17 - 07 - 2024

اكتشاف مومياء الفنان إيمان البحر درويش!

 اكتشاف مومياء الفنان إيمان البحر درويش!

دهشت وانا اطالع الصورة المنشورة! صورة مومياء فرعونية. ظننته اكتشافا اثريا جديدا. من قراءة التعليق  على الصورة: "سيشهد التاريخ إن ده بقى إيمان البحر درويش"، أدركت أنه تعليق ابنته "أمنية" على حال أبيها الآن فى الصورة. لم توضح شيئا اكثر من التعليق. كثيرون تناقلوا الخبر، واشتعلت السوشيال ميديا تدعو له بالشفاء، وتحركت نقابة الموسيقيين تبحث عن ابنته للتواصل معها لعلاجه. الدعاء والسؤال شيئان طيبان من مزايا الإنسانية.. وإن كانا لا يكفيان، فالفنان إيمان البحر درويش ليس بالنكرة لنفاجأ به هيكلا مرميا فوق إحدى أسرة الكهوف، او بالدقة لنفاجأ به مومياء العصر الحديث!

تعليق ابنته "أمنيه" المقتضب يحمل اتهاما معجونا بالخوف، يدفعنا للمطالبة بالتحقيق قبل التساؤل عن سبب الصمت عن مرضه ومتابعة تطور حالته، فهو فنان مميز محترم، وكان نقيبا للموسيقيين، وحفيدا لفنان الشعب "سيد درويش" مجدد الموسيقى، وهو أهم ذاكرة لفترة هامة فى تاريخ مصر، والمناضل والجندى والإعلامى والمغنى وصوت الشعب فى ثورة 1919. لابد من تحقيق يبدأ اولا بسؤال ابنته عن سبب صمتها وعدم إعلان مرض أبيها وتطور حالته، وعدم الكتابة عنه وعدم التواصل مع النقابة لعلاجه. لماذا لم تفعل وتصمت لتفاجئنا به هيكلا؟! إنه الإهمال الذى افضى إلى تلك الحالة. انه اتهام بقتل ابيها. أعرف أن التوصيف قاس فى حق ابنة مكلومة لكنها مسؤولة عن إخفاء الحالة، ومعرفة الحقيقة تبدأ من عندها بسؤالها. وسؤال آخر ليس لنقيب المهن الموسيقية ولا لاعضاء النقابة، إنه سؤال إنسانى: ألا يوجد أصدقاء أوفياء لإيمان البحر درويش يسألون عن غيابه طوال تلك الفترة؟!

ما نراه هو جريمة اغتيال أو وأد.. فمن فعلهما؟! ولماذا؟! كثيرون من مدعى الفن وماهم بذلك، تهتم بهم الصحافة والإعلام وتصدعنا الفضائيات باستضافتهم وتفاهتهم، ويتابعون حالتهم بلهف وقلق إن لمستهم شوكة، ويعالجون على نفقة الدولة فى أغلى مستشفيات الداخل وأرقى مستشفيات الخارج.

لا أجرؤ واطالب النائب العام بعمل تحقيق رسمى لمعرفة ماحدث للفنان إيمان البحر ولا للتعتيم الإعلامى عن متابعة حالته المرضية، فنحن مواطنون أنهوا صلاحية مواطنتنا قسرا، وصارت التهم القميئة تطاردنا، فتزيحنا عن مواطنة جديدة شرطها الانصياع الكامل وعدم الكلام، وهما مالا نجيدهما، ولا نستطيع فعلهما لصالح حفنة مؤقتة آن رحيلها بعد ان انتهت صلاحيتها، لكننى أجرؤ وأطالب بتحقيق شعبى نزيه غير مغرض وخال من تصفية أى حسابات لمعرفة الحقيقة. 

إيمان البحر درويش فنان عظيم وحفيد فنان الشعب العظيم، ليس ملك ابنته او احد أقاربه، آنه ملك الشعب بجدارة. الصمت عن تلك الجريمة خيانة للنفس وللوطن.

يا إيمان يا حته مننا، صورتك وجعت قلبنا، وجدك باعتلك السلام بيقولك ويقولنا: "قوم يامصرى مصر دايما بتناديك". واحنا فعلا بنحبك وبقلوبتا بناديك قبل ما نبكيك من قهرنا وعجزنا.
------------------------------
بقلم: د. يحيى القزاز



مقالات اخرى للكاتب

العوار الوطنى.. إشكالية المثقف والسلطة