27 - 09 - 2024

انقطاع الكهرباء .. والمَرار الطافح !

انقطاع الكهرباء .. والمَرار الطافح !

لا أجدُ مُبرِرا لهذا العبث والمَلهاة، التي تتجسد فصولُها علي أرض مصر المحروسة بمدنها وقراها، بأزقتها وحواريها، بوجهيها البحري والقبلي، والتي صارت موضوعَ الساعة، وحديثَ القاصي والداني، بعدما رمتْ بشررٍ كالقصر، ولم يسلم من لظاها أحد .. الصغيرُ والكبير، المرأة والرجل، الصحيح والمريض، الطير والحيوان، الحجر والشجر ، حتي الجنين في بطن أمه لم ينج من عواقبها الوخيمة .

تتمثل تلك الملهاة في الانقطاعِ المستمر والمُتكرِر للتيار الكهربائي بحجة نقص الوقود من غاز ومازوت وسولار، والمؤسف أن تعامل الحكومة ووزارة الكهرباء مع الأزمة، يدعو للدهشة، أو قُل للغيظ، إذ إنهما بدلا من التفكير في حل أزمة الوقود، لجأتا للحل الأسهل، وهو قطع التيار برغم الارتفاع غير المسبوق في درجة الحرارة بسبب تغيُر المناخ، وهو ما أسهم في تنغيص أيام المواطنين، ومُضاعفة (مرارهم الطافح)، المُضاف إلي مرارات كثيرة أهمها الغلاء !

ورغم أن حكومات كلِّ الدول - وهو ما لا يخفي علي أحد - تستشرفُ الأزمات والمشاكل بخطط مستقبلية، تُمكنها من التغلب عليها، وعدم إزعاج مواطنيها بها، إلا أنَّ الحال في مصر ، وبوصفها بلد العجائب، دائما ما يكون مُختلِفا، ويأتي علي حساب المواطن، الذي يموت كل يوم بغيظه عشرات المرات !

فالمسؤول أيا كان موقعه، لا يتحرك إلا بعد خراب مالطا، ووقوع الفاس في الراس، بالرغم من وجود قاعدة بيانات، تربط المصالح ببعضها، وتنبه الحكومة إلي مواطن الخلل والقصور؛ للتعامل معها وفق منهج ودراسة، يُمكنان من التغلب عليها، وتفادي عواقبها، إضافة إلي وجود الهيئة القومية والاستشعار من البعد، وعلوم الفضاء، وغيرها من مصالح وهيئات تدق - قطعا - ناقوس الخطر، وتلفتُ إلي مكمن الداء، لكنْ لسانُ حالها يقول :

لقد أسمعتَ لو ناديت حيا ... ولكن لا حياة لمن تنادي !

ولو اعتبرنا - يا سادة - الخطأ كارثة، فإن تبريره كارثةٌ أكبر، وتصرفٌ غير مقبول من أي مسؤول فضلا عن بعض الإعلاميين، الذين لبسوا روب المحاماة، وانطلقوا يفتشون عن ثغرات تبرئ ساحة الحكومة، وتمنع من إلقاء اللائمة عليها، علما بأنها المسئول الأول والوحيد عن تلك المشكلة السخيفة، التي تضاربت الأقوالُ حول موعد حلها !

ولنتفادي البكاء علي اللبن المسكوب، تعالوا  سويا، نفكر في حلٍ يُخفف من سخط المواطنين، يقوم علي خروج تصريح رسمي يُحدد موعدا دقيقا لإنهاء تلك الأزمة، ووضع خطة محكمة لتخفيف أحمال الكهرباء، تتساوي فيها جميع المناطق، والمدن دون أن يكون هناك (خيار وفقوس)، فالمساواة في الظلم عدل، مع تحديد مواعيد انقطاع التيار، وعدم تقديمها أو تأخيرها ولو لمجرد ثانية واحدة؛ ليوفق الناسُ أوضاعهم مع فترة الانقطاع بتقديم أو تأخير أشغالهم المرتبطة بالكهرباء، وتفادي فترات ذروة الحرارة، وقبل أو بعد هذا كله لابد أن تعمل الحكومة علي قدم وساق؛ لتفادي الأزمات القادمة، التي تجعلها - وبكل أسف - كغريق في (شِبر ميه) .
---------------------------
بقلم: صبري الموجي

مقالات اخرى للكاتب

جزاء سنمار !