30 - 06 - 2024

رواد أعمال مصريون: نمر بأصعب أوقاتنا منذ 45 عامًا وعدم اليقين بشأن سعر الصرف يخنق الأعمال

رواد أعمال مصريون: نمر بأصعب أوقاتنا منذ 45 عامًا وعدم اليقين بشأن سعر الصرف يخنق الأعمال

قال رواد أعمال مصريون إن عدم اليقين بشأن سعر الصرف يخنق الأعمال ويعيق قدرتهم على التخطيط والاستثمار، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أسوأ أزمة للعملات الأجنبية منذ سنوات.

وأدت سلسلة من التخفيضات منذ مارس العام الماضي إلى خفض قيمة الجنيه المصري إلى النصف مقابل الدولار، لكنها فشلت في تعزيز تدفقات النقد الأجنبي.

ومن المتوقع حدوث تخفيض جديد في قيمة العملة، كما يقول الاقتصاديون وقادة الأعمال، كما يؤدي نقص الدولار في الوقت نفسه إلى ظهور سوق سوداء للعملات الأجنبية.

بدأت الأزمة عندما سحب مستثمرو السندات الأجنبية حوالي عشرين مليار دولار من الديون المصرية في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022، ضمن حركة عامة لهجرة الاموال إلى الملاذات الآمنة.

تدخلت دول الخليج بتقديم ودائع لمصر بقيمة 13 مليار دولار وشراء أصول أخرى بقيمة 3.3 مليار دولار، لكن مستثمري المحافظ ظلوا بعيدًا عن السوق المصري في الغالب، وواجه القطاع الخاص صعوبة في تمويل الواردات.

يقول أدهم نديم، الذي يرأس  مجموعة نديم التي تعود لعائلته والمتخصصة في صناعة أثاث الفنادق والشركات، إنه يواجه مشاكل في استيراد المدخلات المهمة مثل المفصلات والإكسسوارات والدهانات "الجميع يعطيني أسعارًا بناءً على ما يعتقدون أنه سيكون سعر الدولار في السوق السوداء في حال كنت أخطط للشراء في غضون شهرين" ويضيف ان "المشكلة أكبر إذا امتد المشروع إلى ستة أو عشرة أشهر".

قال سميح ساويرس، أحد المستثمرين المصريين البارزين في مجال السياحة والعقارات، لقناة العربية ، هذا الشهر إن وضع النقد الأجنبي منعه من مواصلة الاستثمار في مصر، مشيرا الى ان "الكل ينتظر توضيحا بشأن سعر الصرف"، ووصف هذه المسألة بالذات بأنها "العقبة رقم واحد واثنان وثلاثة" للمستثمرين مضيفًا: "كيف يمكنني معرفة ما إذا كان المشروع سيحقق أرباحًا أو خسائر؟ وما هو السعر الذي يجب أن أستخدمه: السعر الدولي [الآجل] أم سعر السوق السوداء أم السعر الرسمي؟"

تظهر أرقام البنك المركزي المصري هذا الشهر انخفاض الواردات في النصف الثاني من عام 2022 إلى 37 مليار دولار مقارنة بـ 42 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق، كما تراجعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج، وهي مصدر مهم للعملة الأجنبية، من 15.5 مليار دولار في النصف الثاني من عام 2021 إلى 12 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، ويعزو المصرفيون الانخفاض إلى الأشخاص الذين يبيعون عملاتهم الأجنبية في السوق السوداء أو يحتفظون بها لانهم يتوقعون انخفاض قيمة الجنيه.

وزادت أزمة العملة من الضغط على القطاع الخاص الذي يعاني بالفعل من ارتفاع التضخم، الذي بلغ 31.5٪؜ في أبريل، وسعر فائدة 19٪؜.

قال مصرفي مصري كبير لصحيفة فاينانشيال تايمز إن هناك عملة أجنبية كبيرة في البلاد تم جمعها من السياحة ومصادر أخرى، لكن الناس يحتفظون بالدولار لأنهم يتوقعون الحصول على المزيد من الجنيهات في حال إقرار المزيد من التخفيض في قيمة العملة المصرية

وافقت القاهرة على الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن وتقليل أثر الدولة في الاقتصاد كجزء من حزمة قروض بقيمة ثلاثة مليارات دولار، تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر - وهي الحزمة الرابعة منذ عام 2016 - وقال الصندوق مؤخرًا إن مصر "جادة" في إجراء التغيير.

لطالما كانت الحكومات المصرية مترددة في السماح لقوى السوق بتحديد قيمة الجنيه، مفضلة توظيف موارد النقد الأجنبي لدعم قيمته والحفاظ على استقراره مقابل الدولار، والهدف من ذلك هو تجنب صدمات التضخم الناجمة عن الانخفاضات الحادة في العملة المحلية.

أقر تقرير "جولدمان ساكس" هذا الشهر بمعضلة القاهرة وقال إن الفوائد على المدى القريب من انخفاض قيمة العملة من حيث زيادة الصادرات وتدفقات رأس المال "لم تكن واضحة" وستعتمد على مزيد من الإصلاحات الاقتصادية، بينما كان هناك خطر "تفاقم الضغوط التضخمية المرتفعة بالفعل"، لكنه قال ايضا إن الارتفاع الكبير للعملة الأجنبية في السوق الموازية ستؤدي إلى "تشوهات اقتصادية غير مستدامة تجعل من التخفيضات الدورية لقيمة الجنيه أمرا مرجحاً بقوة على المدى المتوسط، بغض النظر عما إذا كانت السلطات ستنتقل إلى نظام سعر صرف مرن بالكامل".

ويقول الاقتصاديون إن البنك المركزي يريد بناء احتياطي للعملة الأجنبية قبل الانتقال إلى سعر صرف مرن

في فبراير الماضي، كشفت الحكومة النقاب عن قائمة تضم 32 شركة مملوكة للدولة تخطط لطرحها أمام مساهمة القطاع الخاص من خلال بيع حصص أقلية بشكل رئيسي، ودول الخليج الغنية بالنفط هي السوق المستهدفة الرئيسية لهذه الخصخصة.

ومع ذلك، لا يزال البرنامج معطلاً وسط الاختلافات المبلغ عنها بشأن سعر الصرف الذي سيتم استخدامه لتقييم الأصول المصرية، فضلاً عن الحجم الصغير للعديد من الحصص المعروضة للبيع، والتي لن تمنح المشترين سيطرة إدارية.

لكن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قال هذا الشهر إن الحكومة ستجمع ملياري دولار من مبيعات الأصول قبل نهاية يونيو.

ويقول الاقتصاديون إن الطريقة الرئيسية لحل الأزمة على المدى الطويل هي زيادة الصادرات

يقول هايكه هارمغارت، العضو المنتدب لمنطقة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية: "تحتاج مصر إلى الانتقال إلى نموذج يحركه التصدير من أجل الحفاظ على عائدات العملة الأجنبية" مضيفًا "ومن أجل حدوث هذا يجب أن يحصل القطاع الخاص على مساحة أكبر للتنفس والنمو ".

ووافق نديم على أن التركيز يجب أن ينصب على الصناعة لتعزيز الصادرات وخلق فرص العمل، وقال "لم تكن الصناعة أولوية" مضيفًا "نمر بأصعب أوقاتنا منذ 45 عامًا. اليوم نحن نحاول النظر إلى أمام لكن هناك ضباب كثيف حولنا" 
----------------------------------
فايننشال تايمز 






اعلان