27 - 09 - 2024

أنقذوا مصر من القضاء علي الأصول الوراثية للثروة الداجنة المصرية (تحقيق)

أنقذوا مصر من القضاء علي الأصول الوراثية للثروة الداجنة المصرية (تحقيق)

التدهور المرعب لأعداد الدواجن المرباه بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني لو استمر بنفس المعدل لفقدنا كل السلالات خلال العام الحالى او القادم 

مرة اخري أجدني ملزمة، يدفعني ضمير موجود في چينات معظم المصريين، لمعاودة  لفت الانظار لجريمة بحق مصر وتستحق المحاسبة الفورية والحازمة وهي جريمة القضاء عليّ الاصول الوراثية للثروة الداجنة المصرية، والتى كانت نتاج عمل فرق علماء معاهد البحوث على مر السنين من العام 1958 وحتى الآن.

و سألخص بشكل علمي أهمية هذه الثروة والتي اعتبرها مسألة أمن قومي، مع ملاحظة أنه إذا كانت هذه مصيبة الثروة الداجنة في مصر، فما بالك بباقي الاقسام المنوط بها الحفاظ عليّ ثروات مصر النادرة من الجاموس والماشية والتقاوي الزراعية التي ليس لها مثيل في العالم، وفي حين تحرص الدول المحترمة عليّ الحفاظ عليّ عطايا الله نجدنا نبددها عن عمد! 

نبذة عن الدجاج المحلي المصري: 

هناك ثلاث سلالات أصيلة هي - الفيومى – الدندراوى - السيناوى. و 11 سلالة مستنبطة هي - دقى - المنتزه الذهبى- المنتزه الفضى - الجميزة – المندرة – المعمورة – السلام – البندرة – المطروح – البهيج – إنشاص

لقد استغرق الأمر من قبل علماء مصر لإنجاز التحسين الوراثى ما يقرب من الـ 10 سنوات، حتى حصلوا على السلالة من خلال العديد من علماء مركز البحوث الزراعية ومعهد بحوث الانتاج الحيوانى وقسم بحوث تربية الدواجن منهم أ.د. طه حسين على – أ.د. محمد على الحصرى – أ.د. الهام عبدالجواد – أ.د. على بكير – أ.د.ماجده بلاط  وأخرين من علماء قسم بحوث تربية الدواجن فى مجال التربية والخلط والتحسين الوراثى لإنتاج سلالات عالية الجودة، وهذا العمل بدأ من ستينيات القرن الماضى.

فالسلالات المحلية والمستنبطة للدجاج تتميز بقدرتها العالية على مقاومة الأمراض وتحمل الظروف البيئية الصعبة، مما يجعلها تنافس السلالات العالمية فى هذا الشأن، فمعظم بلدان العالم حصلت على الفيومى من مصر لإدخاله فى سلالاتها، ومن هذه البلاد أمريكا من عام 45 ومحفوظ لديها فى USDA، وأيضا إنجلترا وفرنسا وجنوب شرق آسيا، وحتى الدول العربية مثل سوريا، فالسلالات المحلية تعتبر مستودعا للجينات المقاومة لكثير من الأمراض، بالإضافة لتفضيل المستهلك لها من حيث الطعم واللون.

يضاف لذلك كون السلالات المحلية تتميز بقدرتها العالية على الاستفادة من الأغذية الفقيرة ومخلفات المنزل والحقل، وبالتالى سوف يساهم الحفاظ عليها فى تحويل الكثير من الفواقد لمنتج له قيمة غذائية عالية مثل البيض واللحم.

أضف إلى ذلك مساهمة السلالات المصرية فى ارتفاع مستوى التغذية للأسر الفقيرة، وزيادة دخلها عن طريق بيع المنتجات سواء من البيض او اللحم، وبالتالي عودة القرية المصرية مرة أخرى الي موقعها الطبيعي كمنتجة وليست مستهلكة 

متي نفهم أن المحافظة على السلالات المصرية هى من أولويات الأمن القومي، حيث أن أكثر من 85% من منتجات الدواجن سواء بيضا أو لحوما تأتى من هجن عالمية لا تمتلك مصر أصولها الوراثية، وبالتالى فى حالة عدم القدرة على استيراد هذه الأصول سواء لظروف سياسية أو اقتصادية أو حتي لضغوط دولية، تتعرض صناعة الدواجن لهزة تدميرية، ويفقد الانسان المصرى أكثر من 85% من كمية البيض التى يستهلكها وأيضا لحوم الدواجن. 

المحافظة وتحسين السلالات المحلية يقى مصر ومتخذ القرار السياسى من الرضوح للضغوط الخارجية، حرصا على غذاء الشعب المصرى. ولنا فيما تعرضت له العراق الشقيقة أثناء سنوات الحصار عظة، ولولا نجاح علماء الدواجن العراقيين وبمساعدة علماء دواجن من مصر فى استباط السلالة العراقية "الفاو" لما وجد الشعب العراقى لحوم دواجن او بيضا يأكله خلال سنوات الحصار.

و لكن المهزلة التي حدثت خلال العشرين عاما الماضية من إهمال ولن أقول من فساد، أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن. 

و الجدول التالي يوضح كم التدهور المرعب الذى حدث لأعداد الدواجن المرباه بالمعهد على مر السنوات العشر الأخيرة، والذى لو استمر بنفس المعدل لفقدنا كل السلالات خلال العام الحالى او القادم على افضل تقدير.

فالتدهور لم يكن على مستوى الأعداد فقط، ولكن أيضا تم تحويل الأنشطة البحثية فى بعض المحطات إلى أنشطة غير بحثية، وليست لها علاقة بنشاط قسم بحوث تربية الدواجن ولا بالتحسين الوراثى للدواجن والسلالات المصرية.

 انظروا وتفحصوا الآداء والامكانيات المتاحة لما تبقي من محطات تربية الدواجن التابعة لمعهد بحوث الانتاج الحيواني لتتأكدوا و هي: - محطة بحوث انشاص (محافظة الشرقية) - محطة بحوث الجميزة (الغربية) - محطة بحوث سخا (كفر الشيخ) - محطة بحوث الفيوم - محطة بحوث برج العرب (الاسكندرية) - محطة بحوث ملوى (المنيا) - محطة بحوث سدس (بنى سويف).

تفحصوا الامر يا صناع القرار في هذه البلد لتكتشفوا محطات تابعة لمركز البحوث وقطاع الانتاج المتوقفة، والمحطات التي تم الغاؤها! وتغيير النشاط البحثى بها ومنها: - محطة بحوث الدقى والتي تم  الغاء النشاط البحثى بها عام 1986، ولم يتم انشاء بديل لها - محطة بحوث المطاعنة (الأقصر) وأيضا تم إلغاء النشاط البحثى بها عام 1992 ولم يتم انشاء بديل لها!!! - محطة بحوث جزيرة الشعير بالقناطر (القليوبية) وتم إلغاء النشاط البحثى بها عام 1994، ولم يتم انشاء بديل لها - المشروع الأمريكى بسخا (كفر الشيخ) وتم الغاء تبعيتها للمعهد عام 2000 ولم يتم إنشاء بديل لها - محطة فرهاش بحوش عيسى (البحيرة) وتم نقل ملكيته لأكثر من هيئة وخرجت ولايته من قسم بحوث تربية الدواجن منذ العام 1998 - مشروع الدواجن التكاملى بالعزب محافظة الفيوم وتم نقل ملكيته لأكثر من هيئة، وخرجت ولايته من قسم بحوث تربية الدواجن منذ العام 2000.

وإذا أضفنا للمصائب مصيبة وقف برامج التحسين الوراثى بالقسم منذ العام 2002 لعدم توفر الميزانيات، وتم الاكتفاء بعمل محافظة على الأصول الوراثية وأدى الأمر لحدوث تدهور فى الصفات الإنتاجية لبعض الأصناف والسلالات>

المطلوب ببساطة و بسرعة هو: 

- توفير الميزانيات الخاصة بالأعلاف ومستلزمات التربية والتحسين الوراثى.

- تطوير محطات بحوث تربية الدواجن وتحسين إنتاجية السلالات المحلية لزيادة مساهمة القطاع الداجني الريفى المصرى فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من سلالات الدواجن ومن منتجاتها عالية الجودة محليا الى جانب المحافظة على البيئة وتحسين الظروف المعيشية للمجتمع المصرى.

- عمل تنمية مجتمعية وإيجاد مصدر دخل للأسر الريفية لعودتهم مرة أخرى كقوى منتجة فى المجتمع وليست قوى استهلاكية.

- تطوير المعامل الخاصة بقسم بحوث تربية الدواجن بالمعدات الحديثة الخاصة بالهندسة الوراثية لمواكبة التطور فى هذا المجال.

- إرسال صغار الباحثين فى بعثات للجامعات الأجنبية المتميزة فى مجال التحسين الوراثي.

في النهاية شكر واجب للمخلصين من علمائنا الذين أثبتوا أن مصر ولادة وفيها الخير، وأمدوني بالمعلومات الدقيقة وهم يعرفون أنفسهم.
---------------------
تحقيق: حنان البدري