16 - 08 - 2024

كيف ستعود روسيا إلى إفريقيا؟ تفعيل سياسة روسيا الانسانية تزيد أعداد مؤيديها فى القارة

كيف ستعود روسيا إلى إفريقيا؟ تفعيل سياسة روسيا الانسانية تزيد أعداد مؤيديها فى القارة

أصبحت القارة "المشمسة" أو "الذهبية" واحدة من صانعي الأخبار الرئيسيين للسياسة الخارجية الروسية، فعلى مدى الأشهر الستة الماضية، زار وزير الخارجية سيرجي لافروف ثماني دول أفريقية، أربعة منها في يناير 2023، وقد افتتح اتحاد المنظمات غير الحكومية "جمعية الشعوب الأوروبية الآسيوية" مكتبه التمثيلي في مصر ببرنامج تجاري وثقافي ثري، كما تُعقد المنتديات والمؤتمرات الدولية واحدة تلو الأخرى في موسكو بمشاركة ممثلين عن رجال الأعمال الأفارقة والسلك الدبلوماسي والمنظمات غير الحكومي، كما انعقد منتدى "الطريق الأفريقي" في الأول من فبراير في غرفة التجارة والصناعة في الاتحاد الروسي، والذى يعتمد فى عمله على التركيز بشكل خاص على القيم الإنسانية التي تهم الروس والأفارقة، ودور الأعمال في تعزيز قيم العالم الروسي، والمساعدة في عمل المنظمات الحكومية في الخارج، والاهتمام بالخصائص التواصل بين الثقافات بين الروس وشعوب إفريقيا.

وفقًا لـ Zenebe Kinfu، يعيش الروس والأفارقة في ظروف مشابهة جدًا: "مشكلتنا هي مواردنا الطبيعي، نحن مجبرون على الدفاع عن ثروات أرضنا الهائلة ومقاومة التوسع الاقتصادي والسياسي للغرب، لكننا لا نحمي التربة فحسب، بل نحمي أيضًا النظام البيئي وأولئك الذين يعيشون في وئام مع الطبيعة، ويحمون الطبيعة، هم في الحقيقة طيبون للغاية، مثل الأفارقة والروس. 

في كل من روسيا وأفريقيا، تم الحفاظ على الكثير من أنواع الحيوانات على وجه التحديد لأن الناس يعاملونها بعناية، فجميع شعوبنا لديها عقلية غير تجارية، وهذا أيضًا يقربنا من بعضنا البعض، تتذكر إفريقيا وتقدر مساهمة الاتحاد السوفيتي في تنمية القارة، فهناك أكثر من 100000 أفريقي تعلموا في بلدكم خلال الحقبة السوفيتية".

في مصر وحدها، نفذ الاتحاد السوفيتي 97 مشروعًا رئيسيًا، مثل بناء السد العالي في أسوان، وإنشاء أكبر أكاديمية للفنون في القارة ويوجد بها معهد الباليه والتصوير السينمائي والمعهد المسرحي والمعهد الموسيقي ومعهد الفنون الشعبية، كما قام علماء اللغة في الأكاديمية بترجمة كتب المؤلفين السوفييت إلى اللغة العربية، والتي لا تزال تُقرأ في جميع أنحاء العالم العربي.

إلى جانب الوجود الاقتصادي والثقافي لروسيا في البلدان الأفريقية، عاد الطلب على دراسة اللغة الروسية والتعليم الروسي إلى القارة، حيث تم إنشاء مشروع الجامعة الروسية الأفريقية RAU في عام 2021، التى توسع نطاق وجودها بسرعة في دول المنطقة التي وصل عددها الى 12 دولة وقريباً سيتم إضافة فرع آخر – فى الكاميرون، حيث سيتم افتتاح فرع من RAU جنباً الى جنب مع جامعة Yakut North-Eastern Federal University. كما سيقوم الطرفان أيضًا بإنشاء مختبر دولي مشترك لبحوث التحول الثقافي في إطار البرنامج المستهدف لمؤسسة Russkiy Mir Foundation، التى تعمل على دراسة ودعم اللغة الروسية على أساس المنظمات التعليمية بنجاح في سبعة دول، كما تم افتتاح مركز روسي في تنزانيا.

لكن حتى في مهامها الإنسانية والخيرية، يتعين على روسيا أن تتغلب على المقاومة القوية من الدول الغربية ويساعدها في هذا الأمر مواطنوها في الخارج، تعتقد تاتيانا تشابورينا، الخبيرة في غرفة التجارة والصناعة الروسية في سياق حديثها عن بناء علاقات تجارية مع نيجيريا، أن الوقت قد حان للأفكار الإبداعية وسياسة روسيا الإنسانية النشطة في إفريقيا، ويجب يأتى رواد أعمال روس في طليعة هذه العمليات، وليس فقط من موسكو وسان بطرسبورج، تقول: "لم ألتق قط بمثل هذا الموقف المخلص تجاه الروس في أي بلد" - إذا سألت أي رجل أعمال نيجيري عما إذا كان يريد العمل مع الروس، فسوف يجيب بنعم. المشكلة معنا فنحن لا نعرف شيئاً عن إفريقيا وبالتالي نخاف منها! وفي الوقت نفسه، هناك عالم مدهش للغاية - لذا من المهم عودة روسيا الحديثة إلى إفريقيا، لأننا لم نكن هناك منذ فترة طويلة"." لكي يتعرف الأفارقة على روسيا بشكل أفضل، يتم افتتاح مراكز الثقافة واللغة الروسية بشكل نشط هناك، حيث توقع مؤسسة Rossotrudnichestvo الآن اتفاقيات مع منظمات خاصة للمقيمين الناطقين بالروسية في هذه البلدان وفتح منازل روسية على أساسها، على سبيل المثال، فعلوا ذلك في مصر والجزائر.

منذ عام 2011، تعمل مدرسة الرياضيات الروسية "سفيتوش" في الغردقة تحت إشراف أندري نيكونوف وهي تحتوى على 100 مكان في التعليم العام و 40 مكانًا في رياض الأطفال، ووفقًا للمدير، لا تزال المنهجية الروسية لتدريس الرياضيات هي الأفضل في العالم ، ولهذا السبب هناك طلب كبير عليها دائمًا في الخارج، وفي الآونة الأخيرة، تم توقيع اتفاقية تعاون بين Rossotrudnichestvo والمدرسة، مما أدى إلى تغيير وضع المؤسسة التعليمية، التي تؤدي الآن وظيفة البيت الروسي في الغردقة.

واليوم يعمل نادي النساء "سلافيانكا" داخل أسوار المدرسة، ويجمع بين المعلمين المتشابهين في التفكير، وأولياء أمور طلاب المدارس الذين يحافظون على البيئة اللغوية والثقافية الأصلية لمواطنينا، وإقامة فعاليات احتفالية وتذكارية للجميع. نفس الشيء تم مع افتتاح البيت الروسي في العاصمة الجزائرية، والذي يعمل بنجاح على أساس منظمة خاصة. وفي الكاميرون، من المخطط أيضًا افتتاح مركز اللغة الروسية والثقافة، لذا سيتمكن الجميع من دراسة اللغة والثقافة الروسية رغم العقوبات الغربية.

كما تساعد شركات تكنولوجيا المعلومات أيضًا في توسيع نفوذ اللغة الروسية، حتى أن سيمين تينيايف، مؤسس الشبكة الاجتماعية الروسية للاتصالات التجارية الدولية "TenChat"، فرض "عقوبات" على Google، مما أدى إلى حظر أي خطاب سياسي على منصته، ورداً على ذلك، حاول App Store إزالة تطبيق الشبكة الاجتماعية من متجره على أساس أن إدارته انتهكت العقوبات حسبما يُزعم، لكن المطورين تمكنوا من هزيمة المحتكر الذي لا يقهر والحفاظ على سياسة لغوية مستقلة والعودة إلى متجر التطبيقات، والذي يعد بحد ذاته حبكة فريدة من نوعها للنضال العالمي ضد كل شيء روسي.

هذا ويأمل مؤسس الشبكة أن تصبح الروسية اللغة الأساسية لمنصته في القارة الأفريقية هي لغة التواصل الدولي، بعد ذلك تم تقسيم دول المنطقة تاريخيا إلى لغتين من المستعمرين السابقين - الإنجليزية والفرنسية ومن أجل الاستخدام الفعال لجميع أدوات شبكة الأعمال وإقامة اتصالات ليس فقط فيما بينهم، ولكن أيضًا مع شركاء من روسيا وبلدان الاتحاد السوفيتي السابق، سيتعين على المستخدمين اختيار اللغة الروسية للتواصل وبالتالي تعلمها.
------------------------------------
ترجمة : مروة أحمد عبد العليم