27 - 06 - 2024

أزمة مصر تعيد المخاوف بشأن أزمة الديون وتخفيض قيمة العملة

أزمة مصر تعيد المخاوف بشأن أزمة الديون وتخفيض قيمة العملة

أكملت مصر دورة شبه كاملة في الفوز بثقة مستثمري السندات ومن ثم فقدان هذه الثقة، وذلك بعد شهرين فقط من إبرام صفقة مع صندوق النقد الدولي.

ارتفعت المقايضات الائتمانية الخاصة بتخلف مصر عن السداد، والتي تستخدم عادة للتأمين ضد عدم السداد، بأكثر من غيرها في جميع أنحاء العالم بعد الإكوادور في الشهر الماضي وظهرت بوادر الضيق تجاه وضع مصر في سوق السندات مرة أخرى.

تظهر الادوات الاستثمارية المالية ايضًا مخاطر انخفاض جديد في قيمة العملة في المستقبل، وهذا يمثل انتكاسة للاقتصاد الذي تبلغ قيمته الانتاجية 470 مليار دولار والذي كان قد بدأ للتو في إيجاد موطئ قدم له بعد اتفاقية صندوق النقد الدولي في ديسمبر من خلال التخلص جزئيًا من تراكم الواردات وجذب تدفقات النقد الأجنبي.

لكن الشكوك بشأن تقدم مصر في متابعة مبيعات الأصول والتزامها بسعر صرف أكثر مرونة دفعت الهوامش على بعض سندات الحكومة طويلة الأجل إلى حوالي 1000 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية، وهو الحد الأدنى للديون التي يجب اعتبارها متعثرة.

إضافة إلى الأدلة على قلق المستثمرين، تبلغ تكلفة تأمين ديون البلاد ضد التخلف عن السداد حوالي 1200 نقطة أساس، وهذا الرقم يمثل ارتفاعًا من أدنى مستوى سجل في تسعة أشهر عند حوالي 720 تم الوصول إليه في يناير.

وفي تأكيد على الضرورة الملحة في الوقت الحالي، قال جوردون باورز، المحلل في شركة كولمبيا ثريد نيدل للاستثمارات من لندن، إن مصر بحاجة إلى تحقيق مبيعات الأصول واعتماد سعر صرف مرن خلال العامين المقبلين لسد فجوة التمويل الخارجي وتجنب التخلف عن السداد مضيفًا "إن عدم تنفيذ هذه الإصلاحات يزيد بشكل كبير من المخاطر المتوسطة الأجل التي تتطلب شكلاً من أشكال تخفيف الديون، ونعتقد أن مخاطر التخلف عن السداد على المدى القريب محدودة؛ اما على المدى المتوسط غير مؤكد". 

مسار العملة

ويقدر صندوق النقد الدولي فجوة التمويل الخارجي في مصر بنحو 17 مليار دولار في برنامج التمويل الذي يستمر 46 شهرًا، ومن المتوقع أن تؤدي الصفقة الى جذب نحو 14 مليار دولار إضافية من شركاء دوليين وإقليميين.

قبل المراجعة الأولى لبرنامج تمويل مصر الذي يقدمه صندوق النقد الدولي الذي تبلغ تكلفته 3 مليارات دولار والمقرر إجراؤه هذا الشهر، يشير سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم إلى انزلاق أعمق في الجنيه المصري، حيثُ انخفض العقد لمدة شهر على العملة بنحو 4٪ منذ نهاية فبراير إلى 32.7 للدولار، في حين أن العقد لمدة 12 شهرًا عند حوالي 38.

فقد الجنيه ما يقرب من نصف قيمته بعد ثلاث تخفيضات في العام الماضي وتم تداوله بالقرب من 30.9 مقابل الدولار يوم الخميس.

يقول جان ميشيل صليبا الخبير الاقتصادي في بنك أوف أمريكا في تقرير إن "الوضع الراهن لمصر هش" وان "أي تأخر في الإصلاحات المرتبطة بخطة إنقاذ صندوق النقد الدولي من المرجح أن يزيد من مخاطر الائتمان - حتى لو لم تكن إعادة هيكلة الديون وشيكة". 

مبيعات الأصول

وقال باورز إن النقطة المحورية التالية للسندات المصرية ستتمحور حول مبيعات الأصول وأي تأخير هناك من المقرر أن يعمق الأزمة ويلقي بظلال من الشك على رغبة السلطات في تنفيذ الإصلاحات.

تنتظر دول الخليج المزيد من اليقين بشأن الجنيه وإثبات أن مصر تفي بالتزاماتها لإصلاح الاقتصاد قبل الوفاء بوعودها بتقديم مليارات الدولارات في شكل استثمارات مهمة.

كما أدى ميل الاحتياطي الفيدرالي الاميركي الاخير نحو السياسات المالية المتشددة إلى تقليل الشهية للمصدرين الأكثر خطورة في العالم الناشئ، وكانت السندات المصرية من بين الأكثر تضررًا في الشهر الماضي. من شأن أسعار الفائدة المرتفعة أن تجعل من الصعب على الحكومات الهشة إعادة تمويل ديونها في المستقبل.

السقوط

يقول محيي الدين قرنفول، كبير مسؤولي الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للدخل الثابت في شركة فرانكلين تمبلتون: "يشعر السوق أن التقدم في التزامات صندوق النقد الدولي ليس في العتبة التي يجب أن يكون عليها" مضيفًا "في الأسواق الضعيفة، تعاني الائتمانات الضعيفة أكثر من ذلك". 

وجمعت مصر 1.5 مليار دولار الشهر الماضي من خلال بيع أول أداة دين إسلامي، وارتفع العائد على الصكوك لأجل ثلاث سنوات إلى 11.9٪. تم تسعيرها بحيث تحقق 11٪، أي أعلى بحوالي 400 نقطة أساس من ديون تركيا ذات الاستحقاق المماثل، التي لها نفس التصنيف الائتماني.

يتجاوز مؤشر مقياس الاضطراب على السندات الدولارية المصرية المستحقة في 2047 و 2049 و 2050 و 2051 اكثر من 1000 نقطة أساس، ويقيس هذا المقياس التعويض الإضافي الذي سيحصل عليه المستثمر على منحنى سعر الخزانة الفوري بأكمله.

لدى الدولة حوالي 74 مليار دولار من أصل مدفوعات السندات الدولية والفوائد المستحقة حتى عام 2061، وفقًا للبيانات التي جمعتها بلومبرج، وتنفق الحكومة ما يقرب من نصف إيراداتها على دفع الفوائد.

يقول كارلوس دي سوزا، المستثمر في فونتوبيل أسيت مانجمنت في زيورخ التي تمتلك ديون مصر: "ربما في غضون خمس إلى عشر سنوات، نعم، قد تكون هناك مخاوف بشأن إعادة الهيكلة ولكن ليس لأفق استثماري قصير أو متوسط الأجل" مضيفًا "إنهم بحاجة إلى أن يثبتوا للسوق أن عملية الخصخصة ستحدث حقًا بطريقة مهمة من الناحية الاقتصادية الكلية".






اعلان