18 - 09 - 2024

30 يونيه وذكريات تحرير وطن من ميدان "المحطة"

30 يونيه وذكريات تحرير وطن من ميدان

يوم عظيم آخر من أيام مصر الخالدة والتى لا يمكن أن تنسى مطلقا، يوم 30 يونيه 2013 يوم أن تم تحرير مصر من الاحتلال الإخوانى، والذى لم يستطع الصمود أكثر من عام، يوم تحرير مصر من أحلام الطامعين والحالمين بأن تصبح مصر وقبلها تونس وبعدها ليبيا ومع الدول الثلاث سوريا والسودان، حبات لؤلؤ فى عقد اسود يناور بها البعض ليحقق مكتسبات ويثبت اركان كيانات مغتصبة للأرض العربية، كانت ترى ان 100 عام تكفى الجيوش العربية ولابد من إسقاطها تواليا والانقضاض على ثورة الشرفاء فى 25 يناير التى قادها شباب مصري عظيم وحر ولا يشكك فيه الا مريض قطعا فى حاجه الى علاج من نوع فريد، ثورة سرقها وانقض عليها انصار "سيد قطب" الذى خطط يوما لحرق مصر وحاول جذبها أتباع " البنا والهضيبى والتلمسانى " ممن تتلمذوا على كراهية الأوطان وأصبحوا وجوها منيرة فى لوحة الخيانة والتآمر.

فى 30 يونية كنت هناك فى "ميدان المحطة" بمحافظتى التى اعيش بها " قنا " ومعى مجموعات من شباب حر يرى فى الإخوان مثلما يرى دولا احتلت مصر لسنوات وكافح لتحريرها، كنا نرى سيدات وأطفالا وشيوخا وكل اطياف مصر تهتف لمصر وليس لأحد آخر، كانوا على بعد 250 مترا فقط أتباع الجماعة إياها يهتفون ويهددون ويرددون أسماءنا بكل سوء ونالت حتى امهاتنا ما نالت من سب من أبواق كريهة، أبدا لم نهتز وكنا ننتظر بيان الخلاص، تخلى عنا معظم منظري السياسة والتواصل الاجتماعي هناك، وهرب من كانوا معنا فى الفكر من قيادات قبلية وشعبية، وجاءت ساعة الصفر ولم يبق فى الميدان إلا رجاله وشبابه وظللنا نهتف "مصر مش اخوانية "

 وجاءت سكرة الخلاص بالحق وذلك ما كان منه المرشد يحيد، ظهر من هناك قائد نغفر له مليون خطأ ولو حتى سرنا جوعى وعرايا ولكن أبدا سيظل صاحب فضل على وطن بكامله، ظهر وهو يلقى بيان الخلاص ويعلنها "مصر للمصريين" ربما لحظة لن أنساها حتى ألقى الله، لحظة قفزنا بها إلى عنان السماء، وعن نفسى تقريبا تخلصت مما يمكن أن أتخلص منه من ملابسى دون خجل وهتفنا "الله أكبر" وبعد دقائق وجدنا جحافل الشر قادمه من ميدان "بنزايون" وتحمل العصي والسلاح والمولوتوف وتود أن تقضى علينا لا محاله ولأننا عزل وتركنا وتخلى عنا الجميع هرولنا حتى ميدان "سيدى عبدالرحيم القنائى" وهم خلفنا، نعتقد اننا قد تصيبنا طلقة فى أي وقت ولكن لم يكف صوتنا "يسقط  يسقط حكم المرشد" وظلننا طوال الليل بين كر وفر ووعيد بالقتل ، لتشرق شمس الأول من يوليو وليست كأي شمس، بل شمس جميلة مع كونها حارقة، شمس مصر التى نعرفها، شمس ليس بها عريان ولابديع ولا بلتاجى ولا شاطر.

ولكن بعد 10 أعوام من ذكرى تحرير وطن، دعونى اتحدث وبصدق عن شباب فى جنوب الصعيد شارك وصنع 30 يونية وكاد يموت ، أين هو الآن؟ 

قطعا وبكل حزن تم استبعاده من المشهد السياسى تماما وبات منبوذا وأحيانا ملاحقا، وتصدر المشهد من حينها شخصيات بايعت دولة الإخوان، ومنهم من ترشح على قوائمهم وظلوا طوال عام كامل بلا صوت ومنهم من أغلق فمه وبسط يده، أناس يعلم الله لم يخلصوا لوطن أبدا بل كانوا تحت التكييف " دعونا لتظاهرة فى ميدان الدولفين صباح 30 يونيه بقنا وأقمنا المنصات ودعونا شخصيات تتصدر الان المناصب النيابية والتنفيذية ولم يحضر ولو شخصية واحدة، بل وأبلغوا قيادة الجماعة إياها بمكاننا وتحركاتنا.

قطعا لا نريد رد الجميل ولم نطالب بإقصاء أحد، ولكن مصر 30 يونيه بكل مشاكلها وجه مشرق فى تاريخنا الوطني وسيأتي يوم نجلس فيه طويلا طويلا كى نقص ونروي من الذى قفز من السفينة وعاد إليها بعد أن رست على الشاطيء ومن الذى ظل ويظل يدفع ثمن دفاعه عن وطنه وجيشه.

وتحيه من قلبى إلى من استجاب لصرخاتنا ورفض بيع وطنه وكاد أن يكون 30 يونية اليوم الأخير فى حياته، تحية إلى الذى استمع لشعبه ورفض المساومة عليه وسيظل حتى آخر لحظه فى حياته وحياتنا صاحب " فضل وجميل" على وطن بأكمله، وكم نحلم بأن تنظر القيادة لشباب 30 يونيه وتسمع منهم لأنهم قطعا هم الحضن الحقيقى لهذه الثورة العظيمة دوما وأبدا و ليس الوصوليين الذين يأكلون على كل الموائد، حتى لو كانت مائدة بدم المصريين وشرفهم وعرضهم ، وتحيا مصر ويحيا من قال تحيا مصر ولو قالت الدنيا بأركانها بأننا "نطبل ونهتف ونجامل".
-------------------------------------
بقلم: عادل عبدالحفيظ


مقالات اخرى للكاتب

الجامعات الأهلية .. قصص وحكايات وبينهما مخالفات