27 - 07 - 2024

ديوان جديد للشاعر كريم عبد السلام يرصد هموم "الجوعى"

ديوان جديد للشاعر كريم عبد السلام يرصد هموم

ديوان "أنا جائع يا رب"، هو الديوان السابع عشر في مسيرة الشاعر الكبير كريم عبدالسلام، الذي يعتبر أحد الأصوات البارزة في قصيدة النثر المصرية والعربية الجديدة، ويأتي بعد مسيرة حافلة ومتنوعة بالأعمال الشعرية شديدة الخصوصية والتي تمثل مسارا مختلفا يبدأ بالجماعة الإنسانية وهمومها ومعاناتها وتطلعاتها وينتهي بفتح المجال أمام الوعي الجمالي بقصيدة النثر العربية. 

ويذكر أن الشاعر كريم عبد السلام صدر له عام 2011 ديوان بعنوان " كتاب الخبز" وفيه يستعرض المكابدة اليومية للبسطاء في سبيل الحصول على رغيف العيش، وما يمثله الخبز في الذاكرة الشعبية للمصريين، وكيف أنه معادل للحياة ورابط أساسي في العلاقات الإنسانية وقيمة يتم الاستناد إليها في الحكم على الأشخاص. ومن هنا يعتبر ديوان " أنا جائع يا رب" قطعة موزاييك جديدة في جدارية الشاعر كريم عبد السلام المعنية بقضايا المهمومين والمحرومين والمهمشين والضعفاء ورصد أحوالهم ومعاناتهم ولحظاتهم القصوى في الفرح والحزن والأمل والألم.

يتضمن ديوان "أنا جائع يا رب" الصادر عن دار "الأدهم" بالقاهرة، عشرين قصيدة، في نحو 96 صفحة من القطع المتوسط، ويبدأ بقصيدة "أيها البعوض المحترم"، وينتهي بقصيدة "مدينة الحدائق المعلقة". وما بين القصيدة الافتتاحية والقصيدة الختامية سبع عشرة قصيدة قصيرة بالإضافة إلى نص طويل، يمكن اعتباره العمود الفقري للديوان أو المتن الرئيسي الذي يقوم عليه الديوان ويحمل عنوان الديوان في الوقت نفسه "أنا جائع يارب"، وهو مونولوج طويل أو مناجاة على غرار خطابات ومواقف المتصوفة مع الذات العلية بما تحمله من بث وشكوى ودعاء وتساؤلات ومحبة وصلاة وابتهال وإسرار ولجوء وعبور على كل الوسطاء بين العبد وربه.

 والديوان بقصائده العشرين، وضمنها بالطبع القصيدة الرئيسية، مفاجئ في التقاطاته وقصائده والتفاتاته، وبعيد عن التيارات والسياقات المألوفة في القصيدة العربية، فهو تنويعات على حال الجوع، بما يشير إلى هزيمة روحية وعجز عن الرؤية ونقص في ما تقوم عليه النفس حتى تقدر على مكابدة الحياة ومشاقها وتجاربها. يقول الشاعر في قصيدة "أنا جائع يا رب": "ها أنا أواصل التجوال / عسى أن تلقى بشيء من الطعام على رأسي/ ولكنك لا تنظر إليّ/ أنا لا أقصد أن أرفع صوتي /ولكن ضجيج السيارات عال من حولي / يتشاحنون ويقهقهون ويتهاتفون / زحام وأنا متعب/ زحام والغربان تنهش رأسي /زحام ولا أجد علامة/ وأنا أمشى وأنظر إليك". 

 من ناحية ثانية، يحيل الديوان والقصيدة الرئيسية فيه إلى أجواء المراثي في العهد القديم، وخاصة مراثي إرميا، بما تشير إليه من هزيمة روحية واستغاثات وشكوى وأنّات مستضعفين يطلبون المدد وهم مذهولون من واقع هزيمتهم غير المصدقة، وقد ضاقت عليهم الأرض بما رحبت. يقول كريم عبد السلام في القصيدة الرئيسية: "لا زالت السيارات تمرق حولي/ والعالم ضيق ضيق/ رأسي يصطدم بالنجوم/ ويدى تسقط في بركان/وقلبي الذي كان يتسع للجميع/ أصبح ورقة ذابلة في الخريف/ العالم حوائط ولا طريق/نفق ولا مخرج/ والناس لازالوا يسيرون ويتبادلون التحيات/فتيات جميلات عبرن أمامي مثل نسمة العصر /والسماء ملبدة/ والإذاعات تبث الأغاني /والبائعون ينادون على بضاعتهم/ لماذا لم تحولني حجرا يا رب؟ / لماذا؟".