16 - 08 - 2024

عام علي غياب أبو عاقلة والعدالة معا

عام علي غياب أبو عاقلة والعدالة معا

مر عام على غياب الصحفية شيرين ابو عاقلة بقناة الجزيرة عقب جريمة اغتيالها على يد الكيان الصهيوني، ولم يقف الغياب على شيرين، ولكن غابت معها العدالة أيضا خلال هذا  العام ، ومن المفارقات أن يجرى كل هذا في شهر مايو الذي يحتفي فيه العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، وهي العدالة التي دافعت وبحثت عنها كثيرا لتحقيقها سواء لشعبها أو للإنسانية جمعاء،ولم يدر بخلدها ربما أنها ستكون هي نفسها ضحية غياب هذه العدالة والتقاعس في القصاص لجريمة اغتيالها يوما ما، رغم وجود كل الأدلة التي تدين المجرم بوضوح، إلا أن التهرب من الحقيقة كان شعار دولة مجرمة، ودولة أخرى تدعم الإجرام وهي الولايات المتحدة الأمريكية، التى راهن عليها البعض في تحقيق العدالة ولو لمرة واحدة كون الضحية تحمل الجنسية الأمريكية، ولكن لم يحدث حتى الآن.

مراحل التهرب

مرت قضية شرين بعدة مراحل بداية من إنكار  العدو ورفض أي معلومات أو بيانات، وبعدها تم الاعتراف ولكن القتل غير المتعمد، بعد ضغوط عنيفة تم إجراء تحقيق شكلى لتسجيل موقف وتفاديا للضغوط وكذلك تلكؤ وتباطؤ من المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، تحقيقات لم تفض إلى شئ في نهاية المطاف، ورغم التهديد بالذهاب إلى دولة الاحتلال وإجراء تحقيق داخل الجيش مع الجندي الذي أطلق الرصاص من خلال الFBl ، إلا أن كل هذا لم يسفر عن شيء، ومن جانبها قامت السلطة الفلسطينية وقناة الجزيرة ومؤسسات دولية بالتوجه إلى المحكمة الجنائية، إلا أن هذه الخطوة مهددة لأسباب فنية وقانونية بأن تستمر وتقبل المحكمة الدعوى.

ورغم ما بذلته السلطة الفلسطينية و قناة الجزيرة والمؤسسات الدولية المعنية بحرية الصحافة في إعداد ملف القضية وتستيف الاوراق والدفع بكل الأدلة التي تدين القاتل، إلا أنه تم تجاهل الأمر وتفريغ الموضوع من مضمونه خاصة من جانب الكيان المحتل بدعم غير معلن من  الولايات المتحدة الأمريكية، وبقي الأمر حتى الآن دون نتائج حقيقية، وإن كان الأمر لم ينته بعد ومازالت القضية مفتوحة والأبواب مشرعة ، ولكن الأمر بحاجة إلى قناعة وإرادة دولية حقيقة، لأنه لا يمكن خلال عام كامل ألا يتم التوصل إلى أي نتيجة ملموسة على الأرض ولو حتى تحديد جلسات أو إدانة أولية انتظارا لإحالة لمحاكمة جادة، ولكن الأمر على العكس تماما وان كان هذا لا يعني فقدان الأمل.

مخاوف مشروعة

وهناك مخاوف مشروعة من تكرار ما حدث في قضية الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي وهو الذي يحمل الجنسية الأمريكية ايضا -- صحيح جريمة قتل الاثنين تمت في  سباقات مختلفة من حيث المكان والزمان-- ولكن الثابت هنا هو وقوع جريمة القتل والوصول للجاني، لكن كانت المصالح ولعبة السياسة هي الحاكمة في جريمة مقتل خاشقجي وانتهى الأمر إلى انتصار المصالح على المبادئ رغم كل التصريحات والتعهد بمحاكمة المجرم وأنه لم يفلت من جريمته ... ولكنه أفلت في نهاية الأمر وانتهى بأحكام مخففة لأفراد شاركوا في الجريمة ولكن استبعد العقل المدبر للجريمة، وفي المقابل تم التعامل مع قضية شيرين ابو عاقلة بسياق قريب من هذا الأمر ، رغم صدور أحكام بالإعدام على عدد من الأشخاص لكن تم تخفيف حكم الإعدام الي السجن لاحقا، وفي واقعة شيرين يتم اتباع أساليب مختلفة ولكن ربما تنتهي بأحكام اقل بكثير من قضية خاشقجي اذا تم ذلك .

الشيء المؤكد حتى الآن، هو أن دماء شيرين في طريقها للضياع والهدر ، كما حدث مع  زميلها طارق ايوب وغيره من أبناء الجزيرة وعدد آخر من الصحفيين بالدول العربية وغيرهم في باقي أنحاء العالم… أن مايو الحزين الذي خصص لحرية الصحافة إذا به يشهد كوارث الصحافة.
----------------------------
بقلم: أحمد عبدالعزيز

مقالات اخرى للكاتب

البطل صلاح الذي طرح العدو والتطبيع أرضا