الميدان أصرخ: يا شيخ حازم احنا نزلنا نعتصم بناء على دعوتك… ما ينفعش تسيب الناس، الأمن حيستفرد بينا.. إن العهد كان مسؤولا.. إن العهد كان مسؤولا.. ولا كأننا بنتكلم يا جدع، الثوار والمصابون يصرخون بأن ما يقوم به أبو إسماعيل وأنصاره جريمة ستودى بحياة الأقلية التى عقدت العزم على الاعتصام، وأنصار أبو إسماعيل ينسحبون من الميدان زخات زخات، ثم أمسك أبو إسماعيل بالميكروفون وقال إن من سيظل معتصما فى الميدان له كل الحب والتقدير والاحترام! بس احنا ماشيين عشان الانتخابات.

واجهت أحد الشباب الذى كان عضوا فى حملة أبو إسماعيل -وانسحب بعد قصة باسبور الوالدة- فأطرق خجلا وقال: أنا آسف يا نوارة.. بس أنا حافضل معاكو واللى يجرى عليكو يجرى عليا.

فجأة وجدنا الميدان «بيلُقّ» علينا. دخلت خيمتى، ولسبب ما غطست فى نوم عميق، ما إن انسحب أنصار أبو إسماعيل من الميدان، حتى بدأت هجمات البلطجية على الميدان، يدخل الرفقاء إلى خيمتى: قومى يا نوارة، البلطجية داخلين علينا.. وأنا لا أقوى على الاستيقاظ: لما يبقوا ييجوا الخيمة ابقوا صحُّونى. ليلتها، رأيت وأنا بين الاستيقاظ والنوم، صورة القمر تختلط بها صورة خارطة الوطن العربى، والقمر يتوسط خريطة مصر، فتحت عينى وسألت أصدقائى الجلوس معى فى الخيمة: هو مش القمر يبقى سيدنا محمد؟ فرد الجميع بالإيجاب كأنهم كانوا ينتظرون السؤال، ثم أكملت نومى. ظللنا هكذا حتى الساعة السابعة صباحا.

وللحديث بقية.

مقالات اخرى للكاتب

ذكرى محمد محمود الأولى «1»





اعلان