30 - 06 - 2024

لجنة تقصي حقائق عراقية في سرقة القرن: مكتب الكاظمي لعب دورا رئيسيا في تسهيل السرقة وتهريب الأموال

لجنة تقصي حقائق عراقية في سرقة القرن: مكتب الكاظمي لعب دورا رئيسيا في تسهيل السرقة وتهريب الأموال

خلصت لجنة تحقيق عراقية في سرقة 2.5 مليار دولار من حساب مصرفي حكومي عراقي إلى أن مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي كان له دور فعال في المؤامرة، حسبما كشف تقرير اطلعت عليه ميدل إيست آي.

وتشكلت لجنة تقصي الحقائق البرلمانية في أواخر أكتوبر، بعد أن أصبحت الجريمة التي أطلق عليها الإعلام العراقي "سرقة القرن" علنية، وهي مكونة من نواب من مختلف الفصائل السياسية وكُلفت باكتشاف كيفية حدوث السرقة ومن المتورط فيها.

تم تقديم التقرير النهائي للجنة في نهاية الأسبوع ووجد أن عددًا من أعضاء فريق رئيس الوزراء السابق "سهلوا السرقة" أثناء وجودهم في المنصب وساعدوا في تهريب الأموال المسروقة إلى خارج البلاد.

ومن أبرز المتورطين ثلاثة أعضاء من مكتب الكاظمي: مدير المكتب ورئيس المخابرات رائد جوحي، والسكرتير الخاص أحمد نجاتي، والمستشار السياسي مشرق عباس، كما تم تسمية وزير المالية السابق علي علاوي بين المتورطين وهم ينفون الاتهامات.

وندد الكاظمي، الذي كان رئيسا للوزراء بين مايو 2020 وأكتوبر 2022، قبل أن يحل محله محمد شياع السوداني، بهذه الاتهامات، وقال إن التحقيق "يفتقر إلى حدود الاستقلالية المقبولة ويشير إلى نهج سياسي منفتح في استهداف وإنهاء كل من له علاقة بالعمل مع الحكومة السابقة".

واتهم الكاظمي التحقيق باستهداف بعض الأشخاص بقصد إخفاء "المجرمين الفعليين".

وعلى الرغم من أن بيان هيئة النزاهة لم يكشف عن أي تفاصيل عن أدلة جديدة تم الكشف عنها، إلا أن تقرير لجنة التحقيق يكشف عن تفاصيل جديدة.

وجدت اللجنة أنه تم سحب ما مجموعه أربعة تريليونات دينار "حوالي 3 مليارات دولار" من مصرف الرافدين المملوك للدولة وقد تم سحبها من خلال 260 شيكًا وتوزيعها على سبع شركات خاصة بين سبتمبر 2021 وأغسطس 2022.

ووجدت اللجنة أن خمسًا من الشركات السبع حديثة التأسيس وليس لديها سجلات ضريبية، أما الشركتان المتبقيتان فقد تم شراؤهما من قبل المتهمين "لأغراض إتمام السرقة".

وجاء في التقرير: "لم يكن لدى أي من الشركات تفويض قانوني من المالكين الفعليين للودائع لسحب هذه الودائع، على الرغم من ادعائهم امتلاكهم ذلك".

كانت الأموال المسروقة عبارة عن أموال دفعتها الشركات مقدمًا مقابل الالتزامات الضريبية المستقبلية.
-------------------------
 ترجمة: فدوى مجدي

في السابق، كان المجلس الاتحادي للرقابة المالية والمحاسبة، وهو جهاز مراقبة الإنفاق العام في العراق، يشرف على طلبات استرداد الودائع الضريبية، ومع ذلك، قبل أسابيع قليلة من بدء سرقة الأموال، تم إجراء تغيير للسماح بسحب الأموال دون إذن من المجلس، وقالت لجنة التحقيق إن "المراسلات الرسمية" المحيطة بهذا التغيير وصفت بأنها مفتاح السرقة.

ويسمي التقرير هيثم الجبوري رئيس اللجنة المالية النيابية السابق والمستشار المالي الكاظمي والمدير العام السابق للهيئة العامة للضرائب سامر عبد الهادي والمدير السابق لدائرة التحقيقات في الهيئة كريم بدر الغازي.  فضلا عن جوحي وعلاوي - باعتبارهم مشاركين في هذه المناقشات.

تتفق استنتاجات التحقيق مع تقرير موقع Middle East Eye في نوفمبر بشأن كيفية تنفيذ السرقة ومن يُشتبه في أنه سهلها.

قال مسؤول كبير بوزارة المالية إن ديوان الرقابة المالية سبق أن أفاد بأن الودائع الضريبية في الحساب كانت معرضة للتهريب وحاول التحذير من أن الناس قد يحاولون استخراج هذه الأموال بطريقة غير مشروعة، ومع ذلك، لا يبدو أن أحداً قد أخذهم على محمل الجد، وبدلاً من ذلك، أصبحت تقارير ديوان الرقابة المالية "المفتاح الرئيسي" الذي سمح للمخطط بالتطور "من الألف إلى الياء"، على حد قول المسؤول.

وأضاف المسؤول أن "الوحيدين الذين تنبهوا للتحذيرات هم اللصوص الذين وجهتهم أجراس الإنذار هذه إلى موقع الأموال وآليات الوصول إليها وسرقتها".

تبديل الحسابات

في نوفمبر 2017، أرسل ديوان الرقابة المالية نتائج التدقيق الذي أجراه على الودائع الضريبية لعام 2015 و 2016 والأشهر الأربعة الأولى من عام 2017 إلى مكتب رئيس الوزراء والهيئة العامة للضرائب، وتضمنت المراجعة العديد من الملاحظات، أبرزها كيف تراكم عدد كبير من الودائع الضريبية في حساب واحد، وأن إجراءات رد الودائع كانت معيبة ويمكن التلاعب بها.

 وجد ديوان الرقابة المالية أكثر من 4.9 تريليون دينار (حوالي 4 مليارات دولار) من الودائع الضريبية المتراكمة في حساب مصرفي مملوك للهيئة العامة للضرائب في فرع الأحرار ببنك الرافدين، وطالب ديوان الرقابة المالية دائرة المحاسبة بوزارة المالية بمعالجة نقاط الضعف.

في سبتمبر 2018 ، فيما بدا أنه محاولة لحل المشكلة ، أنشأت الهيئة العامة للضرائب حسابًا مصرفيًا جديدًا في فرع الضرائب في مصرف الرافدين "لإيداع المبالغ المستلمة كودائع ضريبية" وأطلق على الحساب الجديد اسم "إدارة كبار دافعي الضرائب".

وكشف التقرير أن الخطة كانت تجميد الحساب القديم تمهيدا لإغلاقه نهائيا بعد ستة أشهر "وهو أمر لم يتم التقيد به خلافا لما حددته توجيهات دائرة المحاسبة".

في الواقع، قامت الهيئة  العامة للضرائب بتحويل أكثر من أربعة تريليونات دينار من الحساب القديم إلى الحساب الجديد، والذي كان يديره عبد الهادي مسؤول الهيئة. 

تم التحويل على شكل مدفوعات بدأت في أغسطس 2018 وانتهت في نوفمبر 2020.

وأشارت اللجنة إلى أن الأموال تراكمت مرة أخرى في هذا الحساب الجديد حيث تمت سرقتها.

 قال مسؤول عراقي رفيع مطلع على التحقيقات: "تشير جميع المعلومات التي كشفت عنها التحقيقات حتى الآن إلى أن التخطيط للسرقة بدأ في وقت ما بين عامي 2018 و 2020" وأضاف أن "شبكة المتورطين واسعة وتضم قادة سياسيين وقادة فصائل مسلحة ومسؤولين كبار سابقين وحاليين. لكن الاسم الذي تكرر في كل مرحلة من مراحل التحقيق هو رائد (جوحي)" مشيرًا "من الغريب أن كل الأسماء الأخرى إما تؤدي إليه أو ترتبط به بطريقة أو بأخرى".

لم يحدد تقرير اللجنة بالضبط الدور الذي يُزعم أن جوحي لعبه في هذه العملية، لكنه وصف مكتب رئيس الوزراء بأنه أحد الأطراف الرئيسية المتورطة في السرقة، ويقول التقرير إن المكتب اتصل بمسؤولي وزارة المالية ومديري الهيئة العامة للضرائب وفروع البنوك ذات الصلة دون الرجوع إلى وزير المالية علاوي، وأصدر تعليمات "للجهات المعنية بإزالة ديوان الرقابة المالية من طلبات التدقيق الخاصة برد الودائع الضريبية".

ورد اسم جوحي في التقرير على عدة مراحل.

 عُيِّن مدير مكتب الكاظمي، الذي اشتهر كرئيس قضاة تحقيق خلال محاكمة صدام حسين، مفتشًا عامًا لوزارة المالية في مايو 2019 من قبل رئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي.

شغل جوحي المنصب حتى ألغى البرلمان العراقي المنصب في أكتوبر، لكن الكاظمي أعاده إلى الواجهة بعد تسعة أشهر بتعيينه مديراً لمكتبه.  

قال عضو سابق في فريق الكاظمي لموقع ميدل ايست ايي ان جوحي مُنح صلاحيات "واسعة جدًا"

في مكان آخر، يفصل التقرير كيف وجدت التحقيقات أن علاء خلف مران، السكرتير الخاص لجوحي، كان يرافق بانتظام رجل الأعمال نور زهير جاسم، المشتبه به الرئيسي بالسرقة، في رحلاته الخارجية على متن طائرة زهير الخاصة على مدى العامين الماضيين.

وكشفت سجلات هيئة الطيران المدني، التي استخدمتها لجنة تقصي الحقائق، أن مران وزهير كانا في كثير من الأحيان برفقة شخص ثالث، وهو اللواء ضياء الموسوي، مدير العمليات في جهاز المخابرات.

الكاظمي، الذي ظل رئيسًا للمخابرات خلال العامين الأولين من رئاسته للوزراء، عيّن جوحي خلفًا له في الوكالة في يوليو 2022، ولم يكن لدى جوحي خلفية ملحوظة في المخابرات.

ووجدت اللجنة أن مران كان أيضًا صديقًا لكريم بدر الغازي، مدير تحقيقات المركز، وقال غازي للجنة التحقيق النيابية إن مران دعاه وزهير في عدة رحلات.

وصدرت مذكرة توقيف بحق الموسوي في نوفمبر "لتورطه في تسهيل تهريب أموال مسروقة إلى خارج العراق"، ولم يتمكن المحققون من الوصول إلى الموسوي أو جوحي، وأبلغهم جهاز المخابرات الوطني أن الأول "هرب من العراق" وأن الأخير "نُقل".

وقالت اللجنة إنه رغم مطالبتها المتكررة بالحصول على أي تفاصيل عن جوحي، لم تكشف المخابرات عن مكان "نقله" أو سبب صدور أمر إداري بنقله.

ووجدت لجنة تقصي الحقائق أن زهير كان يحمل جواز سفر دبلوماسيًا صادرًا عن الخارجية العراقية يحمل فيه لقب رجل أعمال.

كما قالت إنه تم إصدار مذكرتي توقيف وحظر سفر بحقه في أكتوبر 2019 وديسمبر 2020 بزعم إصدار شيكات لحسابات لا تحتوي على الأموال اللازمة فيها. وقال التقرير "ومع ذلك، فهو غير مسجل في قاعدة بيانات المطلوبين" وسمح له ذلك بإجراء 21 رحلة جوية أجنبية على طائرته الخاصة في عامي 2021 و 2022.

 قُبض على زهير في مطار بغداد الدولي في أكتوبر، وصادرت السلطات منه فيما بعد نحو 125 مليون دولار، لكن قاضي التحقيق أفرج عنه بكفالة بعد إبرام صفقة لإعادة الأموال التي بحوزته وتسمية مشتبهين آخرين وفق مسؤول عراقي بارز مطلع على التحقيق. 

 وقال المسؤول العراقي "صدمت عندما قرأت نتائج التحقيقات. هذه نكتة القرن وليست سرقة القرن" وأضاف أن "نور زهير المطلوب كان يحمل جواز سفر دبلوماسيا ويرافقه ضابط مخابرات رفيع المستوى أو مسؤول من مكتب رئيس الوزراء في كل رحلة"، "التفسير الوحيد لذلك هو أنه حول الأموال بهذه الطريقة باستخدام طائرته الخاصة. لا يوجد تفسير آخر".
-----------------------------
ميدل ايست اي






اعلان