22 - 06 - 2024

حاجة غريبة جدا!

حاجة غريبة جدا!

تتطلب ظروف صحية أمر بها أخد حقنة كل يوم ، وبالصدفة اكتشفت "حاجة غريبة جدا"، يمكن اعتبارها بدون مبالغة مأساة في صورة ملهاة. فالصيدليات امتنعت عن خدمة لطالما ارتبطت بها، أقصد خدمة حقن المرضى. والأدهى أن ذلك قد حدث عقابا للمرضى بعدما تعرضت صيدلانية العام الماضي لمساءلة قانونية، على خلفية خطأ مهني متعلق بمسألة حقن المرضى في الصيدليات. ببساطة قررت نقابة الصيادلة انتصاراً للزميلة الموقرة حرمان المرضى من خدمة تقدم في الصيدليات من عشرات السنين. تأملت هذه الحاجة الغريبة جدا ، فشعرت أن الناس أصبحت تخفي طاقة للتشفي والانتقام، وأنه لم يعد هناك من يتقبل تحمل مسؤولية مهنته. وفي سياقنا هذا فالمقصود هو الصيدلي الذي يتكامل عمله ويتقاطع إيجابيا مع عمل الطبيب وكلاهما يمارسان مهنتين من أنبل المهن .

لماذا دائما يعاقب المريض كلما حدث خطأ صيدلي أو طبي؟ لأنه الحلقة الأضعف، ولأنه للأسف لا يجد من يساعده جديا للحصول على حقه في العلاج بكرامة ودون تكبيده معاناة إضافية فوق معاناته من عبء الألم والمرض وكلفته النفسية والمادية الباهظة في زمننا هذا. فعلى المريض أن "يدوخ" من اللف علي الصيدليات والمراكز الصحية ليجد من يعطيه حقنة. وفي الواقع أنا لا أعرف رد فعل وزارة الصحة علي قرار نقابة الصيادلة ، وهل وفرت أماكن بديلة لتقديم تلك الخدمة التي لا غنى عنها لفقراء الناس ومستوريهم على حد سواء؟ أنا مثلا أسكن في المقطم وتوجهت إلى عدد كبير من الصيدليات والمراكز الطبية، لكنهم رفضوا جميعا تقديم تلك الخدمة، ولم أجد في نهاية المطاف بدا من العودة إلى عيادة الطبيب الذي وصف لي تلك لحقن في روشتته ورجوت الممرضة أن تعطيني الحقنة فوافقت مشكورة. والحمد لله ان عيادة الدكتور في المقطم حيث أسكن وإلا كنت قد تكبدت المزيد من المعاناة التي لا تقاس بالتأكيد بمعاناة كثيرين في حال أشد سوءا من حالي. أم مثلا تريد إنقاذ ابنها أو ابنتها. أو شخص كبير في السن أو يعاني من عجز يجعله غير قادر على أن ينتقل من مكانه. قبل ذلك القرار كان من السهل أن تستعين بشخص من الصيدلية لإعطاء الحقنة في البيت في حالة ما إذ كان المريض غير قادر على الذهاب إليها. أما الآن فنحن كما ذكرت آنفا أمام حاجة غريبة جدا، ولا أحد يعرف لماذا يصر البعض على جعل السهل صعبا والتضييق على الناس الذين لا يعرفون يلاقوها منين ولا منين.     

الصيدليات يا عالم كانت ملجأ المريض الفقير على وجه الخصوص في الطوارئ، فيقابله صيدلي يساعده ويدله على الدواء الذي يخفف من ألمه ولو بشكل مؤقت إلى أن يذهب إلى الطبيب المختص، فالصيدلية أقرب للبيت من أي مستشفي أو مركز طبي. ولكن للأسف كثير من الصيدليات تحولت الي دكاكين لبيع مستحضرات التجميل والاكسسوارات. أصبحت مجرد مشروع تجاري مربح جدا وكل يوم عروض وجروبات علي الواتساب للترويج لمنتجات العناية بالبشرة وعلاج السمنة وتأخر الشيخوخة، فهل هذا هو الدور الحقيقي للصيدلي؟
-------------------------------------
بقلم: سحر الببلاوي


مقالات اخرى للكاتب

عفوا سيادة الوزير .. صحة المواطن ليست رقما في بيان





اعلان