26 - 06 - 2024

معركة التوكيلات بوابة العبور الضيقة حد الانسداد للانتخابات الرئاسية

معركة التوكيلات بوابة العبور الضيقة حد الانسداد للانتخابات الرئاسية

حشود تناصر الرئيس وصعوبات تواجه طنطاوي وتوكيلات برلمانية تضمن ترشح زهران ويمامة وحازم عمر

"ألبي اليوم نداء المصريين وعقدت العزم على خوض الانتخابات الرئاسية .. أعلن ترشحي لاستكمال الحلم في مدة رئاسية جديدة، وأعدكم بإذن الله ان تكون امتدادا لسعينا من أجل مصر وشعبها .. أدعو كل المصريين إلى المشاركة في هذا المشهد الدميقراطي ليختاروا بضميرهم الوطني من يصلح، والله يولي من يصلح، وهذه إرادة المصريين التي احترمها". هكذا أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي مساء الاثنين الماضي ترشحه للانتخابات الرئاسية التي تجري في ديسمبر في ختام فعاليات مؤتمر حكاية وطن الذي استمر لمدة 3 أيام لعرض إنجازات الدولة المصرية على مدار 9 سنوات.

المؤتمر الذي عقد بفندق الماسة بالعاصمة الجديدة ودعي إليه المئات من كبار رجال الدولة وعدد كبير من ممثلي المجتمع المصري وأطيافه المختلفة فضلا عن الخبراء والمتخصصين في شتي المجالات، لم يخل من تصريحات مثيرة للجدل وردت على لسان الرئيس واستخدمها مناوئوه لانتقاده مثل دعوة الشباب للتبرع بالدم لتحقيق "دخل محترم" وحديثه عن  سهولة هدم الدول عبر إنفاق مبلغ لايتعدى 2 مليار جنيه، لتجنيد 100 ألف يعانون ظروفا صعبة، يتظاهرون لمدة 10 أسابيع، مدللا على أن دفع 85 مليارًا من أجل نقل سكان العشوائيات مسألة أمن قومي، كذلك قوله إن المصريين لديهم فرصة للتغيير في الانتخابات الرئاسية المقبلة المزمعة في ديسمبر  المقبل. وقوله "لو كان ثمن التقدم والازدهار للأمة متأكلش وماتشربش مناكلش ومانشربش... لو كان الجهد والتنمية والتقدم ثمنه الجوع والحرمان أوعوا يا مصريين متقدموش، وأوعوا يا مصريين تقولوا ناكل أحسن".

وبدأت خارطة المرشحين المنافسين للرئيس تتضح حيث حصل ثلاثة مرشحين على توكيلات من أعضاء مجلس النواب لاجتياز العتبة الأولى من اجراءات الترشح وهم حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري وحصل على ٤٤ توكيلا وفريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الذي حصل على ٢٠ توكيلا  وعبدالسند يمامه رئيس حزب الوفد الذي حصل على٢٠ توكيلا، بينما يكافح المرشحان المحتملان أحمد الطنطاوي وجميلة إسماعيل للحصول على توكيلات شعبية تواجهها عراقيل كثيرة، فرغم الجولات التي يقوم بها الطنطاوي على مكاتب الشهر العقاري وهتافات المئات له إلا أن حملته لم تتجاوز رقما يعتد به من بين خمسة وعشرين ألف توكيل لمواطنين ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل.

الطنطاوي كان أكثر المرشحين المحتملين لفتا للانتباه بتصريحاته وتحركاته رغم صعوبة تحرير التوكيلات له، فكتب المؤرخ خالد فهمي يقول إن نجاح حملته جعلها محور الحياة السياسية في البلد وحديث الناس فيها. فالطنطاوي في رأيه يعرض نفسه بشكل عام على إنه يرى منصب رئيس الجمهورية كموظف عمومي، يقبع على رأس السلطة التنفيذية، ودوره إنه يحمي الدستور ويحترمه، وينفذ القانون ويلتزم به. وقال إن هذا ينطوي على مشكلتين أساسيتين. الأولى أن المخيلة الجمعية المصرية ترى منصب رئيس الجمهورية باعتباره القائد الملهم، وصاحب القرارات الجريئة، والرؤى الصائبة، والطنطاوي لا يبذل مجهودا كافيا لإقناعنا بالتخلى عن الصورة الذهنية للرئيس كمخلّص وكيف نتمسك به كموظف دوره إنه يخدمنا لا أن يهدينا وينورنا. كما الدساتير جعلت منصب رئيس الجمهورية مهما جدا، والطنطاوي لم يقل لنا كيف يحد من صلاحيات الرئيس دستوريا ، ولو كان ينوي الترشح طارحا فكرة محورية هي تعديل الدستور لتحديد صلاحيات الرئيس وقتها كان يكون هناك تناسق مع تأكيده على دوره كموظف وبالتالي أزمة أحمد الطنطاوي هي تعبير عن أزمة نظامنا السياسي المستفحلة.

ويؤكد خالد فهمي أن طنطاوي يتعرض لحملة شعواء تحاول منعه من الترشح، ويعرف إن القوى الإقليمية والدولية تتابع كل كلمة يقولها، وإن قطاعات كبيرة من الرأي العام تتربص بيه، وإن أجهزة الدولة العميقة تحاول منعه من الترشح، وإنه لابد أن يعمل على تطمين الشرفاء داخل أجهزة الدولة العميقة حتى يطمئنوا له.

ويؤكد فهمي أنه قرر مواصلة دعمه للطنطاوي لأنه ليس من المفروض أن يطالب برئيس تفصيل، وسبب دعمه أن الطنطاوي في الشارع يقابل الناس ويقف مع أعضاء حملته ولا يتعالى عليهم، بل ينزل في الشارع كتفه في كتفهم. ومستعد أن يسمع ويتعلم ويراجع أفكاره ومستعد أن يتعب في بناء حملة شعبية، وأنه عندما يصبح مرشحا رسميا وقتها نطالبه ببرنامج تفصيلي، ونحاسبه عليه إما بانتخابه أو بانتخاب غيره. مؤكدا أن الأمر الآن ليس معركة برنامج، ولكنها معركة توكيلات. وهذه معركتنا كلنا مش معركة الطنطاوي لوحده.

جماهيريا بدأت الاثنين مسيرات حاشدة لدعم الرئيس السيسى وواصل المواطنون توافدهم المكثف على مكاتب الشهر العقارى بالقاهرة؛ لتحرير توكيلات للرئيس عبدالفتاح السيسى وكذلك محاولة منع خصومه من تحرير التوكيلات.

ورغم شكاوى أعضاء حملة الطنطاوي وجميلة إسماعيل من المنع، أشاد مناصرون للرئيس الحالي بالإجراءات الميسرة لاستخراج التوكيلات، وتوافر مظلات خارج المقار لحمايتهم من أشعة الشمس، وكذلك مقاعد لكبار السن. وامتدت حشود المواطنين أمام مكاتب التوثيق المختلفة التابعة للشهر العقاري بالعاصمة لعشرات الأمتار، في أجواء احتفالية، مرددين هتافات مؤيدة للرئيس السيسي، وحاملين صوره مطبوعًا على خلفيتها وأسفلها العلم الوطني.

وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات برئاسة المستشار وليد حمزة قد أعلنت - في مؤتمر صحفي يوم الاثنين الماضي - الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية 2024، ودعوة الناخبين للاقتراع والتصويت بالانتخابات الرئاسية المقرر بدايتها أول ديسمبر القادم للمصريين بالخارج، ويوم 10 ديسمبر للمصريين بالداخل.

وشهد ميدان الجلاء بالجيزة حشودا مؤيدة للرئيس السيسى بترتيب من أعضاء مجلس الشعب والشورى ووزارات بعينها، وشهد الميدان مساء الاثنين تجمعات لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات وتقدم صفوف المسيرة الدكتور  محمد سامى عبد الصادق والدكتور أحمد رجب والدكتور محمود السعيد نواب رئيس جامعة القاهرة وعدد من عمداء ووكلاء الكليات بالجامعة والأكاديميين والطلاب وممثلى النقابات والأحزاب السياسية الموالية.

 ورفع المشاركون فى الاحتفالية لافتات وصور للرئيس السيسى وعلم مصر، مكتوب عليها كلنا معاك، معا لاستكمال التنمية، معا لاستكمال بناء مصر، كما ارتدى بعض المشاركين تى شيرت مطبوع عليه تحيا مصر.

كما احتشد المئات من المعلمين وأعضاء هيئة التدريس والعاملين بمديرية التربية والتعليم بالجيزة مرددين هتافات: "كلنا معاك"، "بنحبك يا سيسي"، "كمل يا ريس وإحنا معاك".

كما شهدت محافظة الإسكندرية مساء اليوم تنظيم وقفة حاشدة، داعمة للرئيس السيسي "لما حققه من إنجازات عظيمة خلال السنوات الـ 10 الماضية، مؤكدين أن الرئيس السيسي قاد مصر لبر الأمان ووضعها في مصاف الدول المتقدمة". وأوضح المشاركون أن مصر "شهدت مشروعات قومية ضخمة في كافة القطاعات، وأن الرئيس نهض بمصر ورفع من شأنها، وحقق إنجازات في المشروعات القومية لم تتحقق منذ سنوات طويلة".

وعلى أنغام أغنية تسلم الأيادي، احتشد الآلاف من أهالي الشرقية بمدينة الزقازيق أمام ديوان عام محافظة الشرقية لإعلان تأييدهم للرئيس، وقال النائب أحمد عبد الجواد نائب رئيس حزب مستقبل وطن، إن تجمع المواطنين في مختلف المحافظات هو دليل على دعم الشعب وثقته التامة في قدرة الرئيس على العبور بمصر إلى بر الأمان، واستعادة دورها الإقليمي والدولي كما يليق بمكانة مصر وعظمتها على مر التاريخ. وأكد القيادي في مستقبل وطن "أن الشعب المصري على قدر عال من الوعي لممارسة حقوقه السياسية، وأهمها التصويت في الانتخابات الرئاسية التي تعتبر من أهم الاستحقاقات الدستورية، والتى يقرر فيها الشعب ويختار رئيسه تحت مظلة ديمقراطية". 

 وشهد منطقة الاستاد بمدينة طنطا في محافظة الغربية توافد الآلاف من المواطنين من كافة ربوع المحافظة، رافعين أعلام مصر وصور للرئيس عبد الفتاح السيسي، ولافتات تدعم الرئيس السيسي في خوض الانتخابات الرئاسية "ليُكمل ما بدأ من إنجازات ملموسة على أرض الواقع شهدتها مصر خلال الـ 10 سنوات الماضية".

كما نظم أهالى مدينة السادات بالمنوفية، مسيرة حاشدة شارك فيها الآلاف لمطالبة الرئيس بـ "استكمال مسيرة الإنجازات"، حيث رفع المئات أعلام مصر وصور للرئيس السيسى، وسط هتافات "تحيا مصر" والأغاني الوطنية.

 وكذلك توافد الآلاف على ميدان 30 يونيو بمدينة المنيا، لإعلان تأييد الرئيس، حيث امتلأ الميدان عن آخره بمختلف الفئات العمرية، كما أن صور ولافتات الدعم للرئيس ملأت جوانب الميدان. كما تجمع الآلاف من مختلف المراكز يحملون لافتات دعم الرئيس السيسى والبعض يؤدى الأغانى الشعبية، وظهور المزمار والطبل البلدى فى احتفالات المواطنين داخل الميدان. 

وتكررت المسيرات في مدينة قنا، ومدينة العريش بمحافظة شمال سيناء وشقت مسيرة شبابية شوارع مدينة العريش ضمت أعدادا من الشباب وانطلقت المسيرة من أمام ملاعب وسط مدينة العريش بالساحة الشعبية وصولا لميدان الساعة حيث مقر الاحتفالات.

ولم يحظ أي مرشح باستثناء أحمد الطنطاوي بمسيرات شعبية، بينما تتعامل الحركة المدنية بحذر ، فهي من ناحية تطالب بضمانات تضمن نزاهة الانتخابات لم تتحقق في معظمها، ومن ناحية ثانية أبدى ثلاثة من قادتها نيتهم الترشح ، وحصل أحدهم على توكيلات برلمانية، وفشلت كل الجهود السابقة في التوافق على قائمة رئاسية تضم مرشحا واحد للرئاسة ونائبين له، وعلقت الحركة اتخاذ موقف نهائي إلى حين انتهاء معركة التوكيلات وانتقال مرشحيها الثلاثة أو أي منهم إلى خانة المرشح بدلا من "المرشح المحتمل".

وبعد إعلان الرئيس ترشيحه يغلق الباب أمام كل ماكان يقال سابقا عن المرشح المفاجأة، وأصبح من حق الحركة المدنية الحصول على ضمانات بنزاهة الانتخابات واتخاذ أجهزة السلطة موقفا محايدا والتعامل مع كل المرشحين على قدم المساواة.
------------------------------------
تقرير: فدوى مجدي وهيباتيا موسى
من المشهد الأسبوعية






اعلان