26 - 06 - 2024

إبراهيم عبدالمجيد للمشهد: وضع الفنون المرئية في مصر الآن مؤسف بعد إخضاعها لاحتكار شركة واحدة

إبراهيم عبدالمجيد للمشهد: وضع الفنون المرئية في مصر الآن مؤسف بعد إخضاعها لاحتكار شركة واحدة

- ذاكرتي هي النسيان وتظل القصة والرواية هي الأقرب إلى روحي فما أنا إلا قصص ورواية لم تكتمل.
- المدرسة السبب الأول في اكتشاف موهبتي في الكتابة والإبداع ابن الهزائم والآلام أكثر مما هو ابن الراحة والسعادة.
- قراءتي لنجيب محفوظ كانت السبب في دراستي للفلسفة ولم يأت الأمر مصادفة
- ما زلنا في انتظار من يدرس الكتابة بعد ثورة يناير ليوضح ملامحها الفنية الجديدة.
- حاولت أن أمسك بروح كل زمن في رواياتي عن الإسكندرية والباحثون أحرار في نظرتهم لأعمالي.
- المشهد السردي والإبداعي في مصر جميل وإن غلبت على كثير من الروايات طريقة الحكي التقليدي.
- الحركة الشعرية في مصرية قوية وغنية وتحتاج إلى حركة نقدية تتابع منجزها.
- هناك في عالمنا العربي ومصر كثيرون جديرون بجائزة نوبل في الآداب
- الرقابة القوية جدًا تمتع ظهور أفلام ذات طابع سياسي ينتقد الأوضاع من حولنا.  
- أكثر سنوات ازدهار صناعة السينما في مصر كانت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي حين اتسعت السينما لفن الرواية.
- كل الجوائز محببة إلى قلبي فلقد كانت كالغيث الروحي والمادي في زمن صعب.
- بعد الانتهاء من عمل أدبي أدخل في منطقة الضياع والعدم حتى يفتح الله على بعمل آخر يأتي به اللاشعور.

يحظى الكاتب المصري إبراهيم عبدالمجيد (1946م) بمكانة كبيرة في الأدب العربي حيث ترجمت أعماله إلى عدة لغات مثل الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وتحولت بعضها إلى شاشات السينما والتلفزيون وحظي بمجموعة من الجوائز المهمة التي قلما يحصل عليه أديب مجتمعة مثل جائزة نجيب محفوظ للرواية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن «البلدة الأخرى» عام 1996م. وجائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب لأحسن رواية عن «لا أحد ينام في الإسكندرية» عام 1996م. وجائزة الدولة للتفوق في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 2004م. وجائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 2007م. وجائزة كتارا للرواية العربية عن فئة الروايات المنشورة عن روايته «أداجيو» عام 2015م. وآخرها جائزة النيل 2022م وهي أرفع الجوائز التي تمنحها الدول المصرية لأبنائها المبدعين. قدم للمكتبة العربية العشرات من الروايات والمجموعات القصصية والمقالات الأدبية والسياسية كما أسهم بنصيب في الترجمة وكتابة المسرح والسير الذاتية الاجتماعية وفي هذا الصدد كان لصحيفة المشهد هذا الحوار معه

* كيف تكشفت موهبة الحكي لديك؟ وهل بدأت الإبداع سردًا أم كانت البداية مع الشعر؟ ومن الذين ترى لهم الفضل في بداية تلمسك لطريق الإبداع؟ وإلى أي مدى أنت مدين لهم في هذا المجال؟ ولماذا؟

- كانت المدرسة هي السبب الأول. لقد التحقت بالتعليم الابتدائي عام 1952، وكانت المدارس متسعة بها ملاعب للكرة، والكرة الطائرة وكرة السلة والجمباز، والفصل الدراسي لا يزيد عن عشرين تلميذًا، وكانت بها جماعات للموسيقي والتمثيل والشعر والرحلات والكشافة وغيرها. كانت هناك ساعتان للقراءة الحرة في المكتبة يختار فيها كل تلميذ ما يعجبه ليقرأه. كانت مدرسة القباري الابتدائية بحي القباري تأخذنا في رحلة كل أسبوع لسينما فريال، وثمن الرحلة ثلاثة قروش رغم أن سعر التذكرة كان تسعة قروش، فقد كانت سينما من الدرجة الأولي. كنت محبًا للسينما مجنونًا بها وأوضحت ذلك في كتابي "أنا والسينما"

من السينما عرفت أن الأفلام مأخوذة عن روايات وملاحم. ومن القراءة الحرة قرأت روايات للفتيان حين كنت في الثالثة عشر من عمري. حدث أن كنت أقرأ في رواية بعنوان «الصياد التائه» لمحمد سعيد العريان، فيها يتوه الصياد في الصحراء ويبحثون عنه. وذلك في مدرستي«طاهر بك» الإعدادية بالورديان، وكانت مثل مدرستي الابتدائية في النشاط الثقافي والرياضي. أبكتني القصة فرآني أمين المكتبة وجاء يسألني لماذا أبكي؟ قلت له الصياد ضاع، فقال لي هذه ليست حقيقة يا إبراهيم، هي قصة من تأليف الكاتب. أحسست بميل كبير للتأليف وبدأت كلما قرأت قصة أحاول أن أؤلف مثلها. انجذبت للتأليف بقوة.

لم يشجعني أحد

اتسعت القراءة فشملت الشعر وكتبه، لكن وجدت ضرورة فهم العروض والوزن وقرأت فيها، والحقيقة لم أفهمها، فتوقفت عن الشعر وظللت أكتب القصص لنفسي. لم يكن لأحد دور في تشجيعي لسبب بسيط جدا، هو أن الوقت متسع للقراءة والمذاكرةـ والنجاح في الدراسة سهل ودائما كنت من المتفوقين. حدث وأنا في المرحلة الإعدادية أن فزت بالمركز الأول على الفصل، فأهدوني في عيد العلم ثلاثة أعداد من مجلة المقتطف القديمة التي كان يرأس تحريرها شبلي شميل في بدايات القرن العشرين، وكتابا لطه حسين ومؤلف آخر نسيت اسمه عن الأدب العربي القديم. قرأت فيها فعرفت أسماء لم أعرفها من الفلاسفة والأدباء.

هذا قاص موهوب

اتسعت القراءة بقوة وظللت أكتب روايات وقصص لنفسي، حتى حضرت محاضرة للدكتور محمد مندور في قصر ثقافة الحرية – قصر الإبداع الآن– كانت عن المذاهب الأدبية. عرفت أن للأدب تاريخا ومذاهب واتجاهات، فاندفعت اقرأ في تاريخ الأدب وتوقفت عن الكتابة الساذجة، ثم بدأت أكتب وأنا أفكر أن أكون مختلفا فاهمًا لمعنى البناء الفني. اشتركت في مسابقة للقصة القصيرة بنادي القصة بالإسكندرية وكانت على مستوى الجمهورية، ففزت بالجائزة الأولى، وتم نشرها كاملة في جريدة أخبار اليوم مع مقدمة لمحمود تيمور بعنوان «هذا قصاص موهوب». شعرت أني امتلكت العالم وبدأت أنشر في مجلات القاهرة مرسلا ما أكتبه بالبريد، حتى انتهيت من التعليم الجامعي وجئت لأعيش بالقاهرة. 

* هل لك طقوس معينة في الكاتبة واستحضار الإلهام؟

- طقوسي بسيطة جدًا. غرفة مكتبي مضاءة بلمبات بيضاء، وأسمع الموسيقي الكلاسيك أثناء الكتابة تحملني إلى الفضاء، وأكتب بعد منتصف الليل فأشعر أني وحدي في الكون، ولا أكتب عمدًا أو قاصدًا. أنا أرى الكثير في الحياة أتركه يذهب إلى اللاشعور، مدركًا أنه سيأتي منه يومًا حين أريد. ذاكرتي هي النسيان. لم أخطط لرواية، ولم أؤمن بكلمة مشروع للروائي، ولم أحتفظ بأجندة أسجل فيها ما يقابلني أو أراه. ما يأتي به اللاشعور استجيب له.

* حصلت على الليسانس من قسم الفلسفة مثلما هو الحال مع الكاتب الكبير نجيب محفوظ فهل هذا الأمر جاء مصادفة؟ وما دوافعك لدراسة الفلسفة؟

- لم يكن مصادفة. قراءتي لنجيب محفوظ وقراءتي عنه كانت السبب. قلت فلأكن مثله وأدرس الفلسفة، لأعرف ماوراء العالم. 

* رأيت شيئًا من الحقبة الناصرية ثم الساداتية والمباركية والآن هل لاحظت ثمة اختلاف في السرد المصري بين حقبة وأخرى؟ أو صعود نوع أدبي على حساب آخر؟ وما سبب ذلك من وجهة نظرك؟

- هذا موضوع كبير يحتاج إلى دراسة متأنية، لكن أهم ملاحظة أنه بعد هزيمة 1967 راجت القصة القصيرة أكثر من الرواية. وفي السبعينات بدأ رواج الرواية. في كل الأحوال هناك من يحكي، وهناك من يغامر في شكل الكتابة، وأنا مع النوع الثاني، فليس مهما ما تكتب، لكن المهم كيف تكتب. السبب في ذلك أن تاريخ الأدب والفن هو تاريخ التجديد في شكل الكتابة، فالكلاسيكية غير الرومانتيكية غير الواقعية غير الواقعية الجديدة وهكذا، ووراء كل منها فلسفة في رؤية العالم. الذين كتبوا في عصر عبد الناصر تميز منهم المغامرون في الشكل الأدبي مثل يوسف دريس ويوسف الشاروني، ونجيب محفوظ الذي توقف عن الكتابة ليكتب بسرد آخر وموضوعات أخرى رواية «أولاد حارتنا» عام 1959. تغير شكل الكتابة لا يرتبط بالرؤساء، لكن بالأحداث الكبري. فبعد ثوة 1919 بدأت كتابة جديدة، وبعد الحرب العالمية الثانية، وبعد هزيمة 1967، والآن مع التغيرات التقنية في العالم كتابة أخرى. وأعتقد أننا لازلنا في انتظار من يدرس الكتابة بعد ثورة يناير، ويوضح ملامحها الفنية الجديدة.

* تدرس الروايات الآن في أقسام التاريخ لما لها دلالة مهمة اجتماعية وسياسية وثقافية على السياق الذي كتبت فيه فهل ترى أن أعمالك قد أرخت للإسكندرية التي اختفت بشكل غير مقصود؟

- لا تعليق لي على الدراسات للأدب. الأدب يمكن دراسته من زوايا عديدة. قبل أن أكتب رواية «لا أحد ينام في الاسكندرية» التي يعتبرها النقاد رواية تاريخية كنت كتبت ثلاث روايات صغيرة من وحي الإسكندرية هي «الصياد واليمام» و«ليلة العشق والدم» و«بيت الياسمين». أنا لا أضع في ذهني تأريخا للمدينة، لكن تطاردني حياة الذين عرفتهم، وتستبد بي رغبة التعبير عن المكان الذي تقريبًا قد ضاع. حين بدأت كتابة رواية «لا أحد ينام في الاسكندرية» كان السبب الذي حملته في روحي منذ الطفولة، هو حكايات أبي وأمي عن الحرب العالمية الثانية. لقد حاولت في الرواية أن أمسك بروح ذلك العصر حين كانت الإسكندرية مدينة العالم. بعد أن انتهيت منها أدركت أنها لم تعد كذلك منذ الخمسينات، حين بدأت سياسة الدولة في طرد الجاليات الأجنبية، من أرمن وأكراد ويونانيين وإيطاليين ويهود وغيرهم. صارت مدينة مصرية، فكتبت رواية «طيور العنبر» عن ذلك الزمن.

بعد أن انتهيت منها نظرت حولي وأدركت أن الإسكندرية لم تعد عالمية ولا مصرية. صارت سلفية رجعية وهابية فكتبت رواية «الإسكندرية في غيمة». ينظر الباحثون إلى ما أكتب باعتباره شواهد تاريخية فهم أحرار، ويسعدني ما يكتبون، لكن أنا حاولت أن أمسك بروح كل زمن.

* في الفترة الأخيرة لجأ كثير من الكتاب إلى الرواية التاريخية والفنتازية والصوفية وبعدت عن الأعمال الواقعية كيف تفسر ذلك الأمر؟

- الهروب إلى زمان ومكان أفضل. في مثل هذه الروايات تتسع مساحة الخيال ومن ثم تجذب القارئ.

* اتخذ نجيب محفوظ من الرمز والأسطورة والحكايات الشعبية قناعًا لنقد الواقع السياسي والتعبير بحرية عما يريد قوله داخل الروايات ولا يستطيع الجهر به في حياته؟ فهل يلجأ الأدباء إلى ذلك القناع والخطاب المضمر بسبب التضييق على الحريات أم لأسباب فنية تتعلق بطبيعة الإبداع التي تنفر من المباشرة؟ وكيف مارست ذلك الأمر داخل أعمالك الإبداعية المتنوعة؟

- قبل عام 1978 كنت منتميا مثل الكثير من الشباب وقتها إلى حزب ماركسي سري. حدث ذلك بعد هزيمة 1967 التي جعلتني أرى الخطأ الكبير في الحقبة الناصرية. وحدث أني امتلأت بالرغبة في تغيير العالم، لكن لاحظت أن ما أكتبه من قصص يغلب عليه المباشرة والرأي. كنت أتيت للعيش في القاهرة، وكانت كل حياتنا سياسة في الحديث والحركة، فانعكس ذلك على الإبداع الأدبي. كنت أمزق القصص ولا أفكر في نشرها لأني أعرف أن الفن لا علاقة له بالأفكار المباشرة. 

في عام 1978 تركت الأحزاب الشيوعية وشعرت أن حملًا كبيرًا نزل عن كاهلي. بدأت أكتب في رواية «المسافات» فإذا بي أدخل في منطقة أسطورية. صرت أهتف وجدتها وجدتها. من يومها عشت في فصام. الليل للإبداع والفن، والنهار للمقالات السياسية. الليل للروح والنهار للعقل. الإبداع مواقف وأحداث وليس أراء.

* كان الدكتور سليمان العطار رحمه الله يرى أن هناك علاقة عكسية بين تأخر بعض الأمم في ركب الحضارة وبين الإبداع الذي تنتجه، فكلما كانت الأمم أدنى درجة في سلم الحضارة كان نتاج مبدعيها أكثر قوة ونضجًا والعكس فما رأيك في تلك النظرية وإلى مدى هي صالحة لتقييم الحالة الإبداعية في الوطن العربي؟.

- والله لقد كتبت في ذلك مقالا مبكرًا جدًا ربما عام 1991م. الإبداع ابن الهزائم والألآم أكثر مما هو ابن الراحة والسعادة. وطبعا هناك استثناءات. لكن هذه الاستثناءات تأتي في العالم المتحضر من الرؤي الفلسفية للكون. هل تذكر مثلًا جمهورية أفلاطون. إنها بناء مكتمل للسعادة، لكنه منع دخول الشعراء إليها لأن الشعراء والمبدعين عموما لا يكفيهم أي اكتمال.

* كيف ترى المشهد السردي والإبداعي في مصر، وهل حدثت عملية من التجريف في هذا المشهد كما في كثير من المجالات التي جرفت أما أنه نجا بأعجوبة؟

- المشهد السردي والإبداعي في مصر جميل، وإن غلبت على كثير من الروايات طريقة الحكي التقليدي. لكن هناك أعدادا كبيرة تبدع في شكل الكتابة. والشعر الذي يقال إنه غائب موجود لكن يحتاج متابعة. الإبداع يبني لنا عالما أجمل مما حولنا لذلك يتحقق بقوة.

* هل ترى أن جائزة نوبل قريبة من الإبداع العربي في السنوات القادمة وما الأسماء التي ترى أنها جديرة بحصدها؟

- لا افهم لا أنا ولا غيري طريقة جائزة نوبل. وهناك في عالمنا العربي ومصر كثيرون جديرون بها، لكن دعني من ذكر الأسماء حتى لا أنسى أحدًا. 

* قدمت كثير من أعمالك على شاشة السينما كيف ترى العلاقة بين الأديب والشاشة الكبيرة والصغيرة، وهل ضعفت السينما المصرية بسبب عدم اعتمادها على تقديم الأعمال الروائية؟

- السينما أحد المصادر المهمة للأديب في الكتابة. من السينما يمكن أن يتعلم الإيجاز في الصورة، وكيف يكون تتابع الفصول له معنى، وغير ذلك من تقنيات الفيلم يمكن أن يفيد الكاتب. أما العلاقة بين الرواية المكتوبة مثلا والفيلم، فأمر لا يجب أن يتوقف عنده صاحب الرواية. فالسينما صورة والرواية لغة، والكاتب يُسأل عن روايته وليس عن الفيلم. العلاقة بين الرواية والسينما تاريخ منذ ظهور السينما، وقامت على الرواية أعظم الأفلام. أكثر سنوات الازدهار في مصر في صناعة السينما كانت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، حين اتسعت السينما لفن الرواية فصارت معظم الأفلام عن روايات لإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ومحمد عبد الحليم عبد الله وغيرهم. 

لقد عرفت السينما المصرية طريقها للرواية منذ فيلم «زينب» غير الناطق في بداياتها ولم تبتعد عنها، بل اعتمدت عليها كثيرًا. حتي حين ظهرت موجة المخرج المؤلف في الثمانينات وظهر مخرجون مثل داوود عبد السيد وخيري بشارة ومحمد كامل القليوبي وغيرهم اعتمد بعضهم على الرواية.

وضع مؤسف

الآن الوضع مؤسف. السينما والتليفزيون تخضعان لاحتكار شركة واحدة، والانتاج قليل جدا قياسًا على ما قبل، فلا تزيد الأفلام عن خمسة عشر فيلما، بينما كان المتوسط من قبل ستين وسبعين فيلما في العام، والأمر نفسه مع المسلسلات. أضف إلى ذلك أن الرقابة الآن قوية جدا فلا تستطيع المغامرة بفيلم سياسي مثلًا ينتقد الأوضاع من حولنا.   

* تنوعت أعمالك الإبداعية بين القصة والرواية والمسرح والمقال والسيرة والترجمة فما منبع هذا التنوع والثراء؟ وأيها أقرب إليك؟

- منبعه هو حياتي نفسها، فلقد عشت مساهمًا في العمل السياسي يومًا، فضلًا عن إحساسي الدائم بأن لديّ ما أريد أن أقوله أسرع من كتابة الرواية التي تستغرق وقتًا، فكانت المقالات الي جوار القصة القصيرة والرواية. مع الوقت أخذني الشغف لكتابة مسرحية فكتبت مسرحية واحدة بعنوان «24 ساعة قبل الحرب» عن ماذا يمكن أن يحدث لو كانت الحرب بيننا وبين اسرائيل غدًا. جاءت الترجمة تتويجًا لنشري من قبل مراجعات لكتب انجليزية قرأتها وكانت أسرع في النشر، ففكرت مرتين فقط في الترجمة الكاملة. مرة عام 1989 فترجمت كتاب «مذكرات عبد أميركي» لفريدريك دوجلاس، ومرة منذ ثلاثة أعوام فترجمت كتاب «رسائل من مصر» للوسي دوف جوردون. مستمر في القراءة بالإنجليزية جوار العربية، ولو تركت نفسي للترجمة ماكنت كتبت رواياتي وقصصي. 

السيرة

أما السيرة فطبيعي مع التقدم في العمر أن تنشر شيئا من سيرتك، لكني اخترت السيرة في الحياة الثقافية، أما السيرة في الحياة نفسها فلقد تسربت إلى رواياتي. طوال حياتي لم ألتزم بعمل حكومي، وكل عمل كاد يشغلني عن الكتابة تركته، والآن منذ خمسة عشر عاما لا ارتباط بيني وبين أي عمل حكومي حتى ولو ليوم واحد، فلقد أُحِلت إلى التقاعد عام 2006 وتوفر لديّ الوقت أكثر من ذي قبل. لكن في النهاية تظل القصة والرواية هي الأقرب الي روحي فما أنا إلا قصص ورواية لم تكتمل.

* حصدت العديد من الجوائز أي هذه الجوائز أحب إليك ولماذا؟

- لكل جائزة فرحتها. الجوائز في السنوات الأخيرة كانت خير معين لي على الحياة ورحلة المرض وتكاليفها. سعادتي بها أنها تؤكد لي أن مافعلته لم يضع هباء. وبالمناسبة في كل الجوائز لم أتقدم إليها لكن كانت دور النشر هي التي تتقدم أو هيئات ثقافية. كل الجوائز محببة إلى قلبي فلقد كانت كالغيث الروحي والمادي في زمن صعب.

* في الأخير حدثنا عن مشاريعك القادمة؟

- للأسف ليس لديّ أي مشروع. انتهيت منذ أربعة أشهر من رواية قصيرة، نوفيللا، وبعد الانتهاء من عمل أدبي أدخل في منطقة الضياع والعدم حتى يفتح الله على بعمل آخر يأتي به اللاشعور. لا أحب أن اتحدث عن عمل قيد النشر. أقرأ كثيرًا كتبا فكرية وأكتب عن بعضها محاولا جمع فتات عقلي، الذي شعرت به قد تشتت بعد رحلة المرض. وأكتب مقالات رأي أجمعها في كتب، والحمد لله يتم نشرها وتجد صدي طيبا بين القراء.
--------------------------------
حاوره: عبدالكريم الحجراوي
من المشهد الأسبوعية







اعلان