16 - 08 - 2024

حين تكون المصارحة حلا

حين تكون المصارحة حلا

يبحث أغلب البشر عن الأخبار التي تبعث البهجة في النفوس ويهربون من الأخبار التي تسبب القلق والخوف من المستقبل، ولكن علي أرض الواقع تتواري البهجة كثيرا أمام تقلبات إقتصادية وسياسية تسود العالم و تؤثر في أساسيات الحياة ومتطلباتها الضرورية، وتجعل معرفة الحقيقة ضروره لابد منها مهما كانت مؤلمة، لذلك تكون المصارحة بالحقائق جالبة للثقة في القدرة علي مواجهة الواقع وتحمل تبعاته.

في بلادنا تتحول بيانات المسئولين عند الأزمات، والتي يجب أن تصحح المعلومات أو تنفي الشائعات، إلي بيانات للتذكير بالإنجازات أو لوم للشعب بسبب الزيادة السكانية وزيادة الإحتياجات اليومية، وهذه بالتأكيد ليست المصارحة التي يحتاجها الناس.

حين تقرأ خبرا عن إجتماع وزير الكهرباء مع وزير البترول والثروة المعدنية لبحث أزمة انقطاع التيار الكهربائي ووضع حلول جذرية وسريعة لإنهاء أزمة الانقطاعات الناتجة عن نقص الوقود، لابد أن تسأل عن ماهية هذه الحلول وعن خطة تخفيف الأعباء على المواطنين في ظل الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، ولماذا تعاني محطات الكهرباء من نقص إمدادات الغاز بينما حققت مصر معدلات مرتفعة في إنتاجه، وكان التساؤل الأبرز لدى الجميع هو  كيف تنقطع الكهرباء في مصر بتلك الصورة بعد تنفيذ محطات عملاقة لتوليد الكهرباء تكلفت مليارات الجنيهات، وبعد أن حققت البلاد الاكتفاء الذاتي من الغاز، بل أنها صدرت الفائض أيضا؟

المعروف أن عام ٢٠١٤ شهد تشييد  محطات كهرباء كبرى نجحت في زيادة قدرة الطاقة المولدة بالشبكة القومية الموحدة بين عامي٢٠٢٠ و ٢٠٢١ إلى٥٩.٥ الف ميجاوات، وبلغت كمية الطاقة الكهربائية المولدة نحو٢٠٤.٨ مليار كيلو وآت في الساعة من كافة مصادر الإنتاج.

وفي بيانات الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء حول أزمة إنقطاع الكهرباء أعلن بدء تخفيف أحمال الكهرباء نتيجة للموجة الحارة الشديدة التي تشهدها مصر حالياً، قائلاً أن "استهلاك الكهرباء في مصر زاد بصورة كبيرة، ما انعكس أيضاً على زيادة حجم استهلاك الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء، وإحداث ضغط شديد على الشبكات الخاصة به، ما أدى إلى انخفاض ضغوط الغاز في الشبكات الموصلة لمحطات الكهرباء"،

كما قال مؤخرا أنه لولا ماتم إنجازه من محطات كهرباء في الأعوام الأخيره ماكانت الكهرباء سوف تصل للناس سوي ثلاث ساعات يوميا!

وهذا الكلام في الحقيقة غير مقنع لعدة أسباب، أولها أن عدد السكان معروف مسبقا ولم يفاجئ الحكومه مثلا فيعجزها عن تدبير الإحتياجات اللازمه من الكهرباء، وأي حكومة في العالم بالمناسبة لا تستخدم زيادة السكان لتبرير كل شيئ كما تفعل حكومتنا، السبب الثاني لعدم الاقتناع بمبررات رئيس الوزراء أن تصريحات الحكومة نفسها طوال سنوات كانت تبشرنا بزيادة إنتاجها من الطاقة الكهربية والغاز، فماذا حدث فجأة؟! 

ولاشك أن الموجة الحارة التي تجتاح مناطق عديدة في العالم أدت إلي زيادة الأحمال وقطع الكهرباء ، ولاشك أيضا أن تغير المناخ وزيادة درجة حرارة الأرض له تأثير رئيسي في ذلك، وكانت التحذيرات منه طوال العامين الماضيين تملأ الدنيا قبل قمة المناخ وبعدها، ورغم ذلك تفوقنا علي العالم كله في قطع الأشجار التي توفر الظل، وتوانينا عن التوسع في إستخدام الطاقة الشمسية كحل بديل لمصادر الطاقة المكلفة.

   كان يجب أن يكون هناك  مصارحة بالأسباب التي أدت إلي هذه النتائج رغم ماتحقق من زيادة في محطات الكهرباء وإنتاج الغاز، فقد تحمل هذه المصارحة المطلوبة بعضا من الحل لمراجعة مافات وتصحيح مسار ماهو آت ، أو علي الأقل تعيد الثقه في تصريحات الحكومه وتبريراتها.
------------------------------
بقلم: هبه عمر
من المشهد الأسبوعية

مقالات اخرى للكاتب

حين تكون المصارحة حلا