18 - 09 - 2024

في مديح رعاة الثقافة الطيبين

في مديح رعاة الثقافة الطيبين

وفقاً لبيان أصدره منظمو الدورة الأولى لمهرجان دواير الثقافي، التي عقدت في دار سينما راديو في وسط القاهرة، من 6 إلى 15 يوليو الجاري، فإن "مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، شارك في تنظيم فعاليتين خلال اليوم الختامي للمهرجان، وهما ندوة عن "ترجمة الفانتازيا والميثولوجيا الحديثة"، وأمسية شعرية بمشاركة د. فاطمة قنديل والشاعر محمود خيرالله، وأطلق مبادرة ومسابقة (أسفار أقرأ) من العاصمة المصرية القاهرة، بهدف خدمة القراء والمهتمين"! 

واللافت أن هذا البيان صدر بعد مرور بضعة أيام على ختام تلك الدورة، ومن ثم فيمكن اعتباره ردا من جانب منظميه على ما قيل بخصوص اشتراك مركز "إثراء" في رعايتها. مع الأخذ في الاعتبار أن أحد طرفي تنظيم المهرجان صرَّح لمراسل صحيفة عربية في القاهرة بأن "إثراء" شارك في الرعاية، فضلا عن البيان يؤكد أنها شاركت في التنظيم. 

وبحسب البيان نفسه فإن المهرجان "انطلق بالتعاون بين مكتبتين ودارَي نشر مصريتين هما (تنمية)، و(ديوان)... وهو فعالية مصرية مستقلة تهدف إلى خدمة القارئ وسد احتياجه للمعرفة، وقد أُطلِق برعاية عدد من الشركات المصرية والوطنية (ما لزوم الإضافة؟) وهي شركة مدينة مصر للتطوير العقاري، وشركة الإسماعيلية للاستثمار العقاري المتخصصة في ترميم المباني التراثية في وسط البلد، وفندق فيرمونت نايل سيتي، بالإضافة إلى مؤسسة ستار كير إيجيبت، غير الربحية المختصة بتوفير المساعدة الغذائية والرعاية الطبية والتعليم للأطفال والمحتاجين". 

وهكذا قررت الشركة الأخيرة توفير المساعدة الثقافية إلى نشاطها غير الربحي! والإشارة إلى "وطنية" تلك الشركات، فهمتُها على أنها تعني أنها مصرية! ومن ثم تساءلت عن لزومها، إلا إذا كان المقصود أن ولاءها لمصر، وليس لغيرها، وهو أيضا لا لزوم له لافتراض بديهيته. 

وعموما ليس هدف مقالي هذا والمقال الذي سبقه مباشرة أن يناقش مدى وطنية أي من رعاة هذا المهرجان الذي كتبتُ من قبل أنني أتمنى أن يمارس نشاطه طوال العام ليحقق هدفه المعلن، وهو بحسب ما كرره بيان منظميه الذي صدر بعد أيام من ختامه؛ "تحفيز التواصل المباشر والتفاعل بين مختلف الدوائر الثقافية، وشحذ الاهتمام بالقراءة والثقافة في العموم، وتوسيع نطاق المعرفة وإبراز قيمة الثقافة في تكوين الوعي، وتحفيز الإبداع في مختلف المجالات، واستعادة المكانة التاريخية والحراك الثقافي في منطقة وسط البلد عن طريق ندوات وفعاليات متنوعة تتيح مجالًا للحوار حول قضايا الفكر والإبداع، وتعزز القيمة الإبداعية لوسط القاهرة الخديوية بما تمثله من عراقة وحضور في ذاكرة الجميع". 

فبحسب المنظمين سيُعقد المهرجان سنويا، وقد أكد بيانهم أنهم عقدوا العزم على عقد دورته الثانية. وسنوية الانعقاد تعني أن علينا أن ننتظر سنة كاملة حتى نشهد فعاليات الدورة الثانية، وهي مدة كافية لمحو أثر ما أنجزته الدورة الأولى، أو على الأقل إضعافه في ذاكرة حارة آفتها النسيان كما قال نجيب محفوظ الذي تلكأنا طويلا لنقيم متحفا باسمه، وبعد أن تحقق ذلك، نسينا الهدف الذي أقيم ذلك المتحف من أجله، ومن ثم فقد تحول تقريبا إلى مبنى يتردد عليه الموظفون الموكلة إليهم مهمة إدارته، والتي لا يوجد على الأرض ما يدل عليها. 

ومع ذلك يبقى الأمل في احتمال أن تمتد أيدي رعاة طيبين إليه وإلى غيره من مراكزنا الثقافية الرسمية لإنعاشها ولو حتى باعتبارها ثروة عقارية، سواء كانت تنتمي إلى القاهرة الخديوية أو إلى القاهرة الفاطمية أو المملوكية أو العثمانية. على ألا ننسى الإسكندرية وطنطا والمنصورة وسوهاج وأسيوط وأسوان والعريش والإسماعيلية، والداخلة والخارجة!
--------------------------------
بقلم: علي عطا

اقرأ أيضا مهرجان "دواير" وسؤال المال الثقافي

              

مقالات اخرى للكاتب

نحو مدوَّنة سلوك مهني تواكب حتمية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي