27 - 12 - 2024

مرشحون لرئاسة الجمهورية .. قليلهم جاد وكثيرهم "مضحك"

مرشحون لرئاسة الجمهورية .. قليلهم جاد وكثيرهم

مبكرا عن المرات السابقة بدأت الاستعدادات في مصر لانتخابات الرئاسة لعام 2024، وهي الانتخابات التي يرجح أن يخوضها الرئيس عبد الفتاح السيسي ليختتم مدته الرئاسية لعام 2030، ما لم يعدل الدستور الحالي قبل هذا التاريخ

ورغم أنه لم يصدر أي تصريح رسمي عن الرئيس أو مؤسسة الرئاسة حول عزم الرئيس السيسي إعادة ترشحه، فإن الدلائل كلها تشير إلى إقدامه على ذلك، خاصة أن كافة الأحاديث الجارية في كواليس المعارضة عن الدفع بمرشح قوى أمامه لم يصدر بشأنها نفي رسمي، كما لم يصدر نفي لنية الرئيس في تجديد ترشحه

لكن كان اللافت في الأمر هو انتشار ظاهرة مرشحي رئاسة الجمهورية "الفالصو" داخل مصر، وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد خاصة وأن هذه الظاهرة انتشرت أيام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في انتخابات 7 سبتمبر عام 2005 وصولا إلى انتخابات 2018 والانتخابات الوشيكة ، مع استثناءات بالطبع كما في حالة أيمن نور (2005) وحمدين صباحي (2014).

 وكان أبرز ما شهدته الحملة الانتخابية لرئاسة مصر فى عهد الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك هو التصريح الصادر عن أحد رؤساء أحزاب المعارضة المرشح منافسا للرئيس مبارك على مقعد الرئاسة الذي اعتبر أن الرئيس أولى منه بالمنصب وأكد أنه "سيتنازل له عن المنصب فيما لو فاز لاقدر الله"

وجاءت تصريحات المرشح وقتها لتثير مزيدا من الشكوك حول جدية الحملة الانتخابية الأولى من نوعها التي تشهدها مصر على منصب الرئاسة، بعد أن رصدت تقارير حقوقية تجاوزات وقعت فيها حملة الرئيس الراحل مبارك المتهم باختيار منافسيه من بين أحزاب المعارضة عديمة الشعبية لإجراء "تمثيلية انتخابية" غير حقيقية، وقالت تلك التقارير إن وسائل الإعلام الحكومية سجلت انحيازا واضحا لمرشح الحزب الحاكم الأمر الذي يطعن في عدالة وتكافؤ السباق الانتخابي.

ووقتها سعت حملة الرئيس المخلوع إلى تهدئة تلك المخاوف باتخاذ قرار يقضي بامتناع الرئيس عن افتتاح أية مشروعات خلال اسبوعين لحين انتهاء الانتخابات الرئاسية التى تمت 7 سبتمبر لعام 2005، وأكدت الحملة على إنه سيحرص على عدم المشاركة في أية أنشطة محلية خلال هذه الفترة، وسيقتصر نشاطه على اللقاءات الدولية الرسمية واستقباله شخصيات تقوم بزيارة إلى مصر والمنطقة في ذلك التوقيت لضمان عدم حصوله على تغطية إعلامية أوسع.

أحمد الصباحي 

رصدت الصحف الأجنبية فى ذلك التوقيت تقارير عديدة حول  تطورات السباق الانتخابي في مصر، حيث سجلت أول ظهور إعلامي لافت لأحمد الصباحي مرشح حزب الأمة فى ذلك التوقيت لمقعد رئاسة الجمهورية والتي أدلى فيها بتصريحات مثيرة للجدل قال فيها إنه سيتنازل فوراً للرئيس حسني مبارك حال فوزه في هذه الانتخابات

وقال الصباحي الذى كان رئيس حزب الأمة فى ذلك التوقيت إنه لا يرى نفسه منافساً لمبارك في هذه الانتخابات ولكنه مشارك من أجل تدعيم الديمقراطية وإثراء التجربة، موضحاً أنه سيتنازل فوراً لمبارك إذا لا قدر الله وفاز وذلك لأنه الأقدر والأكفأ على قيادة مصر، ونجاح مبارك هو نجاح له شخصياً

أيمن نور 

فى انتخابات 2005 ذاتها، رشح أيمن نور، زعيم حزب الغد الليبرالي المعارض، نفسه أمام مبارك وحرص على تقديم أوراق ترشيحه مبكرا على أمل أن يتصدر اسمه قائمة المرشحين لكن لم يحالفه الحظ ، وكان قد صرح في ذلك التوقيت أنه وصل إلى مقر اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية التي تتلقى طلبات الترشيح فور فتح أبوابها، لكنه لم يحصل على أي وعد بأن تكتب أسماء المرشحين طبقا لأولوية تقديم الطلبات أو حتى طبقا للترتيب الأبجدي حتي يجيء اسمه قبل اسم مبارك في هذه الحالة أيضا.

وتقاطع بعض الأحزاب الكبرى ومنها حزب التجمع اليساري، والحزب العربي الديمقراطي الناصري، انتخابات الرئاسة في ذلك التوقيت على أساس أن السلطات المصرية لم تقدم ضمانات كافية لكي تجيء الانتخابات حرة ونزيهة

وفي انتخابات 2005 اتهم تقرير حقوقي مصري وسائل الإعلام الحكومية "المملوكة للدولة" بعدم الحياد في تغطية أخبار المرشحين العشرة المتنافسين في الانتخابات الرئاسية المصرية، مؤكداً انحياز الصحف والقنوات التلفزيونية الحكومية للرئيس حسني مبارك على حساب المرشحين الآخري، ورصد التقرير أداء وسائل الإعلام المملوكة للدولة والمستقلة خلال الأسبوع الأول للحملة الانتخابية لرئاسة الجمهورية فى عام 2005 والتي بدأت في 17 أغسطس حتى 23 من نفس الشهر، وتناول التقرير أداء 4 قنوات تلفزيونية حكومية "الأولى والثانية والثالثة والنيل للأخبار" وقناتين مستقلتين "دريم والمحور" و17 صحيفة مملوكة للدولة ومستقلة ، وكشف التقرير انحياز القنوات التلفزيونية، مشيراً إلى أن القناة الثالثة خصصت 59% من المساحة الإعلامية المخصصة لانتخابات الرئاسة للرئيس مبارك منها 40% بصفته مرشحاً و19% بصفته رئيساً، في حين حصل الدكتور نعمان جمعة مرشح حزب الوفد على 8% فقط، وتفاوتت نسب المساحة المخصصة لباقي المرشحين.

أما القناة الثانية فقد خصصت لمبارك 42% من المساحة الإعلامية منها 40% كمرشح و2% كرئيس، بينما حصل كل من نعمان جمعة مرشح الوفد وممدوح قناوي مرشح الحزب الدستوري الحر على 11% وأيمن نور مرشح الغد على 7%

وخصصت القناة الأولى لمبارك 23% من المساحة منها 20% كمرشح و3% كرئيس، وقناة النيل للأخبار خصصت للرئيس المصري 24% منها 22% كمرشح و2% كرئيس.

وكانت المفاجأة في القناتين الخاصتين حيث حظي مرشح الحزب الحاكم فى ذلك التوقيت "مبارك" في قناة دريم2 على تغطية بنسبة 58% مقابل 42% لبقية المرشحين مجتمعين، بينما خصصت له قناة المحور نسبة 50% منها 47% كمرشح و3% كرئيس

وبالنسبة للصحف المطبوعة أشار التقرير إلى انحيازها الواضح لمرشح الحزب الوطني الحاكم "مبارك" والذي بلغ أقصاهحسب التقرير في صحيفتي المساء والجمهورية التي خصصت لمبارك 79% من المساحة المخصصة للمرشحين في حين خصته الأهرام بـ71% والأخبار 64% وأخبار اليوم 62% والأهرام المسائي 75% ومجلة روزاليوسف 67% وصحيفة روزاليوسف اليومية " صدرت خصيصاً لتغطية الحملة الانتخابية" 59% ومجلة أكتوبر76 %.

محمد مرسي

بعد قيام ثور 25 يناير ظهرت تسمية المرشح "الأستبن" بدلاً من المرشح "الفالصو" ، وذلك للسخرية من محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان للرئاسة بعدما خاض معركة الانتخابات الرئاسية بدلا من خيرت الشاطر، برامج التليفزيون أيضا والعديد من الصحف التي تختلف مع الإخوان أطلقت على المرشح اسم "استبن" في سخرية شديدة من المرشح الذي تدفع به جماعة الإخوان، وتعلق عليه الآمال لتنفيذ المشروع النهضوي الخاص بها.

ومع ذلك كانت انتخابات عام 2012 هي الأكثر جدية ونزاهة وشفافية على امتداد تاريخ الانتخابات الرئاسية في مصر.

أما السياسي البارز وزعيم التيار الشعبي حمدين صباحي فقد ترشح فى انتخابات عام 2014  وكان لافتا أنه بحسب النتائج الرسمية لم يحصل حتى على مليون صوت ، رغم أنه حل ثالثا في الانتخابات التي سبقتها بعامين في شهر يونيو عام 2012 وخرج من الجولة الأولى بعد حصوله على أربعة ملايين و820 ألف صوت، بنسبة 20.7% من جملة المصوتين البالغ عددهم 23 مليوناً و672 ألف مواطن.

انتخابات 2018 

فى انتخابات 2018 ظهر موسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد، الذى خاض الانتخابات في مواجهة الرئيس عبدالفتاح السيسي وصرح بأن زوجته ستنتخب الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأنه يري أن الرئيس هو الأنسب فى تلك المرحلة، وحصل موسى فى ذلك التوقيت على 656 ألف صوت بنسبة 2.9 بالمئة من الأصوات الصحيحة ، وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات فوز الرئيس السيسي بنسبة 97.08 بالمئة من إجمالي الأصوات الصحيحة. وبلغت نسبة الإقبال 41%، من إجمالي عدد الناخبين المقيدين الذي يصل إلى 59 مليون و78 ألفا، وشهدت الانتخابات نسبة قياسية من الأصوات الباطلة بمجموع مليون و762 ألف صوتا وبنسبة تتجاوز 7 بالمئة من إجمالي أصوات الحضور.

وبدأت بشائر انتخابات عام 2024 مبكراً، فالحديث ما زال قائما بشكل متواتر عن تقديم المعارضة ما يسميه البعض بـ"المرشح المفاجأة "، ورغم دلائل تشير إلى نية مساندة أحمد الطنطاوى رئيس حزب الكرامة وأحد نواب البرلمان السابق في تلك الانتخابات، ولن تشهد الانتخابات على الأرجح تكرار بروز مرشح ينتمي للمؤسسة العسكرية، كما حدث عام 2018 عندما عزم الفريق سامي عنان على الترشح ، وهو ما أثار ردود فعل كثيرة من السلطة التي أحالته للتحقيق لأسباب أعلن أنها فنية صرفة.

يعتقد البعض أن ما حدث فى انتخابات 2018 من الممكن أن يتكرر عبر ظهور مرشح أشبه بالدوبلير "البديل في السينما" أو الممثل المغمور، فمن الطريف أن الدكتور عبد السند يمامة، رئيس حزب الوفد الذى قرر خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2024، أعلن تأييده للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ، ورغم حديثه عن اختياره من قبل الهيئة العليا لحزب الوفد لخوض الانتخابات لكنه يواجه أزمة داخل الحزب، بعدما أعلن فؤاد بدراوي السكرتير العام الأسبق وعضو الهيئة العليا عن عزمه الترشح في الانتخابات داعيًا الهيئة الوفدية للاختيار بينه وبين رئيس الحزب.

ورغم أن هناك تيارا ليس هامشيا يرفض المشاركة، ويعتزم الدعوة لمقاطعة الانتخابات، على اعتبار أنه لا أمل في إجراء انتخابات في ظل أجواء الإغلاق المحكم للمجال العام في مصر، وأن ذلك يجعل أية انتخابات بمثابة مسرحية لتلميع وجه السلطة في الداخل والخارج، فإن كثيرين آخرين يعتزمون المشاركة من قبيل عدم ترك الساحة فارغة، حتى لو كانت النتيجة معروفة ابتداء، فقد أعلن حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري قبوله تكليف الهيئة العليا للحزب، بالترشح للمنصب، وقرر الحزب تشكيل أمانة خاصة مؤقتة تختص بالمتابعة والإشراف على الشؤون التنظيمية والمالية والإدارية وشئون الدعاية والتغطية الصحفية والإعلامية للحملة الانتخابية الرئاسية لمرشح الحزب الرئاسي

كما أعلن تيار الاستقلال قراره بترشيح المستشار أحمد الفضالي رئيس التيار ورئيس حزب السلام الديمقراطي ورئيس هيئة الشبان العالمية لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة

وكان حزب المحافظين قد طالب بترشح المهندس أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين لرئاسة الجمهورية لعام 2024 لكنه لم يحسم موقفه حتي الآن لعدم وجود ضمانات حقيقية لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهناك أقاويل عن نية ترشح رئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل في حال تحقق نفس الشرط. وبالطبع كان النائب السابق أحمد الطنطاوي أول من أعلن نيته الترشح وبدأ في استعدادات فعلية ، غير أنه يشكو من التضييق على تحركاته والمخاوف من تعرض أنصاره للمتاعب.
---------------------------------------
تحقيق: بسمة رمضان
من المشهد الأسبوعية