30 - 06 - 2024

كان لا بد من ٣٠ يونيو (٤)

كان لا بد من ٣٠ يونيو (٤)

إذا كان الواقع السياسى والنظام الحاكم في نهاية عهد مبارك لايؤمن ولا يعطى أى فرصة لحالة إصلاحية تنقذه وتنقذ البلد، كما أننا نجد غيابا كاملا لأى تنظيم ثورى يمكن أن يكون بديلا للنظام الحاكم .. فماذا حدث ؟ 

كما بيننا، فالحياة السياسية والحزبية كانت تسير بطريقة الفعل ورد الفعل، من خلال بعض الممارسات السياسية المعارضة لقرار أو موقف يتعارض مع مصلحة الجماهير أو موقف تم فرضه لخلق مزيد من المحاصرة للأحزاب وللعمل السياسى بشكل عام. وكان ذلك بعد إعلان حركة كفاية والتى أوجدت ذلك الزخم الجماهيرى فى الشارع والذى حول رفض العملية التوريثية للسلطة إلى مطلب شبه جماهيرى تعاطف معه البعض داخل السلطة نفسها، خاصة بعد أن كان رفض التوريث مادة إعلامية دائمة فى وسائل الإعلام بكل تصنيفاته .   

هنا كانت القشة التى قصمت ظهر البعير كما يقال، لاشك فإن رفض التوريث كان موقفا تاريخيا وضع النظام فى مأزق حقيقى، فالتوريث كان حقيقة وليس ادعاء. فقد تم تشكيل فرق تسويقية لتسويق جمال مبارك خاصة من ماسمى حينها بلجنة السياسات بالحزب الوطني، تلك اللجنة التى كانت بديلا للحرس القديم فى هذا الحزب . فكانت (جماعة احمد عز بديلا للشاذلى وصفوت الشريف)، وكان ذلك تحت رعاية وحماية جمال مبارك الذى أصبح على أرض الواقع رئيسا شبه فعلى . وكان هذا قد ظهر فى استقبال جمال فى المجال العام السياسي كرئيس جمهورية يسبق رئيس الوزراء والوزراء!! كل تلك الممارسات جعلت بعض قيادات القوات المسلحة تظهر الاستياء وكان هذا الاستياء تراكمى له مابعده.

هنا تلبس أحمد عز شيطان السلطة والثقة المرضية فى النفس، وكانت انتخابات مجلس الشعب ٢٠١٠، تلك الانتخابات التى كان منظمها ومديرها وراسم خططها أحمد عز لصالح الوريث القادم. مع العلم أنه فى الوقت الذى كانت التوافقات تتم بين حزب الوريث وبين جماعة الإخوان لترك بعض المقاعد التى ستترك لهم كالعادة ومثل ماحدث فى انتخابات ٢٠٠٠ و ٢٠٠٥ ( تصريحات لعاكف مرشد الجماعة ) . فوجئ الجميع بإدارة الانتخابات بشكل استفزازى يسكنه الغرور ويؤكده الاستبداد، فكانت قرارات عز (وليست النتائج) هى المعلنة لهذه الانتخابات وهى إسقاط المعارضة بكل مسمياتها وتصنيفاتها. مع العلم أنه كان يمكن أن تكون هناك حصة للمعارضة وللجماعة ويكون القرار لتلك الاغلبية المصنعة كما كان يحدث طوال الوقت. كانت هذه الأحداث والمواقف التى لاعلاقة لها بأى نظام سياسى ولكن لها علاقة بإدارة عزبة. قد أحدثت حالة رفض جماهيرى صامت وحالة رفض للقوى السياسية غير المتوافقة على أى برنامج سياسى إصلاحي أو غير إصلاحي. 

ولكن كان هناك ماسمى بمجلس الشعب الموازى أى بديلا عن مجلس الشعب المزور، كان الغرور قد أخذ النظام، حتى أن مبارك وعند افتتاحه للدورة الأولى لمجلس الشعب قال عن هذا المجلس الموازى (خليهم يتسلوا) . هنا كان هذا التصريح علامة ظاهرة لوصول النظام إلى حالة مرضية لايملك فيها غير السير فى طريق الهلاك وان كان بعد حين. 

هنا كان الشارع قد استفز من حادثة قتل قامت بها الشرطة فى الاسكندرية فى ظل نظام مبارك الأمنى والشرطى الذى تراكمت فيه عمليات القتل والسحل وإسقاط أى حقوق انسان أو غير انسان. اجتمعت القوى السياسية (النخبة الحزبية والسياسية التى تدور وتلف وتشارك فى الحركات السياسية المعلنة ) كفاية وابريل واللجنة الوطنية، بالإعلان عن مظاهرة ٢٥ يناير ٢٠١١ يوم عيد الشرطة كموقف معلن ضد تلك الممارسات الشرطية . كان التقدير هو استغلال الزخم الجماهيرى الرافض لكل تلك الممارسات فى تحقيق بعض المطالب الإصلاحية وكان الأمل أن ينزل لميدان التحرير خمسة آلاف متظاهر لكسر شوكة البداية. تم عقد اجتماع حضره عصام العريان ممثلا للجماعة لكى يعلن رفض الجماعة المشاركة فى مظاهرة ٢٥ يناير . كما رفض التوقيع على بيان يرفض التوريث والتنديد وكان هذا شعار حركة كفاية التى كان مشاركا فيها نيابة عن الجماعة !!؟ جاء ٢٥ يناير ونزلت الجماهير وكانت المفاجأة هى نزول أكثر من عشرين ألف متظاهر وليس خمسة آلاف فقط . لم يكن هناك عضو واحد من تنظيم الجماعة . رفعت شعارات إصلاحية عشوائية مثل ( لا للتوريث ولا للتمديد ...حل مجلس الشعب ...تعيين نائب للرئيس ...تعديل الدستور ) ولم يرفع شعار يسقط يسقط حكم مبارك . فماذا حدث؟
----------------------------
بقلم : جمال أسعد

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (١٤)





اعلان