26 - 06 - 2024

جِيل من الصور الطلِيقَة

جِيل من الصور الطلِيقَة

أَرَاكَ الآَنَ مُجتَرِحًا سَمَاوَاتٍ

مِنَ اليَاقُوتِ وَالإِعجَازِ وَالدَّهشَةْ

وَيُفلِتُ نَسرُ ذَاتِكَ مِن كِيَانِي

وَيَبنِي فِي بَرَاحِ النُّورِ وَكرًا

تَقُولُ: أَبِي

أَنَا مَا عُدتُ عُصفُورًا وَدِيعًا

لِتَبنِيَ فِي فَضَاءِ القَلبِ عُشَّهْ

أَنَا جِيلٌ مِنَ الصُّوَرِ الطَّلِيقَةِ

وَانفِلاتٌ ... مِن المِدُنِ العَتِيقَةِ

حَيثُ أُنسُ الضِّيقِ وَحشَةْ

تُبَاغِتُنِي

يُبَاغِتُنِي جُمُوحُكَ

وَهْوَ يَحفِرُ فِي جِدَارِ الوَقتِ نَقشَهْ

أُفَتِّشُ فِيكَ عَنِّي، غَيرَ أَنِّي

أُنَادِي: كُنْ تَمَامِي، لا تَكُنِّي

وَأَسأَلُ كَيفَ لِلوَلَدِ المُجَنَّحِ

أَنْ يُذَوِّبَ فِي عَصِيرِ الرُّوحِ رَعشَةْ؟!!

كان يوما بهيجا مطمئنا، ذلك اليوم الجميل الذى اجتمع فيه كوكبة من الإعلامين والأكاديميين الكبار في الأكاديمية الدولية للهندسة وعلوم الإعلام، احتفاء بمجموعة مدهشة من الشباب المصرى الصاعد بقوة، وذلك فى يوم مناقشة مشروعات التخرج لطلاب شعبة علوم الإعلام بالأكاديمية.

كانت الشاشة التى تتوسط القاعة التى اجتمعنا فيها جميعا، تحمل إلى أعيننا المتعة البصرية المذهلة، وإلى عقولنا أفكار جيل واع مرهف، وإلى قلوبنا مزيدا من الطمأنينة إلى أن الغد أفضل رغم كل شىء، وأن رهاننا على أبنائنا هو رهان رابح على مستقبل جميل.

نعم ذهبت إلى هناك باعتبارى أباً لأحد صناع هذا اليوم المبهج الجميل، لكننى ما إن بدأت الأفلام تتوالى حتى نسيت أنى أتيت هنا باعتبارى وليا لأمر شاب على عتبة الخروج إلى الحياة الإعلامية الصاخبة الملتبسة، وأصبح الكل  فى "شادى"، يستوى لدى أن يكون اسم الشاب "إبراهيم" أو "صلاح" أو "يوسف" أو اسم الفتاة "حنين" أو "مريم" أو دينا" أو "سارة" أو "هاجر" أو "ندا"، فلقد صاروا جميعا فى عينى أبناءنا الذين نراهن عليهم من أجل أن نخاطب بالمستقبل ونحن نضع أعيننا فى عينيه.

كنت وسط جمع كبير من الإعلاميين والأكاديميين الذى أعدوا لهذا التجمع الفريد، وشاركوا فى تقييم المشروعات: أ.د عادل عبد الغفار، أ.د خالد عبد الجواد، أ.د عبير حمدى، أ.د حسن عماد، أ.د هويدا مصطفى، أ. أكرم القصاص، أ. رفعت فياض، أ. محمود مسلم، الأستاذ على عبد الرحمن، وطبعا الإعلامية المتميزة جيهان الريدى.

دارت الكاميرا لتحملنا على جناح الخيال والجمال: من فن العرائس المدهش الذى صنع ذكرياتنا، وصور أحلامنا، وأبهج طفولتنا، ومازال قادرًا على أن يواجه طوفان التكنولوجيا المستبدة، بحسه الإنسانى والجمالى الفريد، وقدرته على أداء رسالة تربوية لامباشرة، تمزج المتعة بالفائدة، والبهجة التشكيلية البصرية الراقية، بالإيقاعات الموسيقية والأدائية المبدعة، بالفنون الدرامية الحكائية الدافئة، إلى الرهان على استعادة القطن عرش المملكة الزراعية المصرية، ومنه إلى الحضارة المصرية التى بنت دعائمها على مفهوم العدالة "ماعت"، ومنها إلى كنوز مصر التى لا نعرفها فى سيوة الجميلة حيث الغروب الفريد وأكواخ الملح المثيرة، أو فى أسوان الأصيلة، حيث مزارع التماسيح التى تعيد اكتشاف هذا الكائن المميز، وتعيد تقييم العلاقة معه، ومن هذا كله إلى العلاقة الملتبسة دائما بين الرجل والمرأة، وإعلان "لا" كبيرة للعنف الأسرى، ثم كان الختام المبهج مع أصحاب الهمم الذين حققوا نجاحات بلا حدود.

جرت فى ذهنى مقارنة لا إرادية بين هذا الذى أراه أمامى على الشاشة، والذى يكشف عن وعى عميق، وجدية عالية، وما أراه حولى من صخب إعلامى متهافت، فسرت فى ذاتى موجة من الاطمئنان إلى الغد القادم، ممزوجة بدعاء بأن ينجو هؤلاء الصاعدون الطالعون صوب المستقبل مما أصابنا نحن من آفات.

وشعرت بأنى مدين بتحية واجبة للأساتذة الذين يقفون وراء هؤلاء الشباب، وفى مقدمتهم الأستاذة الدكتورة عبير حمدى رئيس قسم الإذاعة والتليفوزيون بالأكاديمية.

ولا أظن أن كون "شادى" ابنى يمنعه حقه فى أن أحييه، وأحيى فى شخصه كل زملائه فى المجموعات كافة على ما بذلوا من جهد كبير، وما قدموا لنا من متعة رائعة.
---------------------------------
بقلم: السيد حسن

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة





اعلان