26 - 06 - 2024

روز اليوسف من طفلة هاربة إلى سارة برنار الشرق وأول صاحبة مجلة باسم امرأة

روز اليوسف من طفلة هاربة إلى سارة برنار الشرق وأول صاحبة مجلة باسم امرأة

وصفها أحد الصحفيين الذين عملوا معها بأنها كانت قوية إلى درجة أنها حين تمشي كانت خفيفة فلا يشعر بها أحد لفرط ثقتها بنفسها التي تجعلها تطير

دعاني الشاعر شعبان يوسف لندوة عن روز اليوسف ضمن احتفالات ورشة الزيتون بشهر المرأة قائلاً: أن روز اليوسف لم تأخذ حقها الذي تستأهله باعتبارها رمزًا عظيمًا من رموز المرأة المكافحة الناجحة. وعدت بذاكرتي إلى علاقتي الأولى بها التي بدأت بانبهاري بصحفية عظيمة وفنانة مرموقة تمنيت أن أسير على خطاها. والآن بعد أن قطعت هذا الشوط في الصحافة ورأست مجلس إدارة وتحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون ورأستْ صحفياتٌ قبلي مجلاتٍ وصحفًا، تظل تجربة فاطمة اليوسف تجربة لم تتكرر في تاريخ الصحافة المصرية لأنها أدارت مجلة تمتلكها ويرتبط مصيرها بحياتها.

لم أصدق حين دخلت مجلة روز اليوسف لأول مرة وأنا في السابعة عشرة من عمري أن القدر على وشك أن يحقق حلمي بالعمل في المجلة التي أعشقها. بدأت المسألة بالصدفة أثناء الحركة الطلابية عام 1972 عندما قابلت مجموعة من الصحفيين من مجلة روز اليوسف جاءوا إلى جامعة القاهرة لتغطية ثورة الطلاب على حالة اللا سلم واللا حرب التي تعيشها البلاد منذ هزيمة 1967 وبعد أن نفذ صبرهم من وعود الرئيس السادات لتحرير سيناء في عام الحسم. 

كنت قد نشرت أعدادًا من جريدة الحائط صوت التجارة لأطالب بالحرب وثبتها على الأرض ببعض الأحجار، ووقف الصحفيون يقرأونها ويسألون عن رئيسة تحريرها، هكذا قابلت الكاتب الكبير عبدالستار الطويلة لأول مرة وصحبني معه إلى مجلة روز اليوسف، ومنذ دخولي المجلة وأنا أشعر بدبيب صاحبتها في الطرقات حتى أنني في أول لقاء مع صحفيي المجلة سألت كل منهم إن كان قد قابلها أم جاء بعد وفاتها؟ وكانت الإجابات تتنوع بين من عرفوها اسمًا وسيرة ومن عملوا معها بالفعل لأنها كانت قد رحلت عن دنيانا عام 1959 لكني توقفت كثيرًا عند وصف أحدهم لها بأنها كانت قوية إلى درجة أنها حين تمشي كانت خفيفة فلا يشعر بها أحد لفرط ثقتها بنفسها التي تجعلها تطير، وهي الجملة التي لم أنسها أبدًا رغم أنني سمعت الكثير من القصص عن هذه السيدة العظيمة التي حملت تناقضات القوة والرقة الحزم والحنان والتي حولت مأساة حياتها من فتاة صغيرة هاربة من مصير مجهول في مركب في طريقه إلى الولايات المتحدة الأمريكية إلى امرأة تتحدى الإنجليز والقصر و مكرم عبيد نائب رئيس الوفد بل حزب الوفد الذي تؤمن به حين تختلف مع أرائه، كما تحدت الحكومات المتعاقبة من حكومة إسماعيل صدقي إلى توفيق نسيم دفاعًا عن الدستور وعمَّا تؤمن به من حق الشعب في تقرير مصيره.

 حققت فاطمة اليوسف نجاحا منقطع النظير سواء كفنانة لقبت بسارة برنار الشرق وأول امرأة تملك مجلة تحمل اسمها، هدفها نشر الفن الرفيع وتوعية الناس بكيفية احترامه، وتضع قواعد فنية وأخلاقية للعمل الصحفي، وتدافع بشراسة عن الوطنية المصرية ممثلة في حزب الوفد، وتخوض معارك كبيرة للدفاع عن رأيها وتتعرض للمصادرة عدة مرات وسحب الترخيص وبيع ممتلكاتها لاستعادته والدخول في خصومات غير مبررة مع كتاب وساسة وقصر وملك وأحزاب.

 نشأت المجلة بسبب اقتناعها باحتياج المجتمع إلى صحافة فنية محترمة ونقد فني سليم كما سألت نفسها وأصدقاءها لماذا لا أصدر مجلة فنية؟ ومع دهشة أصدقائها حسبوا لها التكلفة فكانت اثني عشر جنيهًا وهو مبلغ كبير لكنه ممكن تدبيره. وإذا بيعت الثلاثة آلاف نسخة كان صافي الربح للعدد الواحد 5 جنيهات هكذا وضعت دراسة الجدوى لأول صحيفة تصدر باسم امرأة هي روز اليوسف، وقد لخصت الصعوبات التي قابلتها ذلك الوقت قائلة لم تكن في المال القليل، ولا الجهد البدني ولا سوق الصحافة الضيق، بل كانت تتلخص في أني سيدة فلم يكن من حق المرأة أن تدخل ميدان الحياة العامة ولم يكن المجتمع يعترف بها إلا جارية تضع على وجهها الحجاب وكان علي أن أرأس مؤسسة كل من يعمل فيها رجال. 

في البداية كانت المجلة فنية يكتب بها كبار الكتاب والفنانين في الآداب العالمية وتنشر لوحات فنية لرفايلو ودافنشي، لهذا كان من الطبيعي أن تعاني هبوطًا كبيرًا في التوزيع وأن تنشب الخلافات بين زكي طليمات الذي يطالب بنشر الآداب العالمية والتابعي الذي يسخر من هذا بسبب أرقام التوزيع، وقد رفضت أن تعيش المجلة على حساب النميمة والفضائح الفنية وغيرت الورق وخفضت السعر ونشرت صور ممثلين وظهرت الأبواب الخفيفة على صفحاتها، حتى أن البعض طرح فكرة توقف الإصدار ورفضت هي النقاش وطرحت بديلاً هو تحويلها إلى مجلة سياسية بدون أن يسندها حزب ولا يمولها حاكم ولا يكتب فيها كتاب سياسيون مخضرمون.

 دعت التابعي للكتابة السياسية لأول مرة وكتبت تحقيقها الصحفي الأول عن متابعة محاكمة ماهر والنقراشي، وبدأ سعد زغلول يسأل عن المجلة ويهتم بها وكسبت تشجيع أم المصريين وصداقة هدي شعراوي، وشهدت المجلة جلسات العقاد والمازني ودياب ودخلت مع وفاة سعد زغلول في معركة اختيار رئيس الوفد لصالح النحاس، ثم كتب التابعي سلسلة مقالات بلا توقيع عن الحياة الخاصة لملوك وملكات أوروبا وألقت النيابة القبض على رئيس التحرير إبراهيم خليل وعلى التابعي وشن الكاتب عبد القادر حمزة في جريدة البلاغ حملة عنيفة على تصرف الحكومة مع الصحفيين وخرجت المجلة من الأزمة بعد توقف أسبوعين أقوى من قبل.

 واستعملت الكاريكاتير في الهجوم السياسي لأول مرة على حسن نشأت باشا وأصبح الكاريكاتير من أدواتها الخاصة القوية، وحين تعطل الدستور قامت المجلة بهجوم واسع على وزارة محمد محمود ودافعت عن الدستور، وبعد طبع النسخ تمت مصادرة العدد واستدعى النحاس مجموعة من المحامين الشبان منهم صبري أبو علم وكلفهم برفع دعوى مستعجلة للإفراج عنها لكنها رُفضت ثم صودرت المجلة عدة مرات بعد إتمام طبعها حتى تلحق بها خسائر مالية كبيرة، وكلما عطلت الوزارة المجلة أصدرتها روز اليوسف باسم جديد منها مجلة الرقيب ثم صدى الحق ثم الشرق الأدنى وهكذا صدرت روز اليوسف بأربعة أسماء مختلفة في أقل من عام، ثم زارها موظف كبير في الداخلية وعرض عليها أموالًا نظير تخفيف الحملة على رئيس الوزراء فرفضت واعترف الناس بشعبية المجلة.

 في هذه الفترة قدمت المجلة مصطفى أمين ثم علي أمين وكامل الشناوي ويوسف حلمي، ثم قدمت صاروخان الذي أصبح بعد ذلك من أكبر رسامي الكاريكاتير، وولدت شخصية المصري أفندي التي تخيلتها هي والتابعي ورسمها صاروخان، ودخل الوفد في صراع جديد مع الإنجليز والملك فؤاد حول قانون محاكمة الوزراء الذي يقضي بعقاب كل وزير يعتدي على الدستور أو يعطل أحكامه أو يستغل نفوذه ووضع النحاس حدًا لهذه الأزمة باستقالته وقبلت فورًا وشكل الوزارة الجديدة إسماعيل صدقي وانفجرت المظاهرات في كل مكان وتمت مقابلتها بالعنف وشنت روز اليوسف أعنف الحملات على الوزارة وصدرت وعلى غلافها صورة كبيرة تمثل مصر بلدًا محترقًا يشيع فيها الخراب ويدوس عليها إسماعيل صدقي وقد حمل في يده مسدسًا يتصاعد من فوهته الدخان ومكتوب تحته حكم الإرهاب إسماعيل صدقي يحكم البلاد بالعناصر الرشيدة الحديد والنار.

 وصدر قرار بإلغاء رخصة المجلة وبحثت فاطمة  اليوسف عن رخصة أخرى استعارتها من صاحبها وصدرت باسم الصرخة في حجم جديد هو حجم الجرائد اليومية وكتبت على غلافها روز اليوسف، ومحمد التابعي ومحمد علي حماد يحررون هذه المجلة وصدر منها اثنان وأربعون عددًا قبل أن تعود روز  اليوسف الأصلية إلى الصدور. في هذا الوقت صدر تعديل على قانون المطبوعات يعيد إصدار الصحف الملغاة بشرط دفع 150 جنيهًا، ووافق إسماعيل صدقي على إعفائها من المبلغ رغم إنها تهاجمه بشدة.

 ثم نشرت خطابًا مفتوحًا إلى الملك فؤاد للمطالبة بإعادة الدستور وإنهاء الحالة المائعة وأخبرها مكرم عبيد أن الناس يظنون أن الوفد يريد مصالحة الملك بسبب ما كتبته، واستمر الخلاف مع الوفد بسبب مهاجمتها لوزارة توفيق نسيم في الوقت الذي كان الوفد فيه يهادن هذه الوزارة ويسندها وخاف البعض من المشاكل أو ذهبوا يبحثون عن مستقبل آخر فخرج من المجلة التابعي ومصطفى أمين وعلي أمين وسعيد عبده وصاروخان وغيرهم، ووضعوا المجلة في مأزق فما كان منها إلا أنها قررت أن تصدر جريدة يومية كبرى تتحدى بها الجميع في هذه اللحظة الخطيرة من عمر المجلة.

 من الطريف أنها حين عرضت على العقاد الكتابة قال لا أنا لا أعمل في جرنال يحمل اسم واحدة ست، لكن المفاوضات استمرت معه ثم وافق العقاد على العمل بشروط جاء على رأسها أن تكون سياسة الجريدة وفدية وحين عاتبته على اعتراضه على تسمية الجريدة باسمها قال كان اعتراضي على التسمية باسم شخص أيًا كان ولو كانت الجريدة تحمل اسم سعد زغلول نفسه. وصدرت الجريدة بأبواب واسعة بين الأخبار والأحاديث وصفحة التجارة والصناعة والأزهر وصفحة السينما وصفحة الشباب وصفحات للتسلية والصور والمجتمع وصفحات الأطفال وصفحة الأوراق المالية وأقسام الترجمة والتحرير والتصحيح في القاهرة والأقاليم واحتل الكاريكاتير مكانًا كبيرًا لم تشهده الصحف من قبل.

بدأت المشاكل من اللحظة الأولى ورفضت بعض الصحف نشر إعلانات عن الجريدة ورفض النحاس أن يرسل كلمة يُصدِّر بها العدد الأول ومع هذا تخاطفها الناس ثم واجهت تكتلات لضرب توزيعها، فقررت فاطمة اليوسف الاستعانة بخمسين فتاة مصرية ليقمن ببيع المجلة اليومية والأسبوعية لكن التجربة لم تنجح وواجهت المشاكل مع القصر والإنجليز وتجاهل النحاس للجريدة الذي انتقل إلى الوفديين فخافوا من التردد عليها، ومع هذا كان الرأي العام معها لأنها تهاجم توفيق نسيم لتلكئه في إعادة الدستور ولتساهله في تعيين مستشار إنجليزي له سلطة الاتصال المباشر بالوزير.

 وراحت تتضح صورة الصراع ومن ورائها حملة مكرم عبيد لإخراجها من الوفد ثم أوعز  إلى جريدة الاجتهاد الناطقة بلسان الوفد أن تقول إن الوزارة سوف تنشر كشوف المصاريف السرية التي كانت تعطيها الوزارات السابقة للصحفيين؛ فطلبت جريدة روز اليوسف من الحكومة أن تنشر هذه الكشوف واستمرت المجلة في عدة أعداد لها تعيد هذا الطلب وازداد هجوم الجهاد عليها حتى تدخلت أم المصريين ورجت العقاد أن ينهي هذا الخلاف، لكن جريدة الجهاد عادت لمهاجمة ونشر افتراء على روز اليوسف بأنها تأخذ أموالاً من عبود باشا. وعادت حملات روز اليوسف على وليم الدويني صاحب المقال الملفق واعتبر النحاس أن الجريدة تهاجم سكرتير الوفد وصمَّم النحاس على فصل روز اليوسف من الوفد ونشرت الصحف أنباء الخلاف وهتف الناس الذين كانوا يهتفون باسمها ضدها في اليوم التالي بسبب تزايد نفوذ مكرم والستار الذي يقيمه حول النحاس.

 وانشق أعضاء الوفد على أنفسهم، بعضهم يؤيد موقف روز اليوسف، وبعضهم يؤيد قرار الوفد، وطافت فاطمة اليوسف بالمدن الكبيرة من الصباح حتى المساء لتشرح موقفها ورأت الناس يتسللون إلى مكانها في الفندق ليعلنوا تضامنهم معها ولكن في السر، واشتعلت حرب الحكومة على الجريدة وانهالت الاتهامات في الصحف الأخرى وقذف مكتبها بالحجارة وهبط التوزيع.

 ثم وقع حادث أكَّد للجميع أن المجلة كانت على حق في موقفها حين أعلن السير صمويل وزير الخارجية الإنجليزي في مجلس العموم أن حكومته لا توافق على إعادة دستور 23 في مصر لأن العمل قد أثبت عدم صلاحيته للتطبيق. وانفجرت المظاهرات التي عبأتها مجلة روز اليوسف في نفوس الشباب على حد تعبير فاطمة اليوسف وتصدى البوليس لها بقيادة الضباط الإنجليز فسقط أول شهيد وكان عاملاً في سرادق الوفد يوم 13 نوفمبر سنة 1935 وسرق الطلاب شهداءهم من المشرحة رغم الحصار وسرت الدعوة لإسقاط وزارة نسيم وإعادة الدستور سريان النار في الهشيم، وتبنت الجريدة هذه الصيحة الشعبية وأقلع الوفد عن مهادنة نسيم واتحد الزعماء في جبهة وطنية وسقطت الوزارة.

 كسبت روز اليوسف المعركة لكن حرب الوفد لم تنتهِ فأحاطت بالجريدة أزمة كبيرة مالية ووصلت الخسائر لـ 26,000 جنيه و10,000 ما بين المطبعة وثمن الورق وباعت فاطمة اليوسف كل أملاكها، وراح البعض يترك الجريدة فتركها العقاد حتى جاء يوم صدر فيه قرار من مجلس الوزارة بإلغاء رخصة روزاليوسف اليومية بحجة أنها لا تصدر بانتظام، ولم تيأس هذه المناضلة بل ركزت كل جهدها في المجلة الأسبوعية ومع هذا لم يتوقف الوفد عن مهاجمة الإصدار الأسبوعي أيضًا حتى يتم سحب رخصتها، وطلبت حكومة النقراشي من عبد الحميد البنان الذي كان قد ضمنها من قبل سحب الضمان وتلقت المجلة إخطارًا من الداخلية بدفع مبلغ 150 جنيهًا خلال 24 ساعة بين أكداس الديون والحجوزات والقضايا الكيدية ووافق أحد المعلنين على إقراضها مبلغ 100 جنيه وأحد الصحفيين أرسل لها ورقًا بباقي القيمة وبدأت الحرب تأخذ شكلاً أكثر قسوة بسحب الإعلانات من المجلة، لكن أنباء الاختلافات داخل الوفد نفسه بدأت تتسرب ونشرت المجلة نبأ صغيرًا يقول إن النحاس سوف يعيد تأليف وزارته وإن النقراشي ومحمود غالب لن يدخلا هذه الوزارة وانفجر النبأ وباع العدد أكثر من 500,000 نسخة وهو أعلى رقم في هذا الوقت، وأدرك الجميع أن روز اليوسف ستعيش لكن الحكومة لم تتوقف عن مصادرة المجلة وتم القبض على فاطمة اليوسف بتهمة التعدي على وكيل نيابة كان يحقق معها داخل مبنى المجلة، ودخلت السجن وفوجئت بأن أصحاب الرأي موجودون في نفس المكان مع المجرمين والقتلة واللصوص وتحدثت الصحف الأجنبية عن سجن سيدة بهذا الشكل واضطرت الحكومة تحت الضغط إلى الإفراج عنها وسحب وكيل النيابة شكواه ضد روز اليوسف. 

موقف أخير لا يمكن إغفاله وأنا استعرض مواقف هذه العبقرية المصرية الوطنية رغم أصلها اللبناني هو موقفها من سير مايلز لامبسون الذي كان يمثل بريطانيا في مصر، حين رسمت مجلة روز اليوسف صورة كاريكاتيرية له، وهو يدوس على الدستور وتم اتهامها أنها توزع منشورات خارجة على القانون مع أعداد المجلة. وتراكمت عناصر كثيرة جعلتها تقرر الاحتفاظ بالرخصة لحين تهدئة الأمور مع الوفد، حتى عادت قوية من جديد تفكر في إصدار آخر هو صباح الخير وله قصة، إذ استدعت فاطمة اليوسف المحررين قائلة لهم إن الشباب يفكر بطريقة مغايرة وعلينا أن نتغير لكي نخاطبهم أريد مجلة خفيفة تتناسب مع شباب اليوم فكانت مجلة صباح الخير مجلة القلوب الشابة والعقول المتحررة التي يلعب فيها الكاريكاتير الدور الأساسي وتحتل المواد الخفيفة في السياسة والفن والمجتمع والرياضة معظم أقسامها. 

جملة أخيرة لا بد من الإشارة إليها خاصة بابنها إحسان عبد القدوس الذي اشتهر بمواقفه مع تحرير المرأة وكتب عدة روايات انحاز فيها لحريتها لكنه كان يؤمن أن دور المرأة في البيت وأنها لا تستطيع أن توفق ما بين البيت والعمل ويستثني والدته باعتبارها أقوى من الرجال، وقد ذكرت فاطمة اليوسف في مذكراتها أنها مختلفة معه وضربت مثالاً من روايته أنا حرة التي قدم فيها صورة فتاة ذكية قوية مستقلة الرأي جاهدت حتى تحررت من عبودية المرأة وجاهدت حتى رفضت أن تتزوج زواجًا لا خير لها فيه وتعلمت وتخرجت من الجامعة ونجحت نجاحًا مرموقًا ثم تترك خط حياتها كله لتهب نفسها للرجل وتصبح عبدة لهواها بهذا الرجل حتى أنها تعيش معه ثماني سنوات بغير زواج، وقالت روز اليوسف لا أتفق معه على النهاية غير المعقولة ورفضت أن تسلم بأن فتاة بهذه الصورة ترضى آخر الأمر بهذه النهاية والأقرب للمنطق أن تحب الرجل إذا أحبته وأن تجمع بين عملها وبيتها وأن تكون علاقتها برجلها شرعية لا تخجل منها ولا تستخف بها ، فارتفاع المرأة إلى مستوى الرجل في حقوقه يرفع من قيمة عملها في البيت لأنه يجعل عملها عمل الشريكة لا عمل تابع. 

 قالت فاطمة اليوسف عن الصحافة إنها سلاح السياسة الأول والصحفي القذر لا يمكن أن يسيء إلى المهنة ذاتها، والرأي العام يميز بسهولة بين أنواع الصحفيين والكتاب وإن الصحافة في جوهرها لم تتقدم بالقدر الذي تقدمت به الطباعة والإخراج والصناعة.

رحلت فاطمة اليوسف وبقيت المؤسسة التي أنشأتها علامة فارقة في تاريخ الصحافة المصرية حقَّقتْ بها أحلامًا مازلنا نركض وراءها دون أن نلحق بها.
---------------------------------------
بقلم: هالة البدري

مقالات اخرى للكاتب

في محبة الكاتبة الكبيرة لطيفة الزيات





اعلان