16 - 08 - 2024

إن لم يكن الآن.. فمتى يحين وقت إقالة الحكومة!

إن لم يكن الآن.. فمتى يحين وقت إقالة الحكومة!

مقياس نجاح أي حكومة واستمرارها هو التعامل الواعي مع ما تفرضه المرحلة من تحديات؛ وحسن إدارة إمكانيات الدولة ومقدرتها؛ وترتيب الأولويات مع ما يتفق وهذه الامكانيات لتصب في صالح المواطن على المدى القصير والطويل؛ وتخفيف الضغط على المواطنين سعيا لتحقيق الرضا العام.

وهذا الرضا له طرق و وسائل عدة؛ فقد يتأتى من الرفاهية وارتفاع الدخول وتوفر الخدمات بجودة عالية وتكلفة لا تذكر مقارنة بالدخل؛ كما دول الخليج؛ وهو ما لم تستطع مصر تطبيقه لقلة الموارد مقارنة بتعداد السكان الذي لم يستثمر إيجابيا بعد.

أو اللجوء لتطبيق معايير عالية من إشعار الفرد بقيمته ومراعاة رأيه وحرية اختياره ؛ وتطبيق نظم ديمقراطية تحافظ على حقوق وحريات وتداول سلطة ورفاه؛ كما في دول مسماه "الغرب"؛ وهو ما لم تصل له مصر في ظل سياقات سياسية واجتماعية تقف عائقا ولا أقول حائط صد!

ليأتي نمط أخر يناسب الظرف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ويحقق الحد الأدنى من الحقوق ويضمن الرضا؛ وهو من البديهيات الذي يتمثل في حسن الإدارة مع التشاركية والمشاركة.

وتعتبر الثانية معيارا لا غنى عنه؛ كما أنه جزء من حسن الإدارة؛ وتطبيقه ليس ضربا من الخيال؛ ولا بعيدا عن الواقع المصري؛ الذي استدعى الشعب في أحلك الظروف اسوئها؛ فكان أن عبرتها دون تملل أو ضجر؛ ولعل تحديات ما بعد 30 يونيه؛ من مواجهة إرهاب وقرارات إقتصادية صعبة، مع تحمل الشعب واستمرار رضاه نموذجا دالا.. لمن يملك نظرا وعقلا.

مع كامل التقدير لما قامت به حكومة الدكتور "مصطفى مدبولي"؛ وتحملها العبء والمسئولية في ظل أوضاع استثنائية قاسية التحديات فإن الوقت قد حان لتغيرها؛ فقد مرت السنون وتغيرت التحديات ما يفرض تغير في الأولويات ومنفذيها.

فإدارة أزمة الكهرباء نموذج دال على انتهاء صلاحية هذه الحكومة وفشلها؛ نعم فشل عبر عنه ما أسماه رئيس الحكومة (أزمة)؛ لكنه لم يتعامل معها بما تستدعيه الأزمة من سرعة ومرونة وتخطيط؛ وضاعف الخطأ تراجع المواطن على أجندة حكومة؛ مفترض أنها تعمل لدى الشعب وليس العكس.

ففي ظل درجات حرارة هي الأعلى على مدار التاريخ؛ اختارت الحكومة الاستمرار في ضخ الغاز للخارج بنفس النسب السابقة؛ على الرغم من تراجع الانتاج المحلي بنسبة تقترب من 20٪؜؛ ليكون انقطاع الكهرباء؛ او (تخيف الأحمال) هو الحل الذي ارتاته الحكومة المنعزلة عن الشارع سياسيا وشعوريا.

أزمة الكهرباء ليست الأولى، وقد يراها البعض ليست كافية لإقالة الحكومة؛ ولن أرد بأن خطأ في اتخاذ قرار يؤثر او يمس فئة من الشعب كفيل باستقالة أو إقالة المسئول؛ ناهيكم عن سوء إدارة وأزمات متعاقبة مست الغالبية ولم تجد لها حلول.

فقد سبقها أزمة ديون؛ وازمة عملة صعبة؛ ومشروعات لم تراع أوليات المواطن ولا احتياجاته الاساسية؛ وغلاء بثلاثة واربعة وستة أضعاف عن السعر قبل قرار تحرير الصرف في 2016.. لم يوازيه انتاج ولا زيادة مدخلات إلا بزبادة الضرائب في وقت يتطلب التدخل لتخفيف العبء.

أزمة تتلو أخرى؛ دون حلول؛ ولن أخوض في جدوى الطرق والكباري والتوسع فيها بهذه الهستريا؛ ولا مشاريع البنية التحية التي قد تفيد مستقبلا؛ وباقرار أن ذلك تحقق فعلا؛ وأن حكومة الدكتور مصطفى مدبولي انجزته؛ فقد صار لزاما النظر للتداعيات؛ وما خلفته من أزمة اقتصادية خانقة وغضب شعبي وصل منتهاه!

فتكون قرارات الحكومة من عينة قطع الكهرباء؛ ورفع الفائدة بنسب مقلقة؛ واللهث وراء الدولار دون السؤال عن مصدره ما يحولها من ممثل لدولة عريقة  إلى متعهد غسيل أموال؛ كحال بلاد قدمت الخبز على القيمة..!

أخطأت الحكومة في الإدارة أولا؛ وها هي تذنب في التعامل مع التبعات؛ ولو كنت مكان رئيسها لتقدمت بالإستقالة؛ وبما أنه لم يحدث فإن السؤال إن لم يكن الآن فمتى يتخذ قرار الإقالة؟!

فمصر مقبلة على استحقاقات انتخابية؛ تستدعي تشكيل حكومة جديدة تشعر بالشعب وتقدم أولوياته وتتميز بالحس والأفق السياسي؛ وتعيد بناء جسور الثقة بينها وبين الشارع وتتخذ منه ظهيرا وشريكا؛ أم أن الانتخابات ستتم بمعزل عن الرأي العام الغاضب الناقم..!

------------------------------

بقلم: سوزان حرفي

مقالات اخرى للكاتب

إن لم يكن الآن.. فمتى يحين وقت إقالة الحكومة!