17 - 07 - 2024

قضية فلسطين تفقد حظوظها لدى السعودية كشرط للتطبيع والأولوية لضمانات أمنية اميركية ومساعدة في البرنامج النووي

قضية فلسطين تفقد حظوظها لدى السعودية كشرط للتطبيع والأولوية لضمانات أمنية اميركية ومساعدة في البرنامج النووي

قال أشخاص منخرطون في مناقشات بين البلدين، إن السعودية تطلب من الولايات المتحدة تقديم ضمانات أمنية والمساعدة في تطوير برنامجها النووي المدني بينما تحاول واشنطن التوسط في العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإسرائيل.

أصبح التوصل إلى اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية أولوية بالنسبة للرئيس بايدن ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وسط مواجهة تلوح في الأفق مع إيران بشأن برنامجها النووي والمساعدات العسكرية لروسيا خلال حرب أوكرانيا. 

وقالت المصادر المطلعة إن إدارة بايدن منخرطة بعمق في المفاوضات المعقدة، وأي اتفاق سيعيد تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط.

تعد المطالب السعودية بضمانات أمنية ومساعدات نووية من بين العقبات الهائلة أمام التوصل إلى اتفاق، حيث من المرجح أن يعارض بعض المشرعين في واشنطن هذه الإجراءات، في المقابل لا يزال هناك حذر في الرياض بشأن إبرام صفقة من شأنها أن تتعرض لانتقادات في العالم العربي وتؤدي إلى تفاقم التوترات مع إيران.

تراجع أيضًا التأييد في السعودية وفي جميع أنحاء العالم العربي لاحتضان إسرائيل علنًا في الأسابيع الأخيرة مع تصاعد العنف في الضفة الغربية إلى مستويات لم تشهدها منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، ومضي نتنياهو قدمًا في إجراء تغييرات في القانون القضائي أثارت احتجاجات حاشدة. 

وصف دانيال شابيرو، السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل والذي يركز الآن على تعزيز العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي بصفته زميلًا متميزًا في المجلس الأطلسي، الصفقة المحتملة بأنها "عقدة صعبة للغاية يجب تجاوزها"، مضيفًا: "التطبيع بين إسرائيل والسعودية، بتسهيل من الولايات المتحدة، يصب في مصلحة الأطراف الثلاثة، لكن هذا لا يعني أنه من السهل ترتيبها" ومع ذلك، قال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون وسعوديون إن الصفقة ممكنة.

يتطلع نتنياهو إلى البناء على العلاقات الإسرائيلية مع العالم العربي التي توسعت في عام 2020 مع ما يسمى بالاتفاقيات الابراهيمية، عندما التزمت أربع دول إسلامية بعلاقات طبيعية مع إسرائيل.

كثفت السعودية العلاقات الأمنية مع إسرائيل في السنوات الأخيرة بهدف مواجهة إيران وترى إمكانات متزايدة لصفقات تجارية مع سعي المملكة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، وسيكون الاتفاق بمثابة انتصار دبلوماسي لبايدن، الذي خاض اشتباكات متكررة مع السعودية بشأن حقوق الإنسان وأسعار النفط والحرب في اليمن ودعم أوكرانيا.

إذا أقامت السعودية - موطن أقدس موقعين في الإسلام - علاقات رسمية مع إسرائيل، فيمكن أن يرسل ذلك إشارة إلى القادة العرب والمسلمين الآخرين بأنهم سيكونون أحرارًا في احتضان إسرائيل مع تسريع الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لإنشاء تحالف عسكري إقليمي لمواجهة إيران.

يمكن لصفقة سعودية إسرائيلية أن تقضي أيضًا على الآمال الفلسطينية المتعثرة في إقامة دولة مستقلة. 

لعقود من الزمن، قال السعوديون علنًا أن الدولة الفلسطينية شرط أساسي للاعتراف بإسرائيل، وتواجه السعودية ضغوطًا فريدة من نوعها للوقوف بحزم مع الفلسطينيين، الذين يتردد صدى محنتهم لدى ملايين العرب والمسلمين في جميع أنحاء العالم.

لكن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إن السعودية لم تسع للحصول على تنازلات كبيرة بشأن القضية الفلسطينية كجزء من المحادثات، وقد عاد وفدان من المؤسسات الفكرية الأمريكية الموالية لإسرائيل من رحلتين إلى الرياض أواخر العام الماضي معتقدين أن السعوديين لا يرون القضية الفلسطينية ذات أهمية قصوى.

يقول جون هانا، مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس السابق ديك تشيني والزميل في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي: "اظهر السعوديون عدم اهمية مناقشة مسألة الفلسطينيين" خلال المحادثات. 

يقول مسؤولو إدارة بايدن وبعض المسؤولين السعوديين إن على إسرائيل أن تفعل شيئًا لمعالجة تطلعات الفلسطينيين إلى الاستقلال، ويقول المشاركون في المحادثات إنه يمكن التوصل إلى اتفاق إذا وافقت إسرائيل على اتخاذ خطوة متواضعة - مثل إجراء محادثات سلام مع الفلسطينيين، والتي تم تجميدها منذ ما يقرب من عقد من الزمان.

وتمثل المطالب السعودية لواشنطن عقبة أخرى.

يشير السيد حنا الى أن المسؤولين في الرياض يريدون دعم الولايات المتحدة لتخصيب اليورانيوم وتطوير نظام إنتاج الوقود الخاص بها، ويشعر المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون بالقلق من أن القيام بذلك سيسمح للسعودية بتطوير سلاح نووي وتسريع سباق التسلح مع إيران، التي لديها برنامج نووي يخضع لمجموعة من العقوبات الأمريكية وتقول إيران إن برنامجها سلمي.

يشير يوئيل جوزانسكي، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب والمتخصص في العلاقات السعودية الإسرائيلية الى أن "المسألة النووية هي واحدة من اهم التحديات التي تواجهها اسرائيل ان لم يكن اكبرها وعلى الاسرائيليين تحديد ما إذا كانت تستحق كثمن للسلام". 

تريد السعودية أيضًا ضمانات قوية بأن الولايات المتحدة ستدافع عن المملكة عند الحاجة، لكن الجهود السابقة التي بذلتها المملكة والإمارات لتأمين مثل هذه التأكيدات الأمريكية قوبلت بالرفض من قبل الرؤساء الديمقراطيين والجمهوريين في الآونة الأخيرة.

أحد الخيارات قيد المناقشة: تسمية السعودية حليفًا رئيسيًا من خارج منظمة حلف شمال الأطلسي، وهو وضع خاص يُمنح لإسرائيل وقطر والأردن ودول أخرى صديقة لمصالح الولايات المتحدة.

ستجعل هذه الخطوة المملكة رسميًا حليفًا للولايات المتحدة وستسهل وصولها إلى الأسلحة الأمريكية.

قد يواجه منح الرياض هذا المكانة الرفيعة انتكاسة في الكونجرس، حيث يرى المشرعون المؤثرون من كلا الحزبين أن المملكة غير جديرة بالثقة. أخرج بايدن نفسه مبيعات الأسلحة إلى السعودية عن مسارها عندما تولى منصبه في عام 2021، وضغط الكونجرس لوقف صفقات الأسلحة مع الرياض.

يقول مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، الذي سافر إلى السعودية مرات عدة في الأشهر الأخيرة لمناقشة هذه القضايا مع القادة الرئيسيين: "المملكة ملتزمة بالتطبيع مع إسرائيل" مضيفًا "متطلباتها من واشنطن، حتى لو بدت مفرطة بالنسبة للبعض، هي تعبير عن مخاوف أمنية سعودية وليست وسيلة لقول لا لإسرائيل".

تواجه المملكة مخاطر في الداخل إذا أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، حيث أظهرت استطلاعات الرأي آراء متباينة.

تراجعت معارضة المواطنين السعوديين لإقامة علاقات مع إسرائيل إلى 38٪ في عام 2022 من 91٪ في عام 2014، وفقًا لاستطلاع حديث أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، لكن نفس الاستطلاع وجد أنه عندما سُئل السعوديون عما إذا كانوا يدعمون علانية التطبيع مع إسرائيل، قال 5٪ فقط نعم في عام 2022 ، مقارنة بـ 12٪ في عام 2016.

وجد استطلاع أجراه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى دعمًا متزايدًا في المملكة للعلاقات التجارية والرياضية مع إسرائيل، لكن التأييد للاتفاقيات الابراهيمية يتلاشى. 

أشار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، إلى أنه يريد أن يرى دعمًا كبيرًا بين المواطنين السعوديين قبل موافقته على أي صفقة، وفقًا لأشخاص التقوا معه لمناقشة هذه المسألة.

حتى بدون علاقات رسمية، قامت إسرائيل والسعودية بتعميق العلاقات الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية، وفي عام 2021، نقل البنتاغون القضايا الأمنية الإسرائيلية تحت مظلة القيادة المركزية، التي تضم دولًا مثل السعودية وقطر والكويت التي ليس لها علاقات رسمية مع إسرائيل، وقد مهد ذلك الطريق لمزيد من التعاون العسكري بين إسرائيل والخصوم القدامى.

يحصل المزيد من الإسرائيليين على تأشيرات خاصة تسمح بالسفر المفتوح إلى السعودية لأول مرة وفي أكتوبر الماضي، تحدث كبار رجال الأعمال الإسرائيليين في مؤتمر الاستثمار الأول في المملكة.
---------------------------------------
وول ستريت جورنال